ينطلق هذا البحث من الشك في ما يعدّ بديهية لسانية وهو أن الدلالة لا تجمع بين المرجع والدال، بل بين الدال و المدلول كما في مذهب دي سوسير. فتساءلنا: إلى أي مدًى يمكن التسليم بهذه البديهية؟ فهل يغيب المرجع فِعْلا ويفقد حضوره بتكوّن العلامة؟ وهل يحيل المدلول إلى نفس الحقيقة الخارجية المعينة بالدال؟ وهل الحقيقةُ الخارجية واحدةٌ عند كل الناس؟ وقد أجبنا عن هذه الأسئلة من جانبين: الأول هو طريقة تحقق المدلول وقدمنا في ذلك تصورا لعمليات ذلك التحقق وفقا لما يقتضيه من القواعد المجردة التي تجري في الذهن. والثاني طريقة غياب المرجع عن المدلول فبحثنا عن نسبة هذا الغياب وعن مدى ارتسام المدلول في الذهن، وذلك من خلال جملة من القيم الحُكمية كالصدق والكذب والصواب والخطإ.