مدونة محمد كريم الساعدي


فلسطين والمسرح رؤية في خطابات ما بعد الاستعمار / الجزء الأول

أ.د محمد كريم الساعدي | Mohamad kareem Alsaadi


21/11/2024 القراءات: 136  


إنَّ تفكيك أطروحة الأستعمار سواءً بمعناه القديم (البريطاني والفرنسي ) الذي قسم الوطن العربي إلى دول في محاولة لأضعاف هذا البناء الكبير (الوطن العربي ) من خلال زرع كيان غاصب للأرض العربية في (فلسطين) ،أو بمعناه الجديد (الأمريكي) الذي دعم هذا الكيان الغاصب بمختلف أشكال الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي وغيرها ، وهذا الدعم الذي توضح في الحرب الأخيرة على فلسطين وطوفان أقصاها . لكن تفكيك هذه الأطروحة الاستعمارية بقديمها وجديدها تصدى لها الكثير من الداعمين للقضية الفلسطينية ، وبأدوات ووسائل مختلفة إعلامية وفنية وأدبية وثقافية لفضح الجرائم الصهيونية في الأرض المغتصبة ، ومن بين هذه الأدوات المهمة يأتي المسرح العربي عامة والعراقي خاصة من خلال تقديم عدد من النصوص والعروض المسرحية التي تناقش واقع الاستعمار بتوجهاته المختلفة ، وكذلك القضية الفلسطينية ، وهذا المنتج الفني الثقافي قد طرح القضية الفلسطينية بوصفها ظاهرة مهمة في المسرح العربي ولها تأثيرها في الواقع العربي . تأتي أهمية دراسة المسرح ودوره في القضية الفلسطينية على وفق رؤية في خطابات ما بعد الاستعمار ، وخاصة الجديد كون أن هذا الاستعمار عمل على تشكيل " حياة ما يزيد على ثلاثة أرباع شعوب العالم اليوم ، من خلال الخبرة الاستعمارية. وقد يكون من اليسير إدراك مدى أهمية هذه المسألة في المجالات السياسية والاقتصادية ، لكن تأثيرها العام على أطر إدراك الشعوب المعاصرة عادةً ما يكون أقل وضوحاً" (اشكروفت ، الرد بالكتابة ،2006، ص15.) ومن بين هذه المساحات الجغرافية والاجتماعية التي أثر عليها الاستعمار هي فلسطين ، هذه الأرض وهذا الشعب الذي تعرض إلى مختلف أنواع التغيير الثقافي والاجتماعي لهويته وأرضه ومجتمعه.
العرب ومسرح ما بعد الاستعمار
إنَّ استلهام التراث العربي في المسرحيات ما بعد الاستعمارية المناهضة للمستعِمر والأوضاع القلقة التي أوجدها وخططه الرامية إلى إسكات الصوت المقاوم ، وغيرها من الأسباب جعلت من كتّاب المسرح العربي يستخدمون أساليب التلميح والإشارة على الوضع الراهن من خلال مسرحيات تتناول أحداث مشابهة وقعت في التاريخ العربي والإسلامي ، ومن بين الكتّاب الذين وظفوا هذه الصورة في أعمالهم المسرحية الشاعر والكاتب المسرحي المصري (أحمد شوقي) الذي عرض في مسرحيته (علي بك الكبير) أو (دولة المماليك) حكم والي مصر الذي قاوم السيطرة العثمانية ، والذي وقع في فخ الخيانة الذي نصبه له مملوكه محمد أبو الذهب. وهذه الصورة مقاربة مع وضع مصر الحديث، (ينظر : هلال ، محمد غنمي : في النقد المسرحي ، ص95). كذلك تكررت فكرة الاقتباس من التاريخ عند الكاتب السوري (محمد الماغوط) الذي وظف شخصية (صقر قريش) ، ولكن هذه المرة بإعادة بعث روح هذه الشخصية التاريخية على المسرح تتساءل عن أمجاد الأمة وانتصاراتها في الأندلس وغيرها من بقاع المعمورة التي وصل إليها الإسلام ، وبشكل إيحائي- للدلالة على التفرقة والتجزئة التي أرادها المستعمر في خطابه الاستعماري وحققها على أرض الواقع -، ينطق مهرج (محمد الماغوط) بإجابات موجعة على تساؤلات (صقر قريش) بأن الأرض قد ضاعت وانجازاتكم وتضحياتكم لأجل رفع شأن الأمة ، قد تمكن منها من دحرتموه سابقاً (ينظر : محمود ، فاطمة موسى : قاموس المسرح ، ص1463 – ص1464). في إشارة واضحة إلى حجم التأثير الذي حققه الغرب ، فهو من جهة يذّكر بأهداف المستعمر ، ومن أهم دلالاتها التقسيم لإضعاف الأمة العربية الإسلامية ، ومن جهة ثانية يظهر (الماغوط) حجم التغلغل للسلطة الاستعمارية وتحقيق أهدافها ، وهنا يكمن وعي المؤلف في خطابه ما بعد الاستعماري ضد الأهداف الخفية للاستعمار الثقافي.


فلسطين ، المسرح ، الاستعمار


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع