مدونة هند سعيد أسود


تلوث المعلومات تعريفها ومصادرها

م.م هند سعيد أسود | Hind Saed Aswad


17/05/2020 القراءات: 5616  


تلوث المعلومات هو كل ما يفسد خواص المعلومات ويغير من طبيعتها من خلال دخول معلومات غريبة ليست بذات علاقة أو زائدة عن اللزوم أو غير مطلوبة وذات قيمة واطئة ويعني وجود وانتشار معلومات غير مرغوب بها في المجتمع وبكميات كبيرة بحيث تؤدي الى احداث تأثيرات عكسية على النشاطات البشرية والحياة الاجتماعية.
ان المعلومات غير المفيدة والضارة، هي ملوثات معلوماتية تسبب تأثيرات خطرة متعددة الابعاد، ويمكن ان تتعرض المعلومات بشكل عام والمعلومات الصحفية بشكل خاص الى بعض انواع التلوث الذي قد ينجم عن " التدفق الهائل للمعلومات الذي يشهده عصرنا اذ صارت المشكلة هي الافراط المعلوماتي او حمل المعلومات الزائد، فما يوفره الانترنيت من معلومات هائلة يمكن ان تصبح عائقا حقيقيا امام قدرة العقل المستقبل على استخلاص المعرفة من جوف هذا الكم السائل من المعلومات.
ومن هنا فأن الإشكالية التي تطرح نفسها اليوم في عالم كثرت فيه ما هو أخطر من حالات التلوث البيئي إلا وهو التلوث الفكري والاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي في العالم العربي، والتي تشكل بمجملها حالات مرضية مستعصية بحد ذاتها ومتداخلة ومتشابكة ومعقدة مع بعضها البعض لا تظهر نتائجها وانعكاساتها على المدى القصير من جهة، ولا تظهر خفايا هذا التلوث الفكري دفعة واحدة إنما تظهر بشكل تدريجي يصعب حصرها من جهة أخرى، وخطر هذا التلوث أنه غير محسوس لا يشعر به أحد لأنه غير مادي، وهو لا يصيب منطقة معينة بذاتها إنما ينتشر بمساحات كبيرة كونه سريع العدوى لاسيما ونحن ندرك حقيقة مهمة وهي أن التلوث الفكري سريع الانتشار بين الأفراد و يصل مباشرة وبصورة متسارعة وينتشر بطرق ووسائل أسرع من أي نوع من أنواع التلوث البيئي الأخر.
ولعل من أخطر أدواته ووسائله المساعدة على الانتشار الإعلام المرئي والمسموع والمقروءة وشبكات التواصل الاجتماعية والانترنت والاشاعة المغرضة وغير ذلك التي يصعب السيطرة عليها لاسيما في ظل غياب الواعز الديني والاخلاقي وتدهور القيم بسبب الافتقار إلى القوانين الرادعة وغياب المؤسسات المعنية التي تنظم العلاقة بين افراد المجتمع التي تحفظ وتصون الموروث الثقافي والاخلاقي للمجتمع.
ان مشكلة المعلومات اصبحت لا تنحصر في كم ما يتدفق من معلومات فحسب، بل ان هناك عناصر اخرى ساهمت بشكل او بآخر في حدة هذه المشكلة، ومن هذه العناصر نمو حجم النتاج الفكري و الاعلامي ، وتنوع مصادر المعلومات وتعدد اشكالها، والحواجز اللغوية او عدد اللغات التي تقدم بها المعلومات ، وتكاليف النشر المتزايدة وما نتج عنها من ارتفاع كبير في اسعار اوعية المعلومات ، وتأخر بث المعلومات من خلال قنوات الاتصال الرسمية او الاحجام عن تقديمها.
وعليه فأن غزارة المعلومات، وتدفقها بكمية هائلة قد يصبح مشكلة لا تقل حدة عن ندرتها مالم يتم التعامل معها بإيجابيه ومنهجية .
ومن هنا فأن التدفق المعلوماتي للصحافة جعل من بعض المعلومات عرضة للتشوه والتلوث سواء كان ذلك في المادة المعلوماتية المستخدمة في التحرير الصحفي او ما يتعرض له المحرر من تشويش معلوماتي في اختيار المعلومة المناسبة لمادته الصحفية او ما يتعرض له المستقبل من زخم هذه المعلومات وصعوبة التركيز عليها ، ذلك ان " تراكم المعلومات لا يعني زيادة المعرفة اذ ساد اعتقاد خاطئ انه كلما توفرت المعلومات وتراكمت زادت المعرفة ، لكن المعرفة يمكن لها ان تضيع في خضم المعلومات.
ان عصر المعلومات الذي نعيشه هو أكبر ملوث للمعلومات، فليست المشكلة في حجم وكم المعلومات الهائل ولكن في الافتقار إلى المضمون. 
ونحن اليوم في أمس الحاجة للعودة إلى الطبيعة في المجال المعلوماتي ، ونحتاج إلى تقييم خبرتنا واهتماماتنا والملوثات المعلوماتية التي بدأت في غزو حياتنا دون سابق إصرار، وبدأت تؤثر على إيقاعنا وتفكيرنا ، فهذه الطريقة في الحياة التي نعيشها وهذا الإيقاع السريع كما لو أننا نخدر أنفسنا، اذ ان معظم الناس تتجول في المحيط المعلوماتي من باب الفضول وليس للانفتاح على العالم أو لإشباع رغبات العلم والمعرفة بل لإشباع رغبات أخرى غير موجودة في تراث الشعوب العربية وشعوب المنطقة .
وهنا لابد من الاشارة الى احد النظريات التي تبحث في الكيفية التي يستقبل بها الجمهور المعلومات من الصحافة ويختزنها في ذهنه ومن ثم يطوعها ويستخدمها بما ينسجم مع رغباته وتوجهاته وهي نظرية المعالجة المعلوماتية اذ تقوم على فرضية مفادها ان الاشخاص لديها وجهات نظر منمطة ومترسبة عن بعض الافكار او الاشخاص او الاحداث التي تقع حولهم ، وهذه الصور الذهنية المترسبة في العقل والذهن تساعد على تفسير ما يدور في محيط الشخص وبيئته ، وايضا لدى الجمهور انطباعات مترسبة عن وسائل الاعلام او بعض القائمين بالاتصال من خلال المضامين التي يتحدثون عنها.


تلوث المعلومات، معلومات زائدة، تدفق المعلومات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع