مدونة أ. د. هادي صالح رمضان النعيمي


التربية بالقدوة من انجح الاساليب التربوية

أ. د. هادي صالح رمضان النعيمي | dr.Hadi Salh Ramadan Alnuaimy


05/05/2020 القراءات: 2676  


التربية بالقدوة
القدوة في التربية هي من انجح الوسائل المؤثرة في أعداد الولد خلقياً، وتكوينه نفسياً واجتماعيا.. ذلك لن المربي(الأب، المعلم) هو المثل الأعلى في نظر الطفل. والأسوة الصالحة في عين الطفل. يقلده سلوكياً. ويحاكيه خلقياً من حيث يشعر أو لا يشعر.. بل تنطبع في نفسه وأحاسيسه صورته القولية والفعلية والحسية والمعنوية.
من هنا كانت القدوة عاملاً كبيرا في صلاح الطفل أو فساده: فإن كان المربي صادقاً أميناً كريماً عفيفاً.. نشأ الولد على الصدق والأمانة والخلق والكرم والشجاعة والعفة.. والعكس هو الصحيح.
جاء قديماً في الشعر العربي ما يؤكد أهمية السلوك الوالدي في رعاية الأبناء وتطوير الشخصية خلال الملاحظة والأنموذج.

مشى الطاووس يوماً باعوجاج فقلد شـكل مشيتــه بنــــــوه
فقال: علام تنحرفون؟ قالـوا سبقـت به ونحـــن مقلـــدوه
فخالف سيرك المعوّج وأعــدل فأنـا إن عدلـــت معدّلـوه
أما تدري أبانا كل فـــــردٍ يجاري في الخطى من أدبوه
وينشأ ناشئ الفتيان منـــــا على ما كـان عوّده أبـوه

فالأبوان هما المسؤولان أولاً وأخيراً في إعداد الطفل على الإيمان والخلق والنضج العقلي والاتزان النفسي.. وتوجيهه إلى التزود بالعلوم النافعة..
رحم الله شوقي حين قال:
ليس اليتيم من انتهى أبواه من هم الحياة وخلّفاه ذليلا
إن اليتيم هو الذي تلقى له أمّاً تخلّت أو أباً مشغولا
إن الطفل مهما كان استعداده للخير عظيماً. ومهما كانت فطرته نقيةً سليمة.. فأنه لا يستجيب لمبادئ الخير. وأصول التربية الفاضلة ما لم يرى المربي في ذروة الأخلاق. وقمة القيم، والمثل العليا.. ومن السهل على المربي (المعلم) أن يلقن الولد منهجاً من مناهج التربية، ولكن من الصعوبة أن يستجيب الولد لهذا المنهج حين يرى من يشرف على تربيته. ويقوم على توجيهه غير متحقق بهذا المنهج، وغير مطبق لأصوله ومبادئه!.. ومن هنا قال أحد الشعراء العرب في المعلم الذي يخالف فعلهُ قوله:
يا أيها الرجُل المعلّم غيــرَه هلّا لنفسـك كان ذا التعليــمُ
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى كيما يصح به وأنت سقيــم
أبدأ بنفسك فأنْهَهَـا عـن غيّهــا فـإذا انتهت عنه فأنتَ حكيمُ
فهناك يُقبَل ما وعظت ويُقتــدى بالعلم منك ويَنفـع التعليــمُ
ولقد علم الله سبحانه وتعالى – وهو يضع لعباده المنهج السماوي المعجز – أن الرسول المبعوث من قبلهِ بأداء الرسالة السماوية لأمة من الأمم. ينبغي أن يكون متصفاً بأعلى الكمالات النفسية والخلقية والعقلية.. حتى يأخذ الناس عنه. ويقتدوا به. ويتعلموا منه، ويستجيبوا إليه. وينهجوا نهجه في المكارم والفضائل والخلق العظيم..
من أجل ذلك كانت النبوة تكليفية ولم تكن أكتسابية. لأن الله سبحانه أعلم حيث يجعل رسالته. وهو أدرى بمن يصطفي من البشر ليكونوا رسلاً مبشرين ومنذرين.. (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة).
(يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا).
ووضع الله سبحانه في شخص نبينا محمد عليه الصلاة والسلام الصورة الكاملة للمنهج الإسلامي، ليكون للأجيال المتعاقبة الصورة الحية الخالدة في كمال خلقه وشمول عظمته..
سئلت عائشة رضي الله عنها، عن خُلُق رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
فقالت: (كان خلقه القرآن).
إنها لإجابة دقيقة مختصرة شاملة، ضمت في معانيها منهج القرآن الشامل، ومبادئ الأخلاق الفاضلة.. حقاً إن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم). كان الترجمان الحي لفضائل القرآن، والصورة المتحركة لتوجيهاته الخالدة!. ويكفيه علية الصلاة والسلام فخراً وشرفاً وخلوداً أن يعلن عن نفسه، إن الله سبحانه صنعه على عينه، وأدبه فأحسن تأديبه.. ليكون دائماً كالعافية للأبدان، والشمس للأكوان، والبدر المتألق في بحر الظلمات. حيث قال (صلى الله عليه وسلم): (أدبني ربي فأحسن تأديبي). حيث لقب بالصادق الأمين. إذن لابد من قدوة صالحة لنجاح التربية، ونشر الفكرة، ولابد من مثل أعلى تنجذب لجماله النفوس.. ولابد من أخلاق فاضلة يستمد منها الخير. وتترك في الجيل أفضل الأثر. ومن هنا كان حرص النبي (صلى الله عليه وسلم) على أن يُظهر المربي أمام من يقوم على تربيته بمظهر القدوة الصالحة في كل شئ.. حتى يتطبع الطفل منذ نشأته على الخير، ويتحلى بالصفات الفاضلة النبيلة.


التربية - القدورة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع