مدونة العربي الطيبي


أيقظ العملاق القابع بداخلك

العربي الطيبي | Taibi Larbi


08/01/2024 القراءات: 908  


العملاق النائم

لقد منحنا الله عضوا ليس كباقي الأعضاء، عضوا خارقا بامتياز، قادر على خلق المعجزات، وأعي جيدا ما أقول، لقد منحنا عقلا وفضلنا به على سائر المخلوقات على هذا الكون، إن استطعنا تحريره من القيود التي تفرضها التقاليد والثقافات التي تؤثر، سلبا أو إيجابا، في بنياتنا التكوينية منذ الصغر، وقيود البيئة المجتمعية والأسرية للفرد، إن استطعنا كسر الطابوهات المحرمة والممنوعة، فحتما يستطيع عقلنا خلق المعجزات وغزو العبقرية.
فمن أجل تحرير طاقة العقل الكلية، وإعمال الجزء الكبير، ولا نقول الكل، من المادة الرمادية، فإننا حتما سنصل لأشياء يعجز العقل نفسه عن توقعها وتصورها، وسنكتشف ذاتا غير ذاتنا، وأول من ندهش أنفسنا قبل الاخرين، سنستطيع إيقاظ العملاق القابع في دواخلنا وإخراج قوتنا الخفية الكامنة في عقلنا الباطني، سنقف مشدوهين أمام ما نحققه من انتصارات، لحظية وأبدية، ولن يتأتى هذا بالكسل والخمول القاتلين، ولا بالتمني وإغراق الذات في الخيال القاتل والوهم، فمن سهر الليالي لا يصل المعالي بين عشية وضحاها، وإنما تشبع بالتحدي والعزيمة ورضع الصبر حليبا مرا، سقط مرارا ونهض بابتسامة جديدة وقوة أكبر، أحلكت الدنيا في عينيه كثيرا وما استكان، تجرع الأنين صمتا وعاش الألم طويلا، لن يصل المعالي ما لم يتجرد من ذاته ويجابه عراقيل الحياة والمجتمع بصدر عار وقلب صلد وثقة بالنفس تقترب لحدود الغرور، وشرب من كأس التفاؤل حتى ارتوى، فالمجد لا يأتي بالخلود نوما حتى المساء أو الانزواء في زوايا الإهمال بعد كل عقبة أو إرهاق، ولا بانتظار أن تمطر السماء ذهبا أو فضة، ولا بالأحلام الوهمية والتنبؤات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وإنما بنكران الذات والعصامية وتذليل العقبات مهما صعبت، فالمجد والنجاح في هذه الحياة، وخاصة في القرن الواحد والعشرون حيث صارت الأجيال تصنع حسب الحاجة عبر الوسائل الإعلامية والمنظومات التعليمية التي تخدم بالأساس جهات معينة وأهداف موجهة، يتطلب منا الكفاح بكل ما لكلمة كفاح من معنى، نكافح ضد ذواتنا أولا، بكل قوة، وأن لا نستكين للعراقيل مهما تلونت، فالحياة ليست سعادة دائمة، فنحن لسنا بالجنة، علينا أن نقاوم ونشعر بمرارة الألم والسعادة معا، علينا أن نقاوم ونقاوم، و أن نكافح في وجه ظلام الأيام الحالكة وترسبات الدين الموروث والثقافة السائدة.
إن صناعة الإنسان لا تعدو أن تكون صناعة ميكانيكية آلية، تعتمد مواد أولية طبيعية وتمر عبر وسائل إنتاج لتعطينا كمنتوج نهائي إنسان بمواصفات محددة سالفا، بل يستلزم الأمر سنوات وسنوات من التضحية الحقة وتطوير الذات والصراع الأبدي نحو التحرر من شرعنة الفشل وحكاية القدر والإيمان المطلق بالقوى الخفية الكامنة في الروح الإنسانية والتي تتمثل في وجود العقل كمحرك لكل حركة تساهم في النجاح والفلاح.


العزيمة- الإرادة - الرغبة-التحدي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع