مرتكزات الإصلاح الإجتماعي في فكر المفكر مالك بن نبي (رحمه الله)
22/05/2020 القراءات: 4161
يمثل مالك بن نبي أحد أبرز علماء الفكر الإسلامي في القرن العشرين حيث ولد مالك بن نبي في 5 ذو القعدة 1323هـ سنة 1905م بمدينة قسنطينة شرق الجزائر ، ولقد كان له دور كبير في إغناء الساحة الفكرية بالعديد من الطروحات المهمة ولازالت محط إهتمام من قبل الباحثين والمهتمين ، وفي هذا المقال البسيط سوف أتناول مرتكزات الإصلاح الإجتماعي وفق رؤيته .
تمثل مسألة الإصلاح الإجتماعي في وقتنا الحالي هدف تطمح لتحقيقه مختلف الدول في ظل ماتمر به مجتمعاتنا اليوم ، ولو رجعنا لتراثنا الإسلامي لوجدنا العديد من النظريات التي إهتمت بهذا الجانب وتناولته بشكل دقيق ومن بين هؤلاء هو مالك بن نبي (رحمه الله) .
لقد وضع مالك بن نبي العديد من المرتكزات التي يرى أنها أساسية في وضع الإستراتيجية الحقيقية لإصلاح المجتمعات ويمكن إجمالها بالآتي :
- التنظيم والتوجيه الهادف للمعرفة : إذ يعتقد أن التطور العلمي في المجتمع، لا يتوقف على مجرد القدرة على اكتساب المعرفة العلمية كمعلومات وأساليب، بل لابد من توافر المناخ الذي يساعد على منح الروح العلمية التي تحرك الشعور لتقبل العلم وتبليغه في آن واحد، فالتطور العلمي لا يناط بالمعطيات العلمية فحسب، بل بالتنظيم والتوجيه المدروس لها، فالتوجيه حسب اعتقاده يجنبنا الإسراف في الجهد و في الوقت، إذ إن هنالك الكثير من العقول المفكرة صالحة لأن تستخدم في أحسن الظروف الزمنية والإنتاجية المناسبة لكل عضو من أعضائه وحين يتحرك المجتمع في إطار المنظومة الدينية فأنه سوف يحقق الأهداف المنشودة ، إذ إن عملية التوجيه ليست أمرا يتم بطريقة آلية وإنما هي عملية مقصودة، لكي يحقق المجتمع أهدافه التي يرجوها وينشدها لنفسه ولأفراده.
- الأخلاق والإصلاح الإجتماعي : تمثل القيم الأخلاقية ركيزة أساسية للإصلاح الإجتماعي ، إذ إنها تلعب دوراً فاعلاً في قيام المجتمعات وتطويرها وإصلاحها ، وإن بناء الأفراد والمجتمعات لايمكن أن يتحقق دون أساس أخلاقي ، وإن فاعلية المجتمعات تزيد أو تنقص بمقدار مايزيد فيها من تأثير الأخلاق أو ينقص ، وذلك كون الأخلاق شرط أساس في تنظيم العلاقات الإجتماعية بما يتناسب مع المصلحة العامة ، إضافة الى أنه جعل الأخلاق عنصر هام في توجيه العلم وتحصين الفكر وذلك كون العلم اذا جرد من الاخلاق تحول الى آلة تستعبد الإنسان وتجعله عنصر مدمر أكثر من كونه مصلح .
- التجديد سنة كونية وضرورية لتطور المجتمعات : إعتبر مالك بن نبي بأن الفرد عنصراً أساسياً وفعّالاً في المجتمع، والمجتمع يؤثر تأثيراً كبيراً في أفراده في حالة نمائه وازدهاره وفي حالة فساده وانحطاطه فالتجديد الحضاري ليس مرتبطا بأرض ما أو جنس ما أو لغة ما بل هو ظاهرة إنسانية تقوم حيث يعيش الإنسان وإذا ما غابت موانعها وتوفرت لوازمها وشروطها، هذه الظاهرة تتكون عندما يشرع الإنسان في تغيير ما بداخل نفسه ليغير ما في خارجها بعد ذلك، بحيث تتغير أفكاره وأخلاقه ومشاعره وعاداته وآماله وغاياته ، وهذه الفكرة إستمدها من القرآن الكريم .
- التغيير أساس الإصلاح والتقدم :. يفترض أن التغيير سمة أساسية للإصلاح والتقدم فتغيير الأفكار والنظم والخطط تصنع التطور والإصلاح في المجتمع إذ يرى أن ذلك يتم بثلاث مراحل هي : التغيير في مجال النفس أولاً ثم المحيط الخارجي ثانياً والإعتماد على القدرات ثالثاً ، وهذا يشترط بالمجتمع القدرة على الإبداع والقدرة على الإنتاج، وليس بالتكديس والاستيراد من الخارج بل على البناء التدريجي ، وأن تنتج الحضارة منتجاتها بذاتها لا العكس، لأن العكس يستحيل منطقياً ومادياً ويغرق المجتمع في الشيئية من جهة وفي المديونية والتبعية الحضارية من جهة ثانية .
- الافراد هم الأساس في صنع الإصلاح الإجتماعي :
يرى إن أساس بناء وصلاح المجتمع يقوم على ثلاث عناصر هي : ( الإنسان ، التراب ، الزمن ) وهي لاتكون فاعلة إذا لم يتم ربطها بالدين ، كونه يساهم في توضيح أسس هذه العلاقة ، فالفرد إذا تفاعل مع هذه الأشياء بطرقة صحيحة أصبح عنصراٌ مصلحاً ومنتجاً وإذا كان تفاعله سلبياً تحول الى أداة لتخريب المجتمع .
- سيادة القانون محور الإصلاح الإجتماعي :
يرى مالك بن نبي ان الازمة السياسية تنبع من الازمة الاجتماعية و اصلاح السياسة يكون محصلة لاصلاح الوسط الاجتماعي وهذا يتم من خلال تفعيل القانون فكل شئ في العالم قائم على قانون ينظم العمل والعلاقات الإجتماعية ، فالقانون هو الذي ينظم الفرد والمجتمع والعلاقة بينهما وهذا يؤكد أهمية الشريعة الإسلامية في الحياة .
- الطاقة البشرية عنصر النمو الحقيقي للمجتمعات :
جعل "مالك بن نبي" العقل بأنه الطاقة البشرية الكامنة المتحركة والمتحررة والمنتجة في عالم الأفكار وفي عالم الأشياء، وفي عالم الثقافة و الحضارة، وهي طاقة متفجرة بإستمرار ويبرز ذلك بالإبداع الفكري الذي تشهده البشرية ، ويمثله بأصحاب كل حضارة من الحضارات التي عرفها تاريخ الإنسانية، ومنهم مؤسسوا الحضارة الإسلامية الذين تأثروا وأربوا وأبدعوا وأثروا فتحضروا لما أخذوا بأسباب التحضر وهي المهمة والرسالة والأمانة الملقاة على عاتق المسلم المعاصر .
إضافة لطرحه لمرتكزات إصلاحية مثل اهمية الوقت والإعتماد على الذات وغيرهما وهذا يوضح مدى أهمية الإسلام في إصلاح المجتمعات والحضارات ، ويجعلنا نفخر بعلمائنا ومفكرينا أسال الله أن يرحمهم جميعا.....
مالك بن نبي ، الإصلاح الإجتماعي
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف