عنوان المقالة:رباعية الإنسان والنسيان والموت والخوف:
امصنصف كريم بن محمد | Msansaf Karim ben mohammed | 18557
- نوع النشر
- مجلة علمية
- المؤلفون بالعربي
- كريم امصنصف
- الملخص العربي
- رباعية الإنسان والنسيان والموت والخوف: كلنا ذلك الرجل الخائف حتى الموت، من الموت طبعا. نعم، كلنا يخاف. منا من يخاف المرتفعات، ومنا من يخاف الأماكن المفتوحة، ومنا من يخاف الأماكن الضيقة والمغلقة، ومنا من يخاف من الأماكن المزدحمة، ومنا من يخاف الوحدة، ومنا من يخاف الظلام، ومنا من يخاف المستقبل، ومنا من يخاف الهرم، ومنا من يخاف المجهول. لكن، من منا لا يخاف الموت؟! نعم، كلنا نخافه. لماذا ؟! لأنه لا يفرق بين رجل وامرأة، كبير وصغير، سليم وسقيم، غني وفقير، عالم وجاهل، حاكم ومحكوم، كلنا سواسية أمامه، فلا يوجد قاض أعدل منه، لذا نهابه ونتناساه، لأنه يقضي علينا. فهو كالنسر القابع أمام أنظار فريسته ينتظر أن تلفظ أنفاسها الأخير لينقض عليها. نعم، إن الموت حقيقة سافرة قابعة أمام أعيننا طيلة الوقت، مهددة حياتنا، ومنغصة سعادتنا، ورغم ذلك نخدع أنفسنا ونتناسها حتى لا تفسد عيشنا، كما تتجاهل أعيننا أنوفنا فلا نرى منها إلا الأرنبة عندما نتذكر أن لنا أنفا. وكما أن الطريقة الوحيدة لرؤية الأنف هي رأيته ملتصقا في وجه الغير، فكذلك الموت، الطريقة الوحيدة لتذكره هي عندما يحدث للغير، ورغم أننا نسمع أو نقرأ عن موت فلان وقد نشاهد موت علان، إلا أننا سرعان ما ننسى الموت، لا، بل نختار أن نتناسى الموت، وندير له ظهورنا كالنعامة التي تدفن رأسها في الأرض هربا من الخطر، لماذا؟! لأنه مرعب ومخيف، ولا يمكن الفرار منه بحيلة أو رشوة أو محسوبية أو زبونية. تصور معي هذا الموقف؛ فجأة تفقد وعيك، وفجأة تستيقظ، لتجد نفسك وحيدا في مكان؛ مغلق ضيق ومظلم – إنه ثالوث الرعب - ، تسمع أصواتا أتية من الأعلى، فتصرخ من أعماقك [كما لم تصرخ من قبل] طالبا النجدة، لكن ما من مجيب. تدرك أنك ميت، لكنك ما زلت خائفا. أليس نهاية الخوف هو الموت؟! لا. أليس للخوف نهاية؟! بلى، لكنه حتما ليس أن تلقى حتفك رغم أنفك. إذن، إذا كان الموت ليس هو سيد مخاوفنا فمما نخاف حقيقة؟! نخاف المجهول طيلة حياتنا، وحتى بعد مماتنا. فنحن لا نخاف المرتفعات، ولكن نخاف مما قد يحدث وهو أنه قد نسقط فجأة ونموت. ونحن لا نخاف الأماكن المفتوحة حقيقة، ولكن نخاف أن تنشق الأرض وتبتلعنا وكأننا في المستنقعات. ونحن لا نخاف الأماكن الضيقة، ولكننا نخاف أن نحشر فيها فنعلق حتة نهلك. ونحن لا نخاف الأماكن المغلقة، ولكن نخشى أن نسجن فيها حتى الموت صبرا. ونحن حتما لا نخاف الأماكن المزدحمة، ولكن نخاف أن نسقط أرضا فنموت دهسا، أو أن يتكالبوا عليك فتقتل. أما الخوف من الوحدة والظلام؛ فلأنهما يثيران الخيال الذي يجسد لنا المجهول في أبشع صورة [وصدقا إنها صادمة كالصفعة على الخد]، وأما الخوف من الهرم والمستقبل؛ فلأنهما يمثلان المجهول في أقرب صوره، إذ لا ندري ماذا سيفعل بنا؟! نسأل الله حسن الخاتمة، والنجاة: فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض. فالموت ملح الحياة، تذكره قليلا يعطي نكهة للحياة، والإكثار من ذكره يفسد لذتها، فهو عظة وعبرة وتذكرة. عباد الله تذكروا هادم اللذات، فكل نفس ذائقة الموت. وإنما البقاء والدوام لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
- تاريخ النشر
- 21/08/2017
- الناشر
- ملتقى أهل التفسير
- رقم المجلد
- 1
- رقم العدد
- 1
- الصفحات
- 1
- رابط خارجي
- https://vb.tafsir.net/tafsir53751/
- الكلمات المفتاحية
- تفسير علمي,عقيدة,خواطر