مدونة ا.د / عبد السلام خالد


قراءة سيكولوجية في طبيعة العقل الاستعماري الغربي

أ.د عبد السلام خالد | Pr: Abdeslam Khaled


08/04/2022 القراءات: 2144  


نحاول في هذا المقال الموجز ابراز بعض الخصائص التي تميز العقل الغربي الاستعماري ونظرته إلى الشعوب الأخرى، استنادا الى السلوكيات و الممارسات الفعلية الميدانية التي قام ويقوم بها السياسيون في الدول الغربية الاستعمارية عبر كل مراحل تاريخه. وهي خلاصة الملاحظات والقراءات التي تم تسجيلها من خلال متابعتنا للاحداث المتراكمة لهذه الدول في مختلف مناطق العالم وخاصة في عالمنا العربي والاسلامي من طانجا الى جاكرتا. وسنعرضها على شكل خصائص لتسهيل فهمها ومناقشتها. بحيث يمكن الاستشهاد لكل خاصية بمجموعة من الاحداث كلما امكن رغم ضيف المساحة للتفصيل.
وعليه نجد أن أهم القواسم المشتركة التي تميز طريقة تفكير الدول الاستعمارية وسلوكاتها المتكررة عبر كل مراحل التاريخ غلى يومنا الحالي ما يأتي:
- سلوك الإبادة الجماعية للشعوب المستعمرة.
ـ سياسة الأرض المحروقة للقرى والمدن التي تناهض سياساتها وتقاومها.(الجزائر، فلسطين، العراق، سوريا، ليبيا...).
ـ مصادرة الأراضي والممتلكات والثروات للشعوب المستعمِرة (دول امريكا اللاتينية وإفريقيا.....)
ـ الاستيطان بعد تهجير اهلها الأصليين ( الهنود الحمر ـ الفلسطينيين الجزائريين والسوريين، العراقيين...)
ـ العنصرية والهمجية والوحشية في التعامل مع الشعوب غير الغربية وهو ما انكشف بشكل مفضوح خلال الحرب الروسية الاوكرانية.
ـ العدوانية والدموية ضد الشعوب المستعمرة، باستعمال كل انواع الأسلحة الفتاكة (الجزائر خلال الاحتلال الفرنسي، العراق، أفغانستان، ليبيا سوريا...وغيرها) دون رادع ولا تنديد للهئيات الاممية ولا لمنظمات حقوق الانسان الدولية.
ـ النفاق وازدواجية المعايير في التعامل مع الشعوب والمجتعات غير الغربية في كل القضايا عبر التاريخ خاصة في مجال المرافعة لصالح حقوق الانسان والجرائم ضد الانسانية (تستثنى منه كل الدول الاستعمارية الغربية عن كل الادانات والاتهامات والعقوبات الدولية).
ـ اللا دينية والا أخلاقية في التفكير والتصرف مع غير الانسان الغربي ي الهوية المسيحية اليهودية، مع عبادة المصالح.
ـ المكر والخداع السياسي، الاعلامي، الاقتصادي والعسكري. لا يحفظ العهود ولا يعترف بالمواثيق ولا بالقوانين ولا بالقيم الاخلاقية ولا بالروح الانسانية عندما يتعلق الآمر بمصالحه ونزواته في الهيمنة والنفوذ والسيطرة على كل ثروات وخيرات العالم وعلى القرار الدولي. (راجع كتاب نعوم تشومسكي موسوم: الهيمنة ام البقاء محاولة امريكا الهيمنة على العالم).
ـ استعمال الكذب والكذب والكذب إلى أقصى الحدود في كل المعلومات و الأخبار التي ينشرونها حتى يصدقهم الناس.
ـ الحقد واللاتسامح مع من ينافسهم ويختلف معهم أو يقف معهم ندا للند . (كم من دولة حطمت ودمرت نتيجة الحقد والضغينة لأنها تقول لهم لا لسياساتكم ولا لعبوديتكم واستراتيجياتكم). حيث يعمل على تحطيم كل من يحاول منافسته أو معاملته نديا. كما هو الان بالنسبة لبروز الصين وروسيا ودول البريكس او مجموعة شنغهاي و(راجع كتاب بريجنسكي: رقعة الشطرنج) لفهم كيف يفكر المنظرون الجيواستراتيجيون الغربيون لاحتكار الهيمنة على العالم ومنع نشوء قوى أو اقطاب دولية او اقليمية منافسة له.
أما من حيث الخصائص العامة للعقلية الاستعمارية الغربية نجد ما يأتي:
ـ التكبر والتعالي على الشعوب التي لا تنتمي إلى الحضارة الغربية المسيحية اليهودية. فقد قال جولز هارماند أحد أعمدة مهندسي الاستعمار الفرنسي: "من الضروري إذاً أن نقبل كمبدأ، أو أساس، للانطلاق في البحث أن هناك: تسلسلا هرميا من الأجناس والحضارات، وأننا ننتمي إلى العنصر الأسمى والحضارة الأرقى... وأن المبرر القانوني الأساسي لإخضاع الشعوب الأهلية (المواطنون الأصليون للبلاد المفتوحة) هو الإيمان بأفضليتنا (عليهم)“.
ـ لا يؤمن بالصداقة بل يسلم بمبدأ (الغاية تبر الوسيلة) صداقته للدول مبنية على حسابات مصلحية مؤقتة وقد اظهروها خلال السنوات العشرة الاخيرة في
دعواتهم المزيفة فيما يسمى أصدقاء أفغانستانو ليبيا وأصدقاء سوريا وغيرها لتوظيف تلك الشعوب المغفلة بشعارات براقة لتحطيم بلدانها وتحقيق مصالح وحسابات جيواستراتيجية كبرى تخفيها عن النقاش السياسي والاعلامي.
ـ الانتهازية في كل سياساته واستراتيجياته. ولا يؤمن بالمبادئ بل يسلم بالمصالح في كل شيء.
ـ التعصب لثقافته وحضارته وقيمه ولا يعترف بثقافات وقيم الشعوب الأخرى، ولا يؤمن بالتعدد الفكري والحضاري بل يعمل على العولمة والعولبة للعالم في قالب صقافي وحضاري أحادي الاتجاه تذوب فيه كل المجتمعات والحضارات (بمنطق صموئيل هننغتون وصدم الحضارات، او منطق فوكوياما نهاية التاريخ وهيمنة الرأسمالية الغربية على العالم).
ـ عندما يقتل ويدمر ويفجر مدن وقرى ويرتكب مجازر مروعة ضد الشعوب المستعمرة كما يحدث في فلسطين ولبنان والعراق وأفغانستان وليبيا والصومال وسوريا يسكت ويتجاهل إعلامه ويبرر او يلهي بموضوعات هامشية، او تفتعل احداث جانبية للتركزي عليها كاستراتيجية للالهاء. بينما عندما يقاومه اهل البلد ويوقفه عند حده يوقتل جنوده يتحرك اعلامه ويهول ويروج لمجازر ضد الإنسانية او يفبرك مجازر لقلب الحقائق ونسبها للضحية. راجع كتاب السيطرة على الاعلام لنعوم تشومسكي).
ـ تلجأ الى الحروب بالوكالة باستعمال جماعات جهادية كما في أفغانستان، كوسوفو، العراق، سوريا بحيث يوظفها ويسلحها ويدربها ويؤطرها وينادي أصحابها بالمجاهدين او الثوار في حين التنظيمات الفلسطينية التي تدافع عن حقها في الوجود ضد همجية اسرائيل يسميه ارهابا، وعندما يواجه مرتزقتها وتحبط مخططاتهم واعمالهم الاجرامية يصرخون بإعلامهم ويفبركون صورا وأفلاما وكأن الدنيا قد قامت والبشرية قد أفنيت وعلى الجميع تحمل مسؤولياته.
ـ يزرع الفتن ويغذي الكراهية والنعرات بين مكونات شعوبنا، عرقيا، ثقافيا ولغويا، مذهبيا ودينيا بطرق مكرة وخبيثة .
ـ يعمل على تقسيم وتفكيك الشعوب والدول التي تقف حجرة عثرة امام مصالحه وسياساته ومشاريعه الاستعمارية لإضعافها.
فهل نتعلم من أخطائنا ونستفيق من غفلتنا؟ للنقاش والنقد والاثراء


قراءة ـ سيكولوجية ـ طبيعة ـ العقل ـ الاستعماري ـ


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع