خطورة النَّمِيْمَة وأثرهَا علَى الفَرْد والمجْتَمَع
د صالح علي ناصر الخدري | saleh ali nasser alkhadri
05/02/2023 القراءات: 1756
عَنْ حذَيفة بن اليَمَان رضي اللهُ عنه قال: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: " لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ نَمَّامٌ"، صحيح مسلم 105.
الفوائد:
1/ حثّ الإسلام على الاخُوَّة والألفة بين المسلمين؛ ودعا إلى تقوية علاقات النَّاس ببعضهم؛ والالتزام بالمعاملات الحسنة المبيَّنة في القرآن الكريم والسُّنَّة المطهَّرة على صاحبها أفضل الصَّلاة وأزكى السَّلام، من ذلك قول الله تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ سورة آل عمران، الآية: 103، قال القاضي عياض: [ أمر بالاجتماع والألفة، وهي إحدى دعائم الشريعة، ونهى عن الفرقة والاختلاف] إكمال المعلم بفوائد مسلم5-568، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تَباغَضُوا، ولا تَحاسَدُوا، ولا تَدابَرُوا، وكُونُوا عِبادَ اللَّهِ إخْوانًا، ولا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أخاهُ فَوْقَ ثَلاثَةِ أيَّامٍ" صحيح البخاري 6065، صحيح مسلم 2559، كما منع مِن كلِّ فعلٍ أو قولٍ يسَاعد في تمزيق المجتمع؛ ومن ذلك السَّعي بين النَّاس بالنَّميمة للإفساد بينهم؛ والتي تُعَدُّ مِن أعظم أسباب هدم المجتمعات والبيوت؛ ومنها الإفساد بين الزَّوجين؛ والإفساد بين العلماء وطلاب العلم، وقد ورد في الحديث عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: إنَّ مُحَمَّدًا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: " أَلا أُنَبِّئُكُمْ ما العَضْهُ؟ هي النَّمِيمَةُ القالَةُ بيْنَ النَّاسِ "صحيح مسلم 2606، قال ابن عثيمين: [ والعضة من القطع والتمزيق، ومنه قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ﴾ سورة الحجر، الآية: 91، يعني قِطَعا وأجزاء، يؤمنون ببعضه ويكفرون ببعضه، فما هي الأداة المفرقة للأمة الإسلامية الممزقة لهم، قال هي النميمة، أن ينقل الإنسان كلام الناس بعضهم في بعض، من أجل الإفساد بينهم، وهي من كبائر الذنوب] شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 6/ 147.
2/ ولتأكيد خطورة النَّميمة وأثرها السَّلبي الكبير على حياة النَّاس، وبيان حال المتلبِّس بها، وبيان قدْره ومكانته في الدنيا والآخرة؛ [ نهى الله تعالى أن يطاع مثل هذا الرجل، قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ، هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ﴾ سورة ن، الآية: 9 - 10، وقال بعض أهل العلم من نمَّ إليك الحديث نمَّه منك، يعني من نقل كلام الناس إليك فإنه ينقل كلامك أنت، فاحذره ولا تطعه ولا تلتفت إليه]شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 6/ 147، وقد حذَّر النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم منْه ومن فعله؛ وبيَّن ما يؤول إليه أمره، من ذلك ما ورَد في الحديث السَّابق أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قال: " لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ نَمَّامٌ " صحيح مسلم 105، وفي رواية " لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتّاتٌ" صحيح البخاري 6056، صحيح مسلم 105، وروي عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما أنَّه قال: مرَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على قبرينِ فقال: " إنَّهما ليُعذَّبانِ وما يُعذَّبانِ في كبيرٍ، ثمَّ قال: بلى؛ أمَّا أحدُهما فكان يسعى بالنَّميمةِ، وأمَّا الآخَرُ فكان لا يستنزِهُ مِن بولِه " صحيح البخاري 1378، صحيح مسلم 292.
3/ النَّميمة لا تنْشأ إلا عن ضعفِ إيمانٍ، وقلبٍ مشُوْب بالغلِّ والحقْد والحسَد، فالنَّمام لا يرضى لغيره أن يكون على خير حال، أو أنْ تتيسَّر له أمور نافعة في دنياه، أو أنْ يملك علاقات طيِّبة مع غيره؛ سواء في مكان عمله، أو في أهله وعشيرته، أو مع أبناء مجتمعه، لذلك يجد راحته في الإفساد بين الصَّديقين، أو التَّفريق بين الزَّوجين، أو التَّحريش بين العامِلِيْن في مؤسَّسة من المؤسَّسات، فما أسوأ وأقبح هذا الخلق، وما أسوأ وأقبح مَن تَخَلَّق به، حين لا يهنأ له بال إلا بإيذاء غيره، وإدخال الحزن عليه، وإفساد علاقة شخص بمن يسْعد بصحبته أو العيش معه فيما هو مشروع له، لهذا توعَّد الله مَن هذا حاله فقال سبحانه: ﴿ وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾ سورة الهمزة، الآية: 1، قال بن عباس رضي اللهُ عنهما: [ هم المشَّاءون بالنَّميمة، المفرِّقون بين الأحبَّة] تفسير البغوي 8/ 526، وقال عليه الصلاة والسلام: "إنَّ شَرَّ النَّاسِ ذُو الوَجْهَيْنِ، الذي يَأْتي هَؤُلَاءِ بوَجْهٍ، وهَؤُلَاءِ بوَجْهٍ" صحيح البخاري7179، صحيح مسلم2526، قال القرطبي: [ يعني به الذي يدخل بين الناس بالشر والفساد، ويواجه كل طائفة بما يتوجه به عندها مما يرضيها من الشر، فإن رفع حديث أحدهما إلى الآخر على جهة الشر فهو ذو الوجهين النمام] المفهم 6/ 589.
اللهُمَّ اهْدنَا لأَحسَن الأخْلاق والأفعَال والأقْوال لا يهْدي لأَحسنِها إلا أنْت، واصْرف عنَّا سيِّئَها لا يصرف سيِّئَها إلَّا أنْت.
خطورة- النميمة- الفرد- المجتمع
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع