منهج ابن خلدون في كتابه التاريخ
جميل ابراهيم منديل | Jameel Al Mandil
09/11/2024 القراءات: 118
((كان مصدر اشعاع حضاري على الامم المتقدمة ومنها دول الغرب كافة ....تاريخ ابن خلدون...تاريخ تطور الشعوب أو مساعدة الشعوب على التطور والتقدم الحضاري أو رسم خرائط وسائل التطور والتحضر))
1: النظر إلى الروايات التاريخية بعين النقد والتنقيح وعدم التسليم لما نقله أهل التاريخ في كتبهم، بل الأمر قابل للنقد والتصويب والتصحيح مع التأكيد على أسباب الوقائع ومراعاة الأحوال التي جاءت الحادثة التاريخية في سياقها.
وذكر أن سبب وجود الروايات الواهية في كتب التاريخ هو التقليد ودخول من ليس أهلا لهذا العلم إلى حياضه وأروقه، وكذلك وجود الوهم والغلط في نسبة الحوادث التاريخية.
2: ذكر أن المسعودي والواقدي أصبحوا قدوة في كتابة التاريخ كمنهج وأن كافة أهل التاريخ قبلوا نقولات هؤلاء مع وجود المطعن والمغمز في كثير مما ذكره هذان المؤرخان، وأشار أنه سوف يمحص ما يجيء عنهما بقوله: «والنّاقد البصير قسطاس نفسه في تزييفهم فيما ينقلون أو اعتبارهم» «تاريخ ابن خلدون» (1/ 7).
3: الاعتماد في كتابة التاريخ على الآثار الموجودة وهذا منهج حديث معتمد، بل قد يعد المنهج الوحيد المقبول في الدراسات العالمية التاريخية على وجه الخصوص، قال ابن خلدون: «تاريخ ابن خلدون» (1/ 7).
«فللعمران طبائع في أحواله ترجع إليها الأخبار، وتحمل عليها الرّوايات والآثار»
وبالقيد الأخير الذي ذكره ابن خلدون أن تحمل الروايات والآثار على العمران الموجود أمام العين أيضًا أخذ به الغرب فهم يعتمدون على العهد القديم والجديد في إثبات الكثير من الوقائع التاريخية مع انعكاس ذلك إلى الاثر المادي الملموس.
إذن يعد ابن خلدون مؤسس علم التاريخ المعاصر الغربي أو العالمي.
4: التأكيد على كيفية نشأة الدول وتطوره، وأن لا ينظر إلى أحوال الامم السالفة في الوقائع التي دونت عنها على أنها مواد جامدة، بل هي حالة حركية تنبض بالحياة بتنوعاتها الحضارية، وهذا يعني أن التاريخ ليس رسوم وخطوط، بل هي صور ومقاطع متحركة تنبض بالمشاعر والاحاسيس والعلاقات الاجتماعية.
يمكن أن نعد أن ابن خلدون مؤسس التاريخ المصور/ أو الارشيفي.
أي أن بين علم التاريخ وعلم الاجتماع تلاقي واتفاق في غالب الأصول فالتاريخ لا نستطيع فهمه وفهم الشعوب التي دونها هذا التاريخ دون الاستعانة بعلم الاجتماع الذي هو وعي الشعوب أو تاريخ حياة الشعوب.
5: كتابة التاريخ بشكل سجل شخصي لأفراده مع ذكر اسمائهم وأيام تواجدهم لا يعد من التاريخ بشيء بل هو خارج عن نسق المؤرخين.
لأن التاريخ حالة تفاعلية بين الفرد والمجتمع الذي حوله.
6: الاعتماد في كتابة التاريخ على ذكر أسباب العمران الذي قامت عليه الدول أي أن التاريخ يبدأ مع العمران.
وهذا تاريخ حضارات الشعوب ودرجة رقيها وقد اعتمدت الدراسات العالمية الحديثة هذا المنهج بأن الدول المتطورة هي التي يبدأ من عندها كتابة التاريخ.
7: ليس المقصود من اعتماد العمران ترك كتابة تاريخ الطبقات الاجتماعية الاخرى التي هي خارج هذا العمران، بل ميزان التحضر يعتمد على العمران، لأن هؤلاء هم القدوة لأهل البر والبادية في العيش وترتيب وسائله.
وكل ما ذكرته يلخصه الأمام ابن خلدون بقوله:
«حقيقة التّاريخ أنّه خبر عن الاجتماع الانسانيّ الّذي هو عمران العالم وما يعرض لطبيعة ذلك العمران من الأحوال مثل التّوحّش والتّأنّس والعصبيّات وأصناف التّغلّبات للبشر بعضهم على بعض وما ينشأ عن ذلك من الملك والدّول ومراتبها وما ينتحله البشر بأعمالهم ومساعيهم من الكسب والمعاش والعلوم والصّنائع وسائر ما يحدث من ذلك العمران بطبيعته من الأحوال.» (1/ 46) «تاريخ ابن خلدون»
9: ذكر في ثنايا كتابه الكثير من النظريات السياسية والاقتصادية طبعا وعلى رأس ذلك الاجتماعية، فلا تخلوا ورقة من كتابه من التنبيه على وعي انساني، ولهذا انبهر علماء الغرب بابن خلدون؛ لأنه عمدتهم في التطوير الحضاري الذي شع على أوطانهم.
ابن خلدون- التطور- الحضارة - منهج
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع