مدونة دكتور: حمزة حسن سليمان صالح أورتشي


أسس الحضارة الإنسانية في القرآن الكريم

أ. د. حمزة حسن سليمان صالح | HAMZA HASSAN SULIEMAN SALIH


25/10/2019 القراءات: 4151  


يعتبر القرآن الكريم أهم مصادر المعرفة التي عرفها تأريخ الإنسانية، حيث تحدث هذا الكتاب العزيز عن مختلف أبواب المعرفة، سواء الاقتصادية أم الاجتماعية أم السياسية أم غيرها، ومن أبواب المعرفة التي حظيت باهتمام القرآن الكريم الجانب الحضاري للأمم والشعوب، وتجد ذلك واضحاً من خلال حديثه عن السنن الإلهية، وعن الأمم الماضية، حيث حوى آيات تحدثت عن تلك السنن، وتأثيرها على سير الأمم والمجتمعات والأفراد، وعزز ذلك ببعض المصاديق لأمم عملت بها تلك السنن، فأثرت فيها إما سلباً أو ايجاباً، كما في حضارة عاد أو ثمود أو الحضارة الفرعونية أو الحضارة السبئية، قال : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ* الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) (الفجر: 6-14).
وقد تحدث القرآن الكريم عن عوامل ازدهار الحضارات واستمرارها وبقائها في الكثير من آياته، ويستطيع الإنسان الباحث في كتاب الله أن يقف على تلك العوامل بتفاصيلها.
وإنّ أخطر ما يمكن أن يصيب أمّة من الأمم هو أن تفقد هويّتها الحضاريّة، فالهويّة الحضاريّة هي أثمن ما يمتلكه أيُّ مجتمع من المجتمعات، وقد تصاب المجتمعات بالعديد من أنواع الكوارث الّتي تقضّ مضجعها وتؤرِّق اطمئنانها وتجلب لها المعاناة، إلاّ أنّ المجتمع المدرِك لهويته وشخصيَّتِه الحضاريّة من شأنه أن يواجه تلك الكوارث الّتي تستفزُّه وتدعوه إلى المواجهة ما دامت الحضارة الّتي ينتمي إليها تملك من المقوِّمات والحلول ما يكفي لمواجهة أعباء الحياة بشتّى أشكالها، ولكنَّ تلك الأزمات والكوارث حين تلمّ بمجتمع غافل عن ذاته وهوّيته وشخصيّته ومقوِّمات وجوده، فإنّ من شأنها أن تفتك به الواحدة تلو الأخرى حتّى ترديه صريعاً، وربّما تودي به إلى الزوال من خارطة الحضارات البشريّة.


الأسس - الحضارة - القرآن الكريم - الإنسانية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع