مدونة د. محمّد الحمّامي


استشراف إمكانية الحوسبة على المركبات ذاتية القيادة ضمن بيئة إنترنت الأشياء

محمد الحمامي | Muhammad Alhammami


19/06/2022 القراءات: 1491  


تستعد المركبات الذاتية القيادة والقادرة على الاتصال بعضها ببعض وبمحيطها Connected and autonomous vehicles (CAVs) لإحداث ثورة في صناعة النقل التقليدية. في هذه المقالة، نقدِّم أولًا رؤية استشرافية لما سُمِّي حديثًا حوسبة المركبات في عصر القيادة الذاتية، ونُبرز أن العربات CAVs قادرة على أن تكون منصات حسابية مثالية، لذلك قد تعتمد الأجهزة/الأشياء المتصلة ذات القدرات الحسابية المحدودة على عربات CAVs المحيطة بها لأداء مهام حسابية معقدة. ونلخص ما الذي يجعل حوسبة المركبات أمرًا مفيدًا ضمن بيئة إنترنت الأشياء.
1- المركبات المتصلة والذاتية القيادة: من الحاضر إلى المستقبل
دفع التطور المتسارع في مجالَي الاتصالات والحوسبة أفق القيادة الذاتية بشكل ملحوظ، فلم تمنع العقبات التقنية والتكاليف الباهظة وعدم القبول الاجتماعي- التي لا تزال تعوق إنتاج المركبات المتصلة والذاتية القيادة (CAVs) على نطاق واسع- تسريعَ جهود البحث والتطوير في هذا المجال. إذ ينفق صانعو السيارات أكثر من 100 مليار دولار في جميع أنحاء العالم على البحث والتطوير في هذا المجال، وثمة نحو 5000 براءة اختراع تُمنح كل عام. استنادًا إلى هذا التقدم الكبير فضلًا عن التقانات التي هي في قيد التطوير، يتوقع المتفائلون أنه بحلول عام 2030، ستكون عربات CAVs موثوقة بدرجة كافية وبأسعار معقولة تجاريًّا لتحل محلَّ القيادة البشرية.
2- حوسبة المركبات
يشير تعبير حوسبة المركبات إلى التقانات التي تمكِّن من إجراء عمليات حسابية ومنطقية ومعالجة للمعطيات بالاستفادة من إمكانات العربات الذاتية القيادة العتادية الصُّلبة لتكون بمثابة منصة حوسبة للعديد من الخدمات المرتبطة بهذه العربات. تختلف حوسبة المركبات عن تشبيك المركبات، الذي بدوره يُمكِّن من تنفيذ التطبيقات المتعلقة بالمركبات والنقل. أما حوسبة المركبات، فتستفيد من كون العتاد الصُّلب في عربات CAVs منصات حوسبة مثالية تساعد على تحليل المعطيات القادمة من داخل العربة ذاتها كأجهزة الاستشعار، والأهم من ذلك، من خارج السيارة أي من الأجهزة/الأشياء المتصلة بها من محيطها وكل ذلك في الزمن الحقيقي، ولو كانت المركبة في وضعية الوقوف.
وبتحديدٍ أدقّ، فإن مفهوم حوسبة المركبات مستوحى من حقيقة أن CAVs ستكون في المستقبل مجهزة بقدرات حاسوبية فائقة؛ لذلك، يمكن للأجهزة/الأشياء المتصلة ذات القدرات الحسابية المحدودة الاعتماد على عربات CAVs القريبة لأداء مهام حسابية معقدة وتقديم النتائج ذات الصلة إلى المستفيدين النهائيين. تستفيد حوسبة المركبات من أنواع الاتصالات للعربة الذاتية القيادة؛ وهي: الاتصال بين السيارة والبنية التحتية (V2I)Vehicle-to-Infrastructure ، والاتصال بين مركبة ومركبة (V2V) Vehicle-to-Vehicle، والاتصال بين المركبة وكل شيء (V2X) Vehicle-to-Everything. وتمكِّن هذه الاتصالات عربات CAVs من التواصل مع مكونات نظام المرور (مثل وحدات جانب الطريق، والأبراج الخلوية، وكَمِرات المرور، والطائرات بدون طيار، والدراجات البخارية، وحتى راكبي الدراجات أو المشاة)، إضافة إلى التواصل مع النظم الخارجية الأخرى (مثل مستشعرات المنزل الذكي، وأجهزة إنترنت الأشياء الصناعية، وأجهزة الاستشعار الصحية، والمخدمات الطرفية).
3-لماذا نحتاج إلى حوسبة المركبات
3-1- الإرسال إلى السُّحب Clouds والمخدِّمات الطرفية Edge servers
تُجهَّز العربات الذاتية القيادة CAVs بأجهزة استشعار متعددة تمكّنها أن تنتج قرابة غيغابايت واحد من المعطيات في الثانية، وأكثر من 11 تيرابايت من المعطيات الحساسة للخصوصية يوميًّا، وهذه الكمية من المعطيات في ازدياد، بحيث أن سرعة نقل معطيات عنق الزجاجة تشكِّل عند إرسال هذه المعطيات إلى السحابة أو المخدمات الطرفية لتحليلها تحديًا كبيرًا لتوفير خدمات حساسة لوقت الاستجابة. وإضافة إلى ذلك، وحتى إذا ضُغطت المعطيات في CAVs قبل إرسالها، فقد تُكشف المعطيات الحساسة الأصلية، وقد يؤدي ذلك إلى تهديد محتمل بتسرب الخصوصية. لذلك، فإن قيود النطاق الترددي، واختناقات زمن الاتصال، والمخاوف المتعلقة بالخصوصية، تستدعي بدورها حوسبة المركبات التي توفر نموذج حوسبة جديدًا لوضع الحوسبة بالقرب من المعطيات. وقد أظهر العمل السابق أيضًا الفوائد المحتملة (مثل وقت الاستجابة السريع وتخفيض استهلاك الطاقة) بفضل نقل الحوسبة من السحابة إلى مصدر المعطيات.
3-2- معالجة معطيات أجهزة إنترنت الأشياء
ستصبح جميع أنواع الأجهزة الكهربائية تقريبًا مكونات لإنترنت الأشياء، وستقوم بدور كلٍّ من منتجي المعطيات ومستهلكها، مثل الكَمِرات المثبتة على الجسم، والدراجات المتصلة بالإنترنت. ووفقًا لـ Cisco، سيكون عدد أجهزة إنترنت الأشياء في جميع أنحاء العالم زهاء500 مليار جهاز بحلول عام 2030. وسيُنتج هذه العدد الهائل من أجهزة إنترنت الأشياء كمية معطيات هائلة تصعِّب مهام تنفيذ خوارزميات التعلم العميق على أجهزة إنترنت الأشياء ذات الموارد المحدودة. ومع ذلك، فإن الاعتماد ببساطة على الحوسبة السحابية التقليدية لا يمكن أن يضمن معالجة فعالة لكل هذه المعطيات الضخمة التي تم إنشاؤها. في هذا السياق، نستنتج أن أجهزة إنترنت الأشياء ذات القدرات الحسابية المحدودة ستستفيد من عربات CAVs المحيطة والمجهزة بعتاد حاسوبي قوي لمعالجة المعطيات في الوقت المحدد.


الحوسبة، انترنت الأشياء، عربات ذاتية القيادة