مدونة أ. د. محمد حرب بشير اللصاصمة
" دراسة نقدية مقارنة لمفهوم المنهج بين النظرية التقليدية والنظرة الحديثة "
أ. د. محمد حرب بشير اللصاصمة | MOH.D HARB BASHIR AL- LASASMEH
20/12/2024 القراءات: 8
الموضوع الثاني
دراسة نقدية مقارنة لمفهوم المنهج بين النظرية التقليدية والنظرة الحديثة:
يتضح من الاتجاهات الفكرية السابقة التي تم استخلاصها والتطرق إليها أنها تقع ضمن مجموعتين كبيرتين، هما: مجموعة التعريفات التقليدية للمنهج المدرسي، التي تمثلت في تعريف المنهج على أنه المواد الدراسية المنفصلة، أو تعريفه على أنه محتوى المقرر الدراسي، وثانيًا: مجموعة التعريفات الحديثة الواسعة للمنهج المدرسي، التي تمثلت في تعريف المنهج على أنه الخبرات التعلمية، وتعريفه على أنه أنماط للتفكير الإنساني، وتعريفه على أنه الغايات النهائية التي نسعى إلى تحقيقها، وتعريفه على أنه خطة عمل تربوية مكتوبة، وتعريفه أيضًا على أنه نظام إنتاج.
لقد تعرضت التعريفات التقليدية للمنهج لانتقادات شديدة من قِبَل أصحاب المدارس التجديدية في المناهج، فهم يؤمنون بأن التعلم الحقيقي لا يتم بمجرد تحفيظ المعلومات وتلقينها وتخزينها في الأدمغة، كما ترتكز عليه تعريفات المناهج التقليدية، بل عن طريق التفاعلات التي من خلالها يرى الإنسان ما تنطوي عليه هذه المعلومات من معانٍ وعلاقات، وإن قراءة ناقدة فاحصة لأمهات كتب الأدب التربوي ومظانه في هذا المجال تظهر لنا أن أهم الانتقادات الموجهة سهامها إلى المنهج وفق المفهوم القديم (المفتي، 1987: 6 وما بعدها) و(حميدة، 2000: 16 وما بعدها) هي:
1- إجراء الاتصال من جانب واحد، حيث الدور السلبي للمتعلم.
2- النظر إلى عقول التلاميذ على أنها مخازن للمعلومات والبيانات.
3- الاعتماد على الجانب العقلي، وإهمال الجوانب الانفعالية والاجتماعية والنفسية لدى الطلبة.
4- لا يُراعى في إعداد المواد والمقررات من قِبَل المختصين حاجات الطلبة وميولهم الشخصية.
5- إضعاف الحاجة للبحث والاطلاع، باعتبار التحصيل الدراسي هدفًا قائمًا بذاته.
6- التعامل مع المواد الدراسية على أنها مواد ومهارات منفصلة.
7- قصور طرائق تدريس المعلمين؛ لاعتمادهم فقط على إيصال المعلومات.
8- إغفال الفروق الفردية بين الطلبة.
9- قصور المنهج عن الوفاء بالتطورات الحديثة والانفجار المعرفي.
10- عدم توظيف البيئة المحيطة والأنشطة والمشاريع الهادفة.
11- غياب الفلسفة المنهجية المستندة لأهداف التربية وحاجات المجتمع.
12- الاعتماد على المنهج أو المقرر الدراسي باعتباره المرجع الوحيد المؤهل للنجاح.
أما الناظر إلى التعريفات الحديثة للمنهج، فيجد أنها تأثرت بمجموعة من العوامل التي ساعدت على تطور مفهوم المنهج، لعل من أهمها تقدم العلوم النفسية التي باتت تنظر إلى الشخصية الإنسانية باعتبارها وحدة آلية لها جوانبها المعرفية والوجدانية والمهارية، وأن التعلم يحتاج إلى نضج وتدريب واستعداد جسمي وعقلي وانفعالي، وإلى دوافع وممارسة.
كما أن تقدم العلوم التربوية جعل الوظيفة الأساسية للتربية هي تعديل السلوك حسب مطالب نمو المتعلم، وحاجات المجتمع وفلسفة الدولة، بحيث يتم إعادة بناء خبرات الفرد وتعديلها وإثرائها لتحقيق النمو السليم، وإبراز القيم التربوية للعمل.
وثالث تلك العوامل ظهور المناهج العلمية التي أُدخلت عالم المدارس، وهذا المنهج جعل المتعلم نشطًا ومشاركًا وإيجابيًّا من خلال تنفيذه لخطوات المنهج العلمي في التفكير.
ويمكننا الخلوص إلى أن أبرز ميزات تعريفات المنهج وفق المفهوم الحديث، هي:
1- المجتمع؛ أي إن المنهج بمفهومه الحديث (حميدة، 2000) متغير ومتطور تبعًا لتغير المجتمع، أحد المصادر المهمة التي يشتق منها أهداف المنهج، وبالتالي فإن أهداف المنهج يجب أن تتطور تبعًا لتطور المجتمع.
2- طرق التدريس، في ظل المنهج الحديث على المدرس (جابر، 2005: 153) أن ينوع في طرق التدريس، وقد يستخدم في الدرس الواحد أكثر من طريقة، ويبني معظم تدريسه على مواقف ومشكلات ذات معنى عند التلاميذ، تراعي طبيعتهم واستعداداتهم، وكذلك الفروق الفردية بينهم.
3- المعلم، أضحى دور المدرس في المنهج الحديث (عبد السميع: 2005) مرشدًا وموجهًا ومقومًا ومديرًا للفصل، وقدوةً ومطورًا للمنهج، وميسرًا للعملية التعليمية، وخبيرًا في استخدام التكنولوجيا.. إلخ.
4- التلميذ، نظرت التربية التقليدية إلى الطفل باعتباره رجلًا صغيرًا يمكن أن نفرض عليه معايير الكبار ومعلوماتهم ومهاراتهم وقيمهم، غير أن الدراسات النفسية دلت على أن للطفل خصائص تخالف الراشدين، وأن لكل مرحلة من مراحل النمو خصائصها التي تميزها، واستعداداتها الجسمية والعقلية والانفعالية، ولها ميولها واتجاهاتها، وقد أخذ المنهج على عاتقه الأخذ بكل ذلك وغيره.
5- المواد الدراسية، تنال المواد الدراسية في المنهج الحديث ما تستحقه من عناية، فلا ينكر المنهج قيمتها، ولا يقلل منها، ولكنه لا يجعلها لذاتها، بل هي وسيلة تساعد على نمو التلاميذ المتكامل المنشود، والمنهج الحديث يحدد الخطوط العريضة التي يختار منها التلاميذ ما يناسبهم منها، ومن أوجه الأنشطة التي يرغبون فيها.
6- المدرسة والأسرة والمجتمع، يعمل المنهج الحديث على الربط بين الثلاثية الحديثة، التي تعد أساسًا من أساسات نجاح العملية التربوية، وهي: المدرسة، والأسرة، والمجتمع.
دراسة، نقدية، المنهج التقليدي، المعلمن المدرسة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع