مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم
طلب العلم وما يبدأ به منه وما هو فريضة منه وفضل أهله
باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM
16/06/2023 القراءات: 1022
طلب العلم وما يبدأ به منه وما هو فريضة منه وفضل أهله
قال الميموني: سألت أبا عبد الله أيهما أحب إليك أبدأ ابني بالقرآن أو بالحديث قال: لا بالقرآن قلت: أعلمه كله قال: إلا أن يعسر فتعلمه منه. ثم قال لي: إذا قرأ أولا تعود القراءة ثم لزمها وعلى هذا أتباع الإمام أحمد إلى زمننا هذا.
وسيأتي قريبا قول ابن المبارك إن العلم يقدم على نفل القرآن وهذا متعين إذا كان مكلفا لأنه فرض فيقدم على النفل وكلام أحمد والله أعلم إنما هو في الصغير كما هو ظاهر السياق والذي سأل ابن المبارك كان رجلا فلا تعارض، وأما الصغير فيقدم حفظ القرآن لما ذكره أحمد من المعنى. ولأنه عبادة يمكن إدراكها والفراغ منها في الصغر غالبا، والعلم عبادة العمر لا يفرغ منه فيجمع بينهما حسب الإمكان، وهذا واضح وقد يحتمل أن يكون العلم أولى لمسيس الحاجة إليه لصعوبته وقلة من يعتني به بخلاف القرآن ولهذا يقصر في العلم من يجب عليه طلبه ولا يقصر في حفظ القرآن حتى يشتغل بحفظه من يجب عليه الاشتغال في العلم كما هو معلوم في العرف والعادة.
وقال ابن هانئ: لأحمد ما معنى لو كان القرآن في إهاب ما مسته النار قال: " هذا يرجى لمن القرآن في قلبه أن لا تمسه النار " في إهاب يعني في قلب رجل وقال: أيضا في جلد وقال إسماعيل الشالنجي عن أبي عبد الله قال: والذي يجب على الإنسان من تعليم القرآن والعلم ما لا بد له منه في صلاته وإقامة عينه، وأقل ما يجب على الرجل من تعلم القرآن فاتحة الكتاب وسورتان كذا وجدته، ولعله وسورة، وإلا فلا أدري ما وجهه؟ مع أنه إنما يجب حفظه ما بلغ أن يجزئه في صلاته وهو الفاتحة خاصة في الأشهر عن أحمد والمسألة معروفة في الفقه.
وقد قال ابن حزم في الإجماع قبل
السبق والرمي: اتفقوا أن حفظ شيء من القرآن واجب ولم يتفقوا على ما هية ذلك الشيء ولا كميته بما يمكن ضبط إجماع فيه إلا أنهم اتفقوا على أنه من حفظ أم القرآن ببسم الله الرحمن الرحيم وسورة أخرى معها فقد أدى فرض الحفظ، وأنه لا يلزمه أكثر من ذلك.
واتفقوا على استحباب حفظ جميعه وأن ضبط جميعه واجب على الكفاية لا متعين.
وروى الخلال عنه أنه سئل عن رجل حفظ القرآن وهو يكتب الحديث يختلف إلى مسجد يقرأ ويقرئ ويفوته الحديث أن يطلبه فإن طلب الحديث فاته المسجد وإن قصد المسجد فاته الحديث فما تأمره قال: بذا وبذا فأعدت عليه القول مرارا كل ذلك يجيبني جوابا واحدا بذا وبذا.
وسأل رجل ابن المبارك يا أبا عبد الرحمن في أي شيء أجعل فضل يومي في تعلم القرآن أو في تعلم العلم؟ فقال هل تحسن من القرآن ما تقوم به صلاتك: قال نعم قال: عليك بالعلم.
وقال أحمد في رواية أحمد بن الحسين وقيل له طلب العلم فريضة قال نعم لأمر دينك وما تحتاج إليه من أن ينبغي أن تعلمه وقال في رواية أبي الحارث: يجب عليه أن يطلب من العلم ما يقوم به دينه ولا يفرط في ذلك قلت: فكل العلم يقوم به دينه قال: الفرض الذي يجب عليه في نفسه لا بد له من طلبه.
قلت: مثل أي شيء قال الذي لا يسعه جهله صلاته وصيامه ونحو ذلك وقال عبد الله سألت أبي عن الرجل يجب عليه طلب العلم قال أما ما يقيم به دينه من الصلاة والزكاة وذكر شرائع الإسلام فقال: ينبغي أن يتعلم ذلك.
وقال ابن منصور لأبي عبد الله تذاكر بعض ليلة أحب إليك من إحيائها قال: العلم الذي ينتفع به الناس في أمر دينهم قلت الصلاة والصوم والحج والطلاق ونحو هذا قال نعم قال ابن منصور: قال لي إسحاق بن راهويه: «طلب العلم واجب» لم يصح الخبر فيه إلا أن معناه قائم يلزمه طلب ما يحتاج إليه من وضوئه وصلاته وزكاته إذا وقعت فلا حاجة للوالدين في ذلك.
وأما من خرج يبتغي علما
فلا بد له من الخروج بإذن الأبوين لأنه فضيلة فالنوافل لا تبتغي إلا بإذن الآباء وقال المروذي لأبي عبد الله الرجل يطلب العلم ويستأذن والدته فتأذن له وهو يعلم أن المقام أحب إليها قال: إذا كان جاهلا لا يدري كيف يطلق ولا يصلى فطلب العلم أحب إلي. وإن كان قد عرف فالمقام عليها أحب إلي.
وروى الخلال عنه أن رجلا سأله: إني أطلب العلم وإن أمي تمنعني من ذلك تريد حتى أشتغل في التجارة، قال لي دارها وأرضها ولا تدع الطلب وقال له رجل غريب عن بلده طلب العلم أحب إليك أم أرجع إلى أمي؟ فقال له إذا كان طلب العلم مما لا بد أن تطلبه فلا بأس، وسأله رجل قدمت الساعة وليس أدري شيئا ما تأمرني؟ فقال أبو عبد الله: عليك بالعلم وقال إسحاق بن إبراهيم: سألت أبا عبد الله عن الرجل يكون له أبوان موسران يريد طلب الحديث ولا يأذنان له قال: يطلب منه بقدر ما ينفعه، العلم لا يعدله شيء.
وفي الصحيحين عن معاوية مرفوعا «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين» وعن عمر مرفوعا «إن الله يرفع بهذا العلم أقواما ويضع به آخرين» وعن أبي هريرة مرفوعا «من سلك طريقا يبتغي به علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة» رواهما مسلم.
وقال ابن مسعود: إن أحدكم لم يولد عالما وإنما العلم بالتعلم وقال أيضا: اغد عالما، أو متعلما ولا تغد إمعة بين ذلك وقال أيضا: اغد عالما أو متعلما، أو مستمعا ولا تكن الرابع فتهلك وقال حماد بن حميد عن الحسن قال أبو الدرداء كن عالما أو متعلما أو محبا، أو متبعا ولا تكن الخامس فتهلك قال الحسن هو المبتدع قال البيهقي وروي مثله عن ابن مسعود وروي مرفوعا وهو ضعيف، وقال أبو الدرداء: العالم والمتعلم في الأجر سواء وسائر الناس همج لا خير فيهم.
وقال الثوري عن الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود تعلموا فإن أحدكم لا يدري متى يحتاج إليه.
وقال عبد الرزاق عن أيوب عن أبي قلابة
عن ابن مسعود عليكم بالعلم قبل أن يقبض. وقبضه ذهاب أهله، وعليكم بالعلم وإياكم والتنطع والتعمق، وعليكم بالعتق فإنه سيجيء أقوام يتلون كتاب الله وينبذونه وراء ظهورهم.
طلب العلم وما يبدأ به منه وما هو فريضة منه وفضل أهله
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة