مدونة ا.د سلوان كمال جميل العاني


رسالة المحرر - مجلة اريد الدولية للعلوم والتكنولوجيا – الإصدار الثاني 2018م

ا.د سلوان كمال جميل العاني | Prof.Salwan K.J.Al-Ani (Ph.D) FInstP


09/06/2019 القراءات: 5439  




إنه لمن دواعي سروري أن أضع بين أيديكم العدد الثاني من مجلة أريد الدولية للعلوم والتكنولوجيا (arid.my/j/aijst)، والتي تعد إحدى المجلات العلمية التي أطلقتها منصة أريد للباحثين والعلماء الناطقين بالعربية، لتتيح نشر النتاجات العلمية للباحثين والأكاديميين في التخصصات الهندسية والعلمية بالمجان.
يتّبع فريق تحرير هذه المجلة الأسس الأكاديمية والعلمية الرصينة في تحكيم البحوث التي يقدمها المختصون، حيث تخضع البحوث المقدمة إلى المجلة لفحص السرقات الأدبية باستخدام البرنامجين المعروفين Turnitin و iThenticate، وفي حال خلوها من نسب الاستلال العالي، ترسل إلى ثلاثة محكمين متخصصين لتحكيمها، بغية الحصول على بحوث عالية الجودة.
ويعمل كادر المجلة بخطى ثابتة ومتسارعة لإضافة مجلة أريد إلى فهرس المجلات العلمية العالمية الشهير "سكوبس"، لتتبوأ مجلتنا موقعا مرموقا بين المجلات العالمية التي تصدر من دور نشر عالمية كبيرة.
يرحب فريق تحرير المجلة بالأبحاث الجديدة والأصيلة من كافة أرجاء المعمورة، لا سيما التي تعود بالنفع المباشر على الإنسان والبيئة والمجتمع، سواء كانت في صورة مقالات بحثية كاملة، أو بحوث قصيرة، أو بحوث استعراضية لدراسات سابقة، أو رسالة إلى المحرر.
ونظرا لأهمية البحوث العلمية والتقنية للباحثين والأكاديميين، لا سيما تلك التي تعكس التطور الحضاري والتقدم العلمي، فمن الضروري استيعاب أبحاث الشباب وطلبة الدراسات العليا، خاصة الأبحاث في شتى أفرع مجالي العلوم والهندسة.
وترحب مجلتنا بكافة الأبحاث التي ربما تحوي تطويراً لإحدى التجارب في مختبر الدراسات الأولية أو توسعَ تطبيقِ قانونٍ فيزيائيٍ أو هندسيٍ أو معادلة رياضية، أو تطرح فكرة جديدة لحل مشكلة ما، شرط أن يتم ربط الجانب التعليمي بالجانبين البحثي والعملي، لتسهيل استيعاب المفاهيم العلمية وتوسيع نطاق تطبيقها واستخدامها العملي.
وتركّز مجلة أريد على الأبحاث والاختراعات والمشاريع التطبيقية في المجالات المستقبلية، التي تلبي خطط التنمية والمجتمع والبنية التحتية الجديدة في العالم، خاصة في مجالات الإلكترونيات، والاتصالات، وتقنيات الإنترنت، وتقنيات الحاسوب، والتقنيات الطبية والحيوية، وتطبيقات النانو تكنولوجي في مجالات الطاقة والهندسة والطب والمياه والأغذية والزراعة وغيرها.
وأطرح في رسالتي هذه موضوع الموصلات الفائقة بدرجات الحرارة العالية (HTSC)، والتي كانت قبل منتصف الثمانينات تعرّف بغياب مقاومة التيار الكهربائي في بعض الفلزات والسبائك الفلزية التي يتم تبريدها تحت 23 كلفن. وتسمى درجة الحرارة التي تنخفض فيها مقاومة المادة إلى الصفر بالحرارة الحرجة (Tc).
في عام 1986م، أعلن عن اكتشاف الباحثين الفيزيائيين الألماني جورج بدنورز والسويسري ألكس مولر لخاصية التوصيل الفائق في المواد السيراميكية، حيث تصبح هذه المواد ذات توصيل فائق عند حرارة أعلى من الفلزات والسبائك. ونال بدنورز ومولر جائزة نوبل في الفيزياء لعام 1987م عن هذا الاكتشاف. ومنذ ذلك الوقت تمكَّن العُلماء من اكتشاف مواد سيراميكية أخرى تصبح فائقة التوصيل عند درجة حرارة عالية، يكتفي باستخدام النيتروجين السائل لتبريدها، بينما تبّرد الفلزات والسبائك إلى درجة حرارة التوصيل الفائق باستخدام الهيليوم السائل، وهو أعلى تكلفة وأصعب في التعامل من النيتروجين السائل.
وقام الباحثان بدنورز ومولر بدراسة الخواص الكهربائية للسيراميك المكون من أكسيد الفلزات والعناصر الأرضية النادرة (Rare earth elements) مثل اللانثانيوم باريوم أوكسيد النحاس ( LaBaCuO) تحت درجة حرارة 35 كلفن ، وتوصلا في العام 1988م إلى مركب البزموث السترونشيوم الكالسيوم اوكسيد النحاس ( BSCCO )، وهي فئة من المواد فائقة التوصيل تحت درجة 107 كلفن، ولكنها لا تحتوي على أحد العناصر الارضية النادرة، فكانت هذه طفرة هائلة.
ويبدو ان جميع الموصلات عالية الحرارة هي من النوع الثاني للموصلات الفائقة (يكون انتقالها من الحالة فائقة التوصيل الى الحالة العادية تدريجياً، ولها درجة حرارة حرجة اعلى من النوع الاول)، ويحتاج الانسان الى موصلات فائقة بدرجة حرارة الغرفة. وإذا ما اكتشف العلماء التوصلية الفائقة بدرجة حرارة الغرفة، فسيكون ذلك بمثابة اختراق كبير في تلبية احتياجات الطاقة في العالم. وستصبح الطاقة الكهربائية متوفرة ومتاحة بتكلفة منخفضة للغاية وستصبح أجهزة الكمبيوتر أسرع مرات عديدة مما هي عليها الآن، ويطلق العنان لأبعاد جديدة في مجال البحوث العلمية والتكنولوجية.
وتجدر الاشارة الى الجامعات العراقية التي أسهمت في هذا التخصص، وقدمت العشرات من رسائل الدكتوراه والماجستير، وقام باحثوها منذ بداية عقد التسعينات في القرن الماضي بتصنيع العديد من المركبات السيراميكية فائقة التوصيل بدرجات الحرارة العالية، ونشرت نتائج أبحاثهم في مجلات ومؤتمرات علمية دولية محكمة.
تمتلك المواد فائقة التوصيل تطبيقات مهمة وأهمها المغانيط فائقة التوصيل كأقوى المغانيط الكهربائية المعروفة في أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي الطبية، ومغانيط توجيه حزم الجسيمات المشحونة لمعجلات الجسيمات كالتي تعمل عليها المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية في سيرن – سويسرا (CERN).
ويُعد القطار المغناطيسي المعلق الذي يسير مرتفع عن الأرض من أهم تطبيقات المواد فائقة التوصيل، ويعتمد القطار على ظاهرة الطرد المغناطيسي بحيث تطفو عجلاته المصنوعة من المواد فائقة التوصيل على مغناطيس فائق الشدة وبالتالي ينعدم الاحتكاك بين عجلات القطارات والقضبان مما يساعد في زيادة سرعة القطارات.
وتعد تقنيات الموصلات فائقة التوصيل حتى وقتنا الراهن من التقنيات باهظة التكلفة، ويحدونا الأمل في خلق قاعدة علمية لدى مؤسساتنا الاكاديمية واستحداث فروع في المراكز البحثية لمواجهة التحديات العلمية لهذه المواد المتقدمة، واعداد باحثين فاعلين في العالم للقيام بتجارب عملية متطورة ونشر أبحاث متعمقة بشأن تقنيات جديدة لتصنيع مواد فائقة التوصيل تعمل بدرجة حرارة الغرفة.


تطوير التجارب العملية، الموصلات الفائقة ، الجامعات العراقية، تطبيقات المواد فائقة التوصيل


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع