مَن المنتقدون لـ «صحيح البخاري»؟
شحات رجب البقوشي | shahhat ragab albakoshy
26/09/2020 القراءات: 7860
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فلا يخفى على الكثيرين أن البخاري وصحيحه توجه إليهما الكثير من الاتهامات، وبلا شك أنها مجرد تشكيكات لا أساس لها من الصحة، ولكن قبل معرفة هذه الشبهات والرد عليها؛ يجب معرفة مَن المنتقِدون؟ والإجابة على هذا السؤال ستأخذ منهجًا زمنيًّا، فالطاعنون قدامى، ومعاصرون.
فالطاعنون القدامى هم:
- الخوارج: وهم مِن الفِرَق المنتسبة للإسلام، ولهم اعتقادات كثيرة باطلة، ويعدُّون من أوائل الطاعنين في السُّنةَّ النبوية، يوم أن اعترض إمامهم قائلًا: (والله إنِّ هَذِهِ القِسْمَة مَا عُدِلَ فيِهَا، وَمَا أرُيدَ بهِا وَجْهُ الله) (متفق عليه)، وقد أسقطوا عدالة كثير من الصحابة، وأولهم علي بن أبي طالب -رضي الله عنه.
- المعتزلة: الفرقة ذات الآراء الشاذة المخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة، وقد طعن أصحاب هذه الفرقة في جملة من الصحابة، وردوا عددًا كبيرًا من الأحاديث بحجة مخالفتها للعقل، ومن ذلك: أحاديث الشفاعة، وأحاديث الصفات، وأحاديث رؤية الله في الآخرة، وأحاديث عذاب القبر، وغيرها.
- الرافضة: وهم الذين يسبون أصحاب وينتقصونهم، بل ويكفرونهم، وينكرون عدالتهم، ويرفضون جميع الأحاديث التي يروونها، وهم ما زالوا حتى الآن على عدائهم القديم للسنة والصحيحين.
- الزنادقة: وهم الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر، وقد أنكروا السُّنَّة آحادَها ومتواترَها، ووضعوا عددًا من الأحاديث لتشويه صورة الإسلام والمسلمين.
أما المنتقدون المعاصرون:
- القرآنيون (وهم الزنادقة الجدد): قد دعوا إلى الاكتفاء بالقرآن فقط، وظنُّوا أن ذلك أحوَطُ لدينهم، ثم طعنوا في السُّنَّة النبوية، فزعموا أنَّ السُّنة لا يُحتجُّ بها مطلقًا، بحجة أنها كتبت بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- بمدة طويلة، وإن رواة هذه الأحاديث يطرأ عليهم الخطأ والنسيان.
- العقلانيون (وهم معتزلة العصر): يلتقون مع المعتزلة في الأصول والأفكار، ومن ذلك: تقديسهم للعقل، وتقديمهم له على كتاب الله وسنة رسوله، وقد طعن العقلانيون المعاصرون في أحاديثَ كثيرةٍ في صحيح الإمام البخاري؛ بحجة أنها تخالف العقل.
- الحداثيون: وهم منتسبون للإسلام، لكنهم معجبون بالحضارة الغربية، ويرون أن الغربيين ما تقدموا إلا بعد نقدهم الحاد لموروثهم، وخاصة الموروث الديني، فأرادوا أن يطبقوا ذلك على نصوص الشريعة الإسلامية؛ لينهضوا بالأمة الإسلامية نحو التقدم في زعمهم؛ ولذلك تعاملوا مع الأحاديث النبوية عامة، وأحاديثِ الصحيحين خاصة، وَفقًا للمعايير الغربية، وعدُّوها موروثًا تاريخيًّا انتهى وقته؛ ولهذا كانوا يستهزئون بالأحاديث، خصوصًا أحاديثَ الصحيحين، وصحيح البخاري على وجه أخص.
- المستشرقون: وهم المرجعية الأساسية لكل الطاعنين المعاصرين الذين سبق ذكرهم، ويأتي على رأسهم المستشرق الطاعن في السُّنة: (جولدتسيهر) فقد ألَّف عددًا من الكتب المشتمِلة على الطعن في السنة عمومًا، والصحيحين على وجه الخصوص؛ ولهذا صارت هذه الكتبُ مصدرًا لكل الطاعنين في السُّنة من المعاصرين.
أمَّا عن أهداف الطاعنين:
تختلف أهداف الطاعنين في الصحيحين حسب نوع الطاعن، ويمكن إجمالُ أبرز دوافع الطعن في الجامع الصحيح في النقاط التالية:
الهدف الأول: (إسقاط الدين الإسلامي): وهذا هدف المستشرقين بشكل عام، ومَن سار في دربهم من الحداثيين والعقلانيين.
الهدف الثاني: (نُصرة المذهب العقدي): فبعض الطوائف الضالة المنحرفة، طعنت في بعض أحاديث الجامع الصحيح، لمخالفتها لأصولها العقدية؛ كالمعتزلة، والخوارج.
الهدف الثالث: (الكيد لأهل السُّنة): وهذا هدف الرافضة وتبعهم الإباضية.
الهدف الرابع: (دفع وساوس مزعومة ): وهذا الهدف تبناه القرآنيون، فادعوا الاكتفاء بالقرآن دون السنة؛ لعدم الجزم بصحتها، وكل بصير يعلم كذب هذا الادعاء، وخطره على الإسلام والمسلمين.
الهدف الخامس: (المواءمة مع الغرب): يدعي بعض مَن طعنوا في أحاديث الجامع الصحيح، أنها غير مواكبة للعصر والواقع الذي نعيشه، متأثرين في ذلك بالغرب، وهذا هدف العقلانيين والحداثيين.
الهدف السادس: (حب الظهور والشهرة): ويتحقق هذا الهدف بصورة أوسع بعد انتشار وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وهو هدف جماعة من العلمانيين والليبراليين (ينظر: أبرز الطعون - عبد العزيز العقل).
التراث البخاري
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع