مدونة الأستاذ الدكتور لخضر بن الحمدي
مقالتي حول ذكرى عيد المرأة
أ.د لخضرحمدي لزرق | Dr.lakhdar ben hamdi lazreg
23/06/2019 القراءات: 2204
الخطبة الأولى
أما بعد: عباد الله تتمثل المرأة في مخيال الإسلام الحنيف؛ تلك الإنسانة العظيمة؛ التي خلقها الله هي والرجل من نفس واحدة، فقال جل شأنه: (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها) ، وانتظمت خطواتها هي والرجل في فلك كون شاسع، تتعارك هي وإياه؛ من أجل تحقيق الاستخلاف، وعمارة الأرض، وملء تضاعيف الحكمة، وتسلم المسؤولية، وشرعنة الوجود، (إني جاعل في الأرض خليفة)، (هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها).
المرأة صنو الرجل، والنساء شقائق الرجال، وما يكرم المرأة أحد إلا إذا كان كريما، ولا يهينها أحد إلا إذا كان لئيما..
أمر النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حياته بالوصاية بهن خيرا، وختمت بذلك حياته؛ وهو مهموم بهن، عارف لحقهن، صائن لهن جملة وتفصيلا..
وليس ثمة عباد الله من آية أو حديث؛ إلا ويعلي من شأنها؛ لأنها إنسان في المحصلة؛ لها كامل الحقوق؛ التي للرجل، وعليها كافة الواجبات؛ التي على الرجل، إلا فيما يتعلق بتلك الفروق التي تقتضيها الطبيعة والخلقة والجبلة، (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض، للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن، واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما) .
عباد الله! هذا نزر قليل مما أعطاها الله الجليل، فهل كنا فيهن، كما أمر ربنا، هل يا ترى يتناغم الرجل والمرأة في السير إلى عمارة الأرض، والطواف على شؤون الأمة، وامتهان الوظائف الموكلة إليهما كما ينبغي، دون تمييز أو تغيير!
لنفتش في بيوتنا..في أُسَرِنا..في مجتمعنا..في أمتنا..في عالمنا كله؛ الشرقي والغربي..حينما نفعل ذلك؛ سنجد الذي يقرّح القلب، ويُدمع العين، ويفعل الأفاعيل..
تقديس العادات والتقاليد، والائتمار بالأعراف والطقوس..هو الدّين الغالب، والذي تساس به شؤوننا؛ خصوصا فيما يتعلق بجانب المرأة..إن في الميراث، أو في جانب الشغل، أو في مشاكل الشرف والعرض، أو في جانب السياسة والحكم، أو في جانب الاقتصاد.
حينما ثار نساء عاملات، وشغيلات مصانع، وصاحبات حرف، في نهاية القرن الثامن عشر، وبداية التاسع عشر؛ إنما كان ذلك إعلان عن رفض الامتهان، والاستعباد، والاستغلال..وكل هاته المظاهر موجودة في المجتمعات كلها، وإنما يختلف قدر الضرر من بلد إلى بلد.
العمل من الجنسين؛ هو مساهمة تحتاجها الدول، وتستحقها الكرامة الإنسانية، والرفض الكائن من متعصبة فقه البداوة؛ إنما هو ممارسة متخلفة، ونظرة قاصرة إلى جنس المرأة، والاستهتار الذي يدعوا إليه متعصبة الليبراليين؛ حينما يستغلون واقع المرأة المزري، ليشرعنوا تفاصيل أفهام وأفكار تتناقض مع مقتضيات الفطرة، وناموس الحياة، هو كذلك مرفوض.
ليس المطلوب الأوحد من المرأة-ولست متكلما باسمهن-إلا أن تكون معاملتها على أساس إنساني، يضفي عليها طابع الاحترام والتقدير الذي يعطاه الرجل، ويفتح لها الباب مشرعا؛ لتمارس كل ما من شأنه أن تبرز فيه، وتساهم في أي مجال بالقدر الذي تريده..
فإن كانت من الفاعلين سياسيا، فليس عليها من تثريب أن تبرز في الانتخابات، وتترشح ولو حتى للرئاسيات، وإذا كانت من المهتمات بالاقتصاد، فباب سيدات الأعمال مفتوح، ولم لا تكون سيدة مساهمة في اقتصاد بلدها.
وهكذا قل في أي مجال تريده؛ فالشارع لم ينظر إلى ما خلق نظرة المتوجس من إخفاقه، بقدر ما نظر إليه نظرة الموقن من صنعته، فصنع الله المتقن، يستوجب أهلية المصنوع لتولي مهام الاستخلاف كيفما كان، ذكرا أو أنثى.
(من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
أقول هذا القول..
الخطبة الثانية
أما بعد: عباد الله الثامن من مارس من كل عام، يوم تستذكر فيه الأمم منجزاتها على مستوى ما للمرأة وما عليها، والأمّة الراقية، في كل عام تتهيأ لمزيد من الإصلاحات، وتستعمل القدرات الخاصة للمرأة؛ لتفتح بها مغلاقات شتى في مجالها ومجالات أخرى!
فهنيئا للمرأة الأم بهذا اليوم، وهنيئا للمرأة الأخت، والزوجة، والبنت، وهنئيا للمرأة الإنسان، أينما كانت، وحيثما وجدت.
عيد، المرأة، ذكرى
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع