تجربة مع الموت، كفى بالموت واعظاً ( 1 )
أحمد إدريس الطعان | Ahmad Edrees Altaan
14/02/2022 القراءات: 1458
بسم الله الرحمن الرحيم
تجربة مع الموت: وصايا وعبر ( 1 )
أحمد إدريس الطعان
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد: فهذا المقال الأول من سلسلة مقالات كتبتها أثناء مرضي بكورونا، وأثناء وجودي في المشفى بكلس- تركيا، وقد كتبت هذه المقالات تعبيراً عن حالة شعورية عشتها أثناء فترة المرض في المشفى لمدة أسبوع، وهي تجربة شخصية وعظية مغموسة بأعماق من التجربة المباشرة، تدخل في باب الذكرى ﴿فَذَكِّرْ إِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ ﴾ .
1- نصيحة حول مرض كورونا :
الآن أنا في مشفى كلس الساعة الثانية ليلا، الناس من حولي نائمون، هناك هدوء تام، وصمت تام، أردت أن أكتب هذه الوصية لكل من يصاب بكورونا فقد اكتشفتُ أن خبرتنا بكورونا خبرة قليلة، وليست ناضجة، وتغلب علينا العاطفة والسرعة في تعاطي العلاجات السريعة والعربية، والاكتفاء بهذا، وهذا خطير، لأنه يؤدي إلى تفاقم المرض، وتمكنه من الرئتين والدم دون أن يشعر الإنسان إلا بعد فوات الأوان، ويصبح العلاج صعبا ومتعبا، لذلك أنصح كل إنسان يصاب بكورونا وتبدأ الأعراض جدية عليه كأعراض الكريب أن يسارع في الذهاب إلى المشفى، وتعاطي الأدوية الرسمية الحكومية، وبعدها لا مانع أن يأخذ أي أدوية عربية أو اجتماعية أخرى متداولة مثل: عكبر العسل، والزنجبيل، والسموط الهندي، والفوارات المختلفة، فهذه كلها علاجات مفيدة، ولكنها ثانوية وتأتي بعد العلاجات الطبية النظامية والرسمية. ولا أنصح بالإهمال في هذا الأمر فقد يؤدي إلى عواقب خطيرة .
فقد شاع لدى الكثير من الناس الاستهتار بالمرض، وعدم المبالاة به بسبب كثرة حالات الشفاء، والتغاضي عن الحالات الكثيرة جدا للوفيات باعتبارها لكبار السن، وهذا ليس صحيحا فهناك حالات وفيات كثيرة بين الخمسين والسبعين وكذلك قبل الخمسين، لذلك أنصح بمجرد ظهور الأصابة والأعراض المبادرة إلى المشفى أخذاً بالأسباب، وبعد ذلك يمكن الاستفادة من أي أدوية أو نصائح عامة، وتفيد تقارير المشافي بأن أكثر حالات الوفاة أو تأزم المرض بسبب التأخر للمجيء للمشفى وأخذ العلاجات اللازمة .
2- تجربتي مع مرض كورونا :
أُصبتُ بكورونا يوم الخميس الماضي 26 /11/2020 ومع ذلك لم أهتم كثيرا فقد بقيت أتعاطى الأدوية التي يشير عليَّ بها الأصدقاء: عكبر النحل، الزنجبيل، الفوارات، السموط الهندي وغيرها، ولكن المرض في كل يوم يتفاقم ويزداد، ويضيق النفس وتزداد الآلام في صدري وخاصرتي، فأُخذتُ إلى المشفى، وهناك لم أكن قادرا على المشي، فكان ابني يُسيِّرني بكرسي متنقل، وكنت أشعر بوضعي الصحي يتدهور وكأنني أتجه باتجاه فقدان الوعي، ولمَّا اطَّلع الدكتور على نتائج التحليل والتصوير، قال: لقد تضررت الرئة بشكل شديد، وأصابها التهاب شديد، كما أن الدم فيها التهابات شديدة، قال ذلك وهو يقلب النظر بيني وبين ابني، فقلت له: على الله.
وأجلسني ابني في ممر المشفى، وكان فيه عشرات الأشخاص من نساء ورجال ينتظرون دورهم ، وكانت حالتي تزداد سوءا، وآلامي تزداد، وكلما طلبنا دواءً أو علاجاً عاجلاً يقولون: لا نستطيع أن نعطي شيئا حتى يستقر في غرفة، ويقرر الأطباء ماذا يعطونه، وبعد جهد جديد حصّل لي اسطوانة أكسجين رُكّبت لي في الممر، وجاء الأطباء وتفاجئوا بسرعة نبض القلب وشدة الالتهابات في الرئتين والدم، وأخذ ينظر بعضهم إلى بعض، وبقيت على هذه الحالة من الساعة السابعة مساء - مُلقى في الكاريدور مع الكثيرين أمثالي - إلى اليوم الثاني الساعة الثانية بعد الظهر حتى تهيأ لي مكان تم إدخالي إليه .
الموت ، الموعظة، تجربة ، الغنى بالله
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة