مدونة عبدالمالك عمر أحمد إدريس
تقانة التسميد الحيوي: الأمل لحل مشكلة نقص الغذاء في العالم والحد من المشاكل البيئية
عبدالمالك عمر أحمد إدريس | Abdelmalik Omar Ahmed Idris
14/09/2020 القراءات: 1637
تعاني كثير من الدول النامية في العالم ومنها السودان من مشكلة التصحر، لذلك تعتبر المحافظة علي خصوبة التربة وزيادتها من الأولويات في هذه الدول والتي تتميز أراضيها بالتربة الفقيرة وفي نفس الوقت هناك طلب كبير علي الغذاء. الإنتاج المستدام للمحاصيل الزراعية لا يمكن أن يتم بإستخدام المخصبات الكيميائية فقط، فلابد من إضافة مغذيات من مصادر أخري مثل التسميد الحيوي لتحسين خصوبة التربة. فكرة التسميد الحيوي تتلخص في الإستفادة من العلاقة التكافلية بين النباتات البقولية والبكتريا العقدية من جنس ريزوبيوم (Rhizobium) والتي تكون عقد جذرية عند إصابتها للنبات البقولي المعين. في هذه العقدة يتم تحويل النيتروجين الجوي إلي مركبات كيميائية تسمي النترات والأمونيا بعملية تسمي التثبيت الحيوي للنيتروجين. لا يستطيع النبات إمتصاص النيتروجين الجوي بالرغم من تواجده بنسبة ( 78,9%) في الهواء، ولكن يتمكن النبات من إمتصاصه بعد تحويله إلي نترات أو أمونيا. يمتص النبات جزء من النيتروجين المثبت ويبقي الجزء الآخر بالتربة. بعد زراعة النبات البقولي المعامل باللقاح البكتيري تتم زراعة محصول غير بقولي في العام التالي في نفس مكان زراعة النبات البقولي في العام السابق (دورة زراعية) وهكذا يقوم النبات غير البقولي بالإستفادة من النيتروجين المثبت بواسطة البكتيريا المتبقي في التربة. هذه العملية تزيد من إنتاج النبات البقولي والنبات غير البقولي في نفس الوقت. بالإضافة إلي البكتيريا التكافلية يمكن إستخدام البكتيريا التي تعيش داخل أنسجة النبات (Endophytes) في عملية التسميد الحيوي، حيث وُجد أن البكتيريا التي توجد في التربة حول جذورالنبات، البكتيريا التكافلية والبكتيريا التي تعيش داخل أنسجة النبات جميعها تعمل بتنسيق كامل لتمد النبات بالمغذيات المختلفة وعوامل حماية النبات من الممرضات. هذا يعني أنه حتي البقوليات التي تعيش معيشة تكافلية مع بكتيريا الريزوبيوم لا تستطيع أن تستغني عن المجموعات الأخري من البكتيريا. هناك عدة مبررات لإستخدام التسميد الحيوي لزيادة خصوبة التربة منها إرتفاع أسعار الأسمدة الكيمائية والذي ينعكس علي أسعار المحاصيل الزراعية عكس التسميد الحيوي الرخيص الثمن، بالإضافة إلي التأثير الضار لهذه المخصبات علي البيئة. وحتي تكون الزراعة مستدامة وتفي بالمتطلبات الغذائية، لا بد من البحث عن البديل والمتمثل في إستخدام اللقاحات البكتيرية المعدة من بكتريا الريزوبيا وبكتيريا نافعة أخري لزيادة خصوبة التربة بدلاً عن المخصبات النيتروجينية الصناعية والتي ثبت أنها سبب للكثير من الأمراض والمشاكل البيئية. نجاح عملية التسميد الحيوي يعتمد علي عدة عوامل تتمثل في إختيارسلالات الريزوبيا المناسبة للنبات البقولي المعين لكي يتم تكوين العقد التي يتم فيها تحويل النتروجين الجوي إلي نترات أو أمونيا يمتصها النبات. بالإضافة إلي ذلك لا بد أن تكون سلالة الريزوبيا التي يتم إختيارها لها المقدرة التنافسية لكي تتمكن من المعيشة في وجود السلالة الأصلية المتوطنة في التربة المراد زيادة خصوبتها أو إصلاحها، وهذا يتطلب معرفة خصائص البكتيريا المتوطنة أو في البيئة المستهدفة. هناك مجهودات كبيرة بذلت من قبل الباحثين لتطبيق عملية التسميد الحيوي في الواقع حيث تمّ إنتاج كثير من اللقاحات البكتيرية مثل TAL المنتج بواسطة مشروع NifTAL، وهو مشروع يعني بتثبيت النيتروجين بواسطة البقوليات المدارية، إلا أن الكثير هذه اللقاحات فشلت في زيادة الإنتاج والإنتاجية للنباتات البقولية نفسها في أغلب التجارب التي أجريت وخاصة في السودان. يعود ذلك إلي أن السلالات البكتيرية المستخدمة في إنتاج اللقاحات غير مناسبة للبقوليات التي عوملت بها، وقد لا تستطيع المنافسة مع البكتيريا الأصلية المتوطنة في التربة التي عوملت باللقاحات، وكذلك تعرضها لعوامل بيئية غير حيوية مثل درجة الحرارة، الملوحة، الحموضة وغيرها من العوامل التي تعيق عملية تكوين العقد وتثبيت النيتروجين، بالإضافة إلي عدم التعرف علي خصائصها الوراثية علي المستوي الجزيئي. لذلك مجال التسميد الحيوي يحتاج لجهد أكبر من الباحثين في مجالات علوم النبات، الأحياء الدقيقة، الوراثة الجزيئية، علم الجينوميك، التربة، الكيمياء الحيوية والتقانة الحيوية وغيرها من العلوم ذات الصلة. وستكون النتائج أفضل إذا كان العمل في شكل مجموعة متكاملة ( Interdisciplinary) للوصول إلي نتائج مرضية بأقل جهد وتكلفة.
التسميد الحيوي، البكتيريا، الريزوبيا، النبات، النيتروجين
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع