هذا المقال - الذي يلخص كتاب بالعنوان ذاته - يدرس معضلة جنوب السودان التي انتهت إلى انفصال (الذي تنبأ به الكتاب) بعد حرب طويلة ومفاوضات واتفاقية وحق تقرير مصير واستفتاء أيَّـد الاستقلال بنسبة أكثر من 98%. ينطلق هذا المقال من فرضية (هي فرضية الكتاب) بأن "الصراع بين الشمال والجنوب هو صراع هويات, والانفصال حتمي". وقدم البحث تحليلا عميقاً لإثبات هذه الفرضية. وتضمن ذلك نقدا موضوعيا لاتفاقية السلام الموقعة في كينيا 2005 بين حكومة البشير (الإسلاموية/العسكرية) والحركة الشعبية لتحرير السودان. حيث يرى البحث أن اتفاقية (نيفاشا) لم تخاطب جوهر المشكلة – وهو "صراع الهويات". ويرى أن اتفاقية نيفاشا للسلام الشامل (CPA) قد تعاملت مع مسألة جنوب السودان من منظور أمني/عسكري تمثل في "الترتيبات الأمنية"؛ ومن منظور سياسي تمثل في "قسمة السلطة"؛ ومن منظور اقتصادي تمثل في "قسمة الثروة"، وتجاهل جوهر الأزمة بين الشمال والجنوب المتمثل في الافتقار للانسجام الثقافي/الوجداني و للاندماج الاجتماعي الحقيقي بين الشعبين. واشتمل البحث على دراسة ميدانية (استطلاع) وعلى ملاحظات استقرائية وعلى شروحات امبيريقية توصل فيها إلى أن الجنوبيين لم ينصهروا "هوياتياً" مع الشماليين – رغم وجود بعض حالات التزاوج المحدودة والتعايش السلمي – على المستوى الشعبي/المجتمعي. لكنهم في تصورات عقلهم الجمعي وفي الجانب النفسي يعيشون كأنهم جاليات أجنبية. سايكولوجياً يغلب عليهم الشعور بالدونية واعتقاد لديهم باستعلاء الشمالي عليهم من خلال موقفه منهم ونظرته إليهم، ثم حالات الظلم والتهميش والاقصاء التي كان يعيشونها غبنا اجتماعيا/نفسيا عميقا. دفعهم ذلك الواقع إلى تنظيم أنفسهم في شكل حركات مسلحة (تصفه الحكومة السودانية بالتمرد). فاشتعلت حربا هي الأطول من نوعها في أفريقيا. وقد تحققت فرضية الكتاب في فشل اتفاقية نيفاشا(كيينا) للسلام الشامل وفي حتمية الانفصال (الذي حدث بالفعل بعد عامين من صدور الكتاب في عام 2009 وهذا المقال الذي يلخصه).
الملخص الانجليزي
This article, which summarizes a book of the same title, examines the dilemma of the Southern Sudan's problem that ended in secession after a long war, internationally-mediated negotiations, an Agreement of self-determination, and referendum which resulted in over 98% for independence in 2011. The article (and so is the book) discusses a central hypothesis that "the war between the South and North of Sudan is a manifestation of a conflict of identities; and that secession was imperative". The article scrutinized the Comprehensive Peace Agreement (CPA) which was signed in Kenya in 2005 by the two warring parties – the central government of Sudan and the Sudanese People Liberation Movement/Army (led by late John Garang). It argues that the CPA would fail to settle the conflict to achieve 'desirable' unity because the agreement failed to address the root causes of the problem. The research believes that the core of the problem is the "conflict of identities" between the Southerners and Northerners in Sudan. It explains that the agreement (CPA) approached the problem as a military/security one (included in the security arrangements); and a political problem of exclusion (a matter of power-sharing); and an economic problem of injustice (wealth-sharing). It is rather a matter of conflict of identities that entails deep social integration between the two peoples as well as a solid process of cultural interaction and harmonization to remove the psychological barriers between the two sides. The research conducted a public opinion pall among Southerners resident in Khartoum for decades, along with inductive technique and empirical explanations to prove the hypothesis. Actually the hypothesis was verified and the prediction came true as secession took place two years after publishing this article and the book (in 2009).
البروفيسور د عبده مختار موسى | ِprof dr Abdu Mukhtar Musa Mahmoud | 2689