الرياء الإلكتروني: آفة العصر وتحديات الإخلاص في بيئات العمل
د. محمد سلامة غنيم | Dr. Mohammed Salama Ghonaim
17/12/2024 القراءات: 36
يمثل الرياء الإلكتروني، أو ما يُعرف بـ "التظاهر الرقمي"، خطرًا جسيمًا يهدد قيم الإخلاص والنزاهة في مختلف جوانب الحياة، ولا سيما في بيئات العمل. لقد أضحى هذا السلوك السلبي معيارًا زائفًا للتقييم، ومنصةً للمتسلقين الوصوليين لتحقيق مكاسب شخصية على حساب الجدارة والاستحقاق.
مظاهر الخطر:
١- تشويه معايير التقييم: بدلًا من أن يُقاس أداء الموظف بإنتاجه الحقيقي وإخلاصه في العمل، أصبح الترويج الذاتي المُبالغ فيه، عبر مختلف المنصات الرقمية، هو الفيصل في التقييم والترقية. هذا الواقع يُجبر المخلصين على الانخراط في هذه الممارسات، خشية تهميشهم وتجاوزهم من قِبل الآخرين.
٢- تمكين غير الأكفاء: يُتيح الرياء الإلكتروني للأفراد غير المؤهلين تضخيم إنجازاتهم المتواضعة، وعرضها بصورة مُبهرة تُخفي حقيقة ضعف أدائهم. هذا التزييف يُمكنهم من الوصول إلى مناصب لا يستحقونها، مما يُلحق الضرر بمصلحة العمل وجودة الإنتاج.
٣- محق البركة وانتشار الغش الاجتماعي: يُفقد الرياء الإلكتروني العمل بركته وقيمته الحقيقية، ويُشيع ثقافة الغش والخداع في المجتمع. عندما يُصبح الظهور الإعلامي أهم من الجوهر، تنتشر النفاقية ويضعف الانتماء الحقيقي للعمل.
٤- إسناد الأمر إلى غير أهله:
أخطر ما يُمكن أن يُفضي إليه الرياء الإلكتروني هو تولي غير الأكفاء المناصب القيادية. هذه الكارثة تُنذر بانهيار المؤسسات والمجتمعات، كما حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "إذا وُسِّدَ الأمرُ إلى غيرِ أهلِه فانتظرِ الساعةَ".
سبل المواجهة:
لمواجهة هذه الآفة الخطيرة، لا بد من اتخاذ إجراءات جادة على مختلف المستويات:
- التوعية والتثقيف: نشر الوعي بمخاطر الرياء الإلكتروني وتأثيراته السلبية على الفرد والمجتمع، وبيان أهمية الإخلاص والصدق في العمل.
- وضع معايير تقييم موضوعية: اعتماد معايير واضحة وشفافة لتقييم أداء الموظفين، تعتمد على النتائج الحقيقية والإنجازات الملموسة، بعيدًا عن المظاهر والترويج الذاتي.
- تعزيز الرقابة الذاتية: حث الأفراد على مراقبة أنفسهم وتطهير نياتهم، وتذكيرهم بأهمية الإخلاص لله في كل عمل يقومون به.
- سن قوانين وضوابط: وضع قوانين ولوائح تُجرم التضليل والخداع في بيئات العمل، وتُعاقب المُتورطين في ممارسات الرياء الإلكتروني.
إن مكافحة الرياء الإلكتروني مسؤولية جماعية تتطلب تضافر جهود الأفراد والمؤسسات والمجتمع ككل. من خلال الوعي والعمل الجاد، يُمكننا حماية مجتمعاتنا من هذه الآفة، والحفاظ على قيم الإخلاص والنزاهة في جميع جوانب حياتنا.
#الغنيمي
#رؤية_للنهوض_الحضاري
تربية، فكر، نهضة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة