التشبه بين الظاهر والباطن: تأثيره على الفكر والمعتقد
د. محمد سلامة غنيم | Dr. Mohammed Salama Ghonaim
14/02/2025 القراءات: 5
إن التشبه بالآخرين في الظاهر، سواء في الهيئة أو السلوك، قد لا يكون مجرد تقليد شكلي، بل قد يمتد أثره إلى التوجهات الفكرية والمعتقدات، وهو ما يُعرف في علم النفس بـ"تأثير التماهي" (Identification Effect). فالإنسان عندما يتبنى مظاهر مستوحاة من بيئة أو ثقافة معينة، فإنه مع مرور الوقت قد يجد نفسه متأثرًا بتوجهاتهم الوجدانية والفكرية، حتى دون وعي مباشر منه.
وهذا ما يشير إليه حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ، وَمَنْ أَحَبَّ قَوْمًا حُشِرَ مَعَهُمْ"، حيث يحمل تحذيرًا من أن التقليد الظاهري قد يكون مقدمةً لتبني الأفكار والمعتقدات. فمن يستحسن سلوك قوم ويميل إلى التشبه بهم، قد يجد نفسه مع مرور الوقت مبررًا لآرائهم ومتقبلاً لمنهجهم، حتى لو بدأ الأمر بدافع التقليد أو المواكبة.
ولعل هذا المعنى يظهر جليًا في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم"، ففيه إشارة إلى أن المخالفة في الظاهر تؤدي إلى تفرق القلوب واختلافها. فكما أن عدم انتظام الصفوف في الصلاة قد يؤدي إلى تشتت القلوب، فإن التشبه بغير المسلمين أو تقليد الثقافات المخالفة قد يؤدي إلى تغير القلوب وتباعدها عن منهج الحق.
لكن في المقابل، لا يمكن الجزم بأن كل من يتشبه بغيره ظاهريًا يتبنى أفكاره بالضرورة، فهناك من يقلد في اللباس أو الأسلوب دون أن يؤثر ذلك على معتقداته، إما لمواكبة الموضة أو لدوافع اجتماعية مختلفة. وهنا يبرز التساؤل: هل أصبح التشبه بالآخرين في عصرنا أكثر تأثيرًا على المعتقدات والهوية، أم أن الناس باتوا قادرين على الفصل بين المظهر والفكر؟
تربية، فكر، نهضة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة