يعد التغافل قيمة اجتماعية كبيرة عند بني البشر ، وتزداد هذه القيمة مكانة في المجتمعات المتنوعة دينيا ومذهبياً وعرقياً وفكرياً ، فقد اوصت به الاعراف واكدت عليه الاديان السماوية ومن ضمنها الدين الاسلامي الحنيف ونبيه المصطفى صلى الله عليه واله وسلم ، وتكمن أهميتها في التقليل النزاعات الناتجة عن الخلافات التي تنشب بين افراد المجتمع المتنوع .
قسم البحث الى ثلاث مباحث رئيسة : حيث تضمن التغافل عند العرب ، والمبحث الثاني فتحدث عن اسلوب التغافل النبوي طريقة لإبتعاد عن تأثير قريش وعدائها للدعوة ، في حين خصص المبحث الثالث لدراسة اثر أسلوب التغافل في تأسيس الدولة والتغافل عن المنافقين واليهود.
لقد سار النبي على منهج واسلوب التغافل من اجل نشر الدعوة ، اذ لم يسمح لخصومه بوضع العراقيل امام انتشار الدعوة في مكة المكرمة في عهدها الاول ، ولم يدخل معهم في جدالات عقيمة لا تغني من جوع ، كما لم يبادر بالرد على اساءتهم وتهكمهم ، وتركهم للوقت ليداوي مرضهم ويرسخ قناعاتهم بصحة أرائه ، كما انه نقل هذه الخبرة لاتباعه الاوائل رضي الله عنهم ليعلموها للمسلمين الجدد ، وهكذا شاعت هذه القيمة المهمة والعرف السامي في أوساط المجتمع الاسلامي ، كما انه استثمر هذا الاسلوب في الحفاظ على نسيج المجتمع المدني المتنوع موحداً غير متفرق ، اذ تحمل من المنافقين وزعمائهم الاساءة والكيد وكان على درجة كبيرة من الحذر منهم ؛ لان في تصرفاتهم ما قد يعرض امن الدولة والمجتمع للخطر ، فضلا ً عن ذلك كان لليهود مواقفهم السلبية ضد الدعوة وشخص النبي ، واستخدم النبي نفس الاسلوب معهم لحين ما اثبتوا خيانتهم وضربوا بالأتفقات المعقودة عرض الحائط وعرضوا امن المدينة للخطر.
د. نكتل يوسف محسن | Dr. Naktal yousif mohsen | 22015