العدد السابع مقالات
" هــــــــــلا بالكتاب ".... ! ( الكتاب غذاء العقل، خلاصة نكهات المعارف وصانع للحياة) / مقالات
17/02/2021
د. أشواق غازي الياسري
أيام قلائل تفصلنا عن المعرض الدولي للكتاب الذي سيقام على معرض بغداد الدولي في العاصمة العراقية " بغداد " دورة (مظفر النواب)، وهو من تنظيم وأشراف مؤسسة المدى للثقافة والفنون ومعرض العراق الدولي للكتاب، للفترة من 9ــ 19 كانون الأول/ 2020، يتخلله برامج ترفيهية ومسابقات وخصومات مغرية على أسعارالكتب فضلاعن تضافر الجهود وتنسيق أدارة المعرض مع الشركات المخصصة لنقل الركاب من مختلف المحافظات العراقية من المعرض وإليه، بمشاركة دور نشر من مختلف بلدان العالم. وليس هذا هو الموضوع أنما شعار المعرض المثير للتساؤل والجدل، فكما هو واضح أن الميديا اليوم تلقي بظلالها على الشارع، فبعد أن كان العالم خارطة مقطعة الأوصال بعثت فيه تكنولوجيا المعلومات روح التواصل والالتقاء والتلاقح على نحو يجعل أحلام اليقظة جزءا متمما للواقع.
لكن استعارة بعض المفردات الرائجة في صفحات التواصل قد جاء محاكياً لانسحاب الوعي المقام للثقافة في ذهن الإفراد عامة. فلو سلمنا بأن هذا الشعار ربما هو دعوة لمخاطبة القارئ البسيط أو العادي اللانوعي، وهم الشريحة الأكبر في المجتمع. كجزء من استعادة الاهتمام بهذا الضيف الذي بدأ اليوم في مرتبة تالية، بعد وسائل الاتصال الأخرى التي جاءت بها التكنولوجيا الحديثة. فإننا نجد أنفسنا أمام عائق آخر وهو ضحالة وتدني الرؤية لهذا النوع من التواصل الخلاق بين أبناء المجتمع الواحد.
ويعزز ذلك نظرة سريعة إلى بعض شعارات المعارض (نقرأ لنتنفس، الكتاب نبض الحياة، الكتاب صديق دائم) نجدها ترتبط بمقومات الحياة أو على نحو أكثر دقة بالعناصر المكملة للحياة "نبض، هواء، رفقة". ولكي لا نبتعد كثيراً عن هذه المضامين نجد أن للشعارات المرافقة لهذه المعارض صدى أخر يتعلق بالإعلان كمادة تسويقية تتفق ونوع وحجم المعروض، فضلا عن الجهات الممولة له ودورها الخدمي الذي قد يكون نمطياً أو ربحياً أو محاكياً لأصداء معارض عالمية. ففي نظرة بسيطة لشعارات معارض الكتاب الدولي التي أقيمت، على سبيل المثال، في جمهورية مصر العربية، نجدها لا تخرج عن سياقات الواقع الاجتماعي الذي تنتظم فيه أو تأتي معبرة عن الرموز الثقافية ومجسدة للفكر المجتمعي بحسب الإطار الذي ولدت من خلاله مع تأكيد واضح على ضيوف الشرف وموقعهم في تعزيز تلك الثقافات.
ولعلنا لا نذهب بعيداً من ذلك إذا ما نظرنا إلى تلك المعارض المحلية اليوم، مع كمية الدعم الذي تتلقاه، لا سيما في السنوات الأخيرة، فنجده ضعيفا لا يتفق وحجم الطلب في السوق.
إن مايعانيه القارئ اليوم وهو يتنقل بين المواقع الالكترونية للحصول على بعض الكتب التي تعذر الحصول عليها ورقياً. بسبب البعد الجغرافي وشروط النشر أو الحقوق الفكرية، ونفاد الطبعات القديمة، وانحسار بعضها بسبب سياسات الرقابة المجتمعية في بعض الدول دون أخرى، يؤكد دور الميديا في تقليص تلك المسافة وبروزها علاجا ناجعا لتلك المشكلات. لكن، هل هذا يعني توظيف مفرداتها كمادة أعلانية من دون النظر للسياق الذي انتزعت منه؟ بالرغم من كون الكتاب وما زال في كل معارضه بضاعة منتقاة روادها من النخبة المثقفة التي تعي تماما أهمية الفكر أكثر من الطعام والسينما والتسوق.
إن متعة العقول وترفها تنحصر بالوعي والمعرفة، وكلها ضمن التعلم والقراءة، ولن تكون بإثارة لذة يبدو فيها الكتاب على حساب الإحساس به كجسد، فهو علامة فارقة في تطور الشعوب وليس انحطاطها أو تراجعها، وهو وفق هذا الوصف غذاء للعقل وخلاصة لنكهات المعارف.
العدد السابع معرض الكتاب ، بغداد ، القراءة ، الكتب ،مواضيع ذات صلة