' الإضطرابات القهرية..... سبب آخر وراء الإنتحار '
د. مروه العميدي | Marwa Alameedi
24/11/2023 القراءات: 1157
' الإضطرابات القهرية..... سبب آخر وراء الإنتحار '
الوسواس القهري هو أضطراب سلوكي قهري لا إرادي ، لا واقعي وغير منطقي يقود الى حالة من الإكتئاب والقلق المستمر وعادة يكون بعدة أنواع وعلى درجات متنوعة خفيفة ومتوسطة وشديدة والتي عندها يتوقف الفرد عن العمل.
وتظهر أعراض الإضطراب القهري بمداهمة فكرة ما وسيطرتها وسيادتها لدى الفرد المصاب بحيث تشغل لديه مكانة في الوعي والشعور مما يفقد سيطرته وتحكمه في بقية الأفكار رغم إدراكه لهذا.
ويتمثل ظهور مرض الوسواس القهري بالشكوك المستمرة التي لا يستطيع التخلص منها ومجابهتها حول عمل ما قام به الشخص المصاب للتو كإطفاء الكهرباء أو الفرن أو الإهتمام بالتنظيف والترتيب بالشكل المبالغ فيه ، كما يرافقه تخيل لا منطقي مما يترك آثاره الضارة على المستوى الشخصي للفرد فترادوه أفكار حول الممارسات العدوانية العنيفة كالتخلص من أقرانه أو إنتقامه من شخص ما وإلحاق الأذى به.
يقول كيريستيان شميدت - كريبلين وهو أحد الأطباء المختصين في الأمراض النفسية في مستشفى دوسلدروف الألماني : "إن إضطرابات الوسواس القهري متواصلة بشكل دائم دون إرادة المصاب وقد تكون عدائية بعض الشئ وممكن أن تصبح مشكلة تدمر حياة هؤلاء الأشخاص"، هذا فضلاً عن التخيلات الأباحية التي تحضر ذهنه إضافة الى مخاوفه من أي فيروس أو عدوى ممكن أن تنتقل اليه من خارج محيطه لذلك نلاحظ دائماً أن هؤلاء الأشخاص أكثر حيطة وحذر في ملامسة الآخرين ومصافحتهم.
وبالأمكان التعرف على المصابين بمرض الإضطراب القهري الفتاك من خلال متابعة عادات يمارسوها بكامل الهوس والإستمرار كالفحص المتكرر للأشياء خلال فترة زمنية قصيرة لا تتجاوز عدة دقائق والعودة الى التأكد منها و الألحاح والإفراط في النظافة والتعقيم فضلاً عن ممارسة عادات غير محببة كقضم الأظافر ونتف الشعر بشكل لا إرادي مما تصاب مناطق محددة من رؤوسهم بالصلع وهو ما يطلق عليه تسمية (الصلع الوقتي الموضعي) ، إضافة الى مخاطبة الذات بشكل دائم ومتواصل (الاجترار) والرغبة في الكمالية بكل شئ.
أما أسباب الإضطرابات الوسواسية القهرية فهي متعددة لكنها بالأساس تعود الى عوامل جينية ووراثية مكتسبة إلا أن هذا الجينات لم يتم تحديدها حتى الآن ، وهناك مسببات بيولوجية أخرى تؤدي الى ظهور هذا الداء وهي من نتاج تغييرات كيميائية تحصل في المخ والدماغ والجسد نتيجة نقص في السيروتونين المسؤول عن إفراز هرمون التحكم بالعواطف وأيضاً يعد ناقل عصبي تتبادله النهايات العصبية في داخل الدماغ . ولا ننسى أن للنطاق البيئي الذي يعيش فيه الشخص دور في الإصابة فمن الممكن أن تكون هذه البيئة موطناً صالحاً لتكاثر الجراثيم.
وهناك مخاطر جسيمة قد يتسبب بها المصاب بالوسواس القهري الإضطرابي منها مخاطر تهدد الأسرة حيث يكون المرض وراثي ينتقل الى الأبناء والأحفاد من الاب الحامل للأضطراب فضلاً عن التوتر والضغط البليغ مما يجعل الشخص المصاب مشوه في علاقاته الأجتماعية ومدمن على نوع معين من الدواء أو يتعاطى المخدرات والكحول أو يرغب في إنهاء حياته بطريقة غير مشروعة (الإنتحار).
وقد سعى الأطباء المختصين بالأمراض النفسية على غرار مساعي علماء النفس من أجل تشخيص حالات الأضطراب القهري فوجدوا أن الطريقة المجدية لتشخيص الإصابات هي التقييمات النفسية والسلوكية فضلاً عن اللجوء الى المختبرات المختصة بالفحص الجسدي والهرموني.
وبعد إن تمكنوا من تشخيص الكثير من الحالات الإضطرابية القهرية توصلوا الى عدة طرق علاجية مجدية من خلال المعالجات السلوكية والنفسية والتي هي أكثر نجاحاً حتى الآن وتصلح لصغار العمر غير البالغين وحتى البالغين هذا فضلاً عن المعالجة الطبيعية التي تعتمد على توليد موجات كهربائية للدماغ والجمجمة من أجل أعادة تحفيزها ونشاطها بشكل سليم أو بواسطة المعالجة بالعقاقير الطبية التي تساهم في إرخاء الأعصاب والسيطرة على الوسواس والسلوكيات الغريبة من خلال رفع نسب السيروتونين.
------------------
مروه العميدي
الاضطرابات - الوسواس القهري - مرض نفسي
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع