مهارة اتخاذ القرار ودورها في صناعة حياة أفضل
م.نوره الخضير | Noura alkhader
16/07/2024 القراءات: 361
قد تكون حياتنا بالكامل سلسلةٌ من قرارات تتفاوت في أهميتها وتختلف في طبيعتها، فتكون سبباً مباشراً في النجاح أحياناً وتكون سبباً لفوات الفرص أحياناً أخرى، وهي مهارة قد تتسبب البيئة المحيطة بضمورها وجعلها في الحد الأدنى، وقد تتحول إلى ميزة قادرة على صناعة الفرق في الحياة عندما تجد هذه المهارة الاهتمام والرعاية. والسؤال هنا: هل يتخذ القرار أهميته من المكانة التي يتمتع بها الإنسان والمستوى الإداري الذي يشغله؟ أم أن القرار يكتسب قيمته من كونه جاء في ظرف معين وفي مكان معين وفي لحظة معينة، غابت فيها كل أدوات صناعة القرار، فكان القرار صائباً وذكياً فحقق المصلحة للجميع؟ بدايةً ما هو القرار؟ في كتابه "فنّ القرار" يقول الكاتب الأمريكي هارڤي ليكر: القرار هو اختيارٌ واعٍ بين مسارين أو أكثر، بناءً على تحليل المعلومات المتاحة وتقييم العواقب المحتملة. وفي مستوى معين وعندما تتوسع قاعدة الأشخاص الذين سيتأثرون بقرار ما، لا بد أن يكون لاتخاذ القرار الأفضل طريقة مختلفة، وتبدأ مسيرة بناء القرار السليم بتحديد الهدف من القرار، ثم جمع المعلومات الكافية، التشاور مع أصحاب الرأي، واقتراح الخيارات المناسبة، ثم اتخاذ القرار في نهاية المطاف. وبما أن اتخاذ القرار يحتاج إلى رأي متخذه وإلى رأي من يشاورهم، لابد هنا من الإشارة إلى مفهوم الرأي. ويُقدم الفارابي في كتابه "المنطق" تعريفًا دقيقًا للرأي، مُشيرًا إلى أنه ظنٌّ ينشأ عن إدراكٍ حسي أو معقول، ويُؤكد على دور العقل في تكوين الرأي، من خلال تحليل المعلومات وتقييمها وفقًا للمبادئ المنطقية. وقد أولى العرب قديماً اهتماماً كبيراً بالرأي وأصحابه، وهذا ما يتلخص في قول الشاعر المتنبي:
الرأي قبل شجاعة الشجعان هو أولٌ وهي المحل الثاني
فإذا هما اجتمعا لنفسٍ حرةٍ بلغت من العلياءِ كل مكانِ
وهنا تبرز أهمية الرأي في اتخاذ القرارات فإذا غاب الرأي السديد واستبعد أصحابه، افتقدت صناعة القرار أهم أدواتها، وتحولت إلى مجرد ارتجالات غير محسوبة. ولعل من أبرز العلل في واقعنا العربي اليوم، استبعاد أصحاب الرأي صدفة أو عمداً عن دائرة اتخاذ القرار، والاكتفاء بأشخاص ربما هم انعكاس للأقلية الضاغطة أو الأكثرية المسيطرة. ومهارة اتخاذ القرار يجب أن يتم البحث عن بذورها منذ الصغر، وغرسها في المكان المناسب، وتعهدها بالرعاية والتدريب والتحفيز، وإعطائها الأهمية المستحقة. وإن كانت القرارات الصغيرة تؤثر سلباً أو إيجاباً في حياة متخذها، في المقابل يكون لأثرها شكل مختلف عندما يتعلق الأمر بجماعة أو بأمة، وهنا يخرج الفرد من دائرة المسؤولية الشخصية إلى دائرة المسؤولية الجماعية ليقرر باسم الجميع وليعمل لمصلحة الجميع، وهنا لا بد من الاجتهاد والتسلح بأدوات صناعة القرار السليم.
القرار-النجاح-الرأي-الخيارات
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع