ما معنى الشهر النسيء و متى تبناه العرب و كيف جعلوه زيادة في الكفر؟
عماد ناجي رشيد الهاشمي | Imad Naji Rasheed
12/11/2022 القراءات: 1490
قال الله تعالى: ((إِنَّمَا ٱلنَّسِىٓءُ زِيَادَةٌ۬ فِى ٱلۡڪُفۡرِۖ يُضَلُّ بِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلُّونَهُ ۥ عَامً۬ا وَيُحَرِّمُونَهُ ۥ عَامً۬ا لِّيُوَاطِـُٔواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُۚ زُيِّنَ لَهُمۡ سُوٓءُ أَعۡمَـٰلِهِمۡۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِى ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡڪَـٰفِرِينَ)) "٣٧" سورة التوبة بدأ العرب قبل الاسلام بحوالي 150 سنة يستعملون نظام النسيء و هو اضافة شهر قمري و حشره بعد موسم الحج والسبب في اضافة هذا الشهر الثالث عشر هو للحفاظ على توافق موسم الحج في نهاية الربيع وقبل الصيف مباشرة بحيث يقع شهر ذي الحجة في شهر آيار/مايو دائما سنويا ويتم الاتفاق عليه واعلانه ايام مِنى بحضور معظم أو كل القبائل العربية لتتفق على توقيت ذلك الشهر، مما يعني انه تمت اضافة الشهر النسيء كل ثلاث سنوات. و الفرق بين السنة الشمسية و السنة القمرية هو 10 – 11 يوما أقل و هذا بالحساب يعني ان تزحف السنة القمرية عن السنة الشمسية متقلصة بفارق 21 يوما كل سنتين ولذا في العام الثالث عندهم يتم اضافة الشهر النسيء لاعادة التوازن و التواكب بين نظامي التقويمين الشمسي والقمري. وقد ابتدعو ذلك النسيء عندما تكاسلت بعض قبائل العرب من القدوم الى مكة ايام ذي الحجة لانه إذا وقع في اشهر الشتاء القارسة و التي لا تجارة فيها قالوا لا حاجة لنا بزيارة مكة للتبرك بالآله فقط بدون تجارة إذ لدينا الصنم الذي نعبده هنا في القبيلة، فلا داع اذن لمشقة الحج. وكان تجار مكة قد سمعوا في الشام ان اليهود يضيفون شهرا كل ثلاث سنوات و يسمونها السنة الكبيسة لتثبيت مواسم العبادة في دينهم لانهم كانوا يعتمدون التقويم القمري لسنينهم، فراقت للقرشيين هذه الفكرة و سموه الشهر النسيء و حشروه بعد المحرم وسموه احيانا بصفر الاول وشهر صفر بالثاني. وهذه البدعة قد غطت على نعم الله بتغيير المواسم (اي كفروها). ثم حدث ان رئيس احدى القبائل الكبيرة اراد ان يغزو قبيلة اخرى للثأر في غير توقعها و في غفلة منها فقرر ان يحشر النسيء قبل المحرم و يؤخر الحرمة للشهر التالي و بهذا يحل له غزو اعدائه في وقت التحريم (و بذا فالقبيلة التي لم تحضر موسم الحج و اعتمدت على التوقع ان النسيء بعد محرم ولم تدر متى ينسؤه قد أُكلت و سُبيت)؛ فكانوا عبرة لكل القبائل، و من يومها اخذوا يواضبون على حضور موسم الحج (خصوصا في السنة التي يضاف فيها النسيء، ولو ببضعة افراد منها ليعودوا و يخبروا قومهم متى النسيء). وبهذا زادوا كفرهم ان استغلوا فكرة النسيء بتحريم الحلال و تحليل الحرام بتغيير موضعه. لم يتوقف اضافة النسيء حتى بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم حتى تم فتح مكة في العام الثامن و كانت اول سنة بعد اضافة النسيئ في العام السابق (اي أضافت قريش النسيء في العام السابع للهجرة) و بعد سنتين حج النبي صلى الله عليه وسلم وانتظر الناس الذين اسلموا حديثا منه ان يعين الشهر النسيء كما تعودوا من زعماء مكة سابقا فقال صلى الله عليه وسلم: في حجة الوداع في منى: ((إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان.)) و الغى مبدأ النسيء حسب الآية:: "إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين" أي ان الزمن عاد الى توافق الاشهر القمرية بأسمائها مع مواقيت الله تعالى. و لعل هذا يفسر لِمَ لَمْ يحج النبي عليه السلام قبل ذلك، وأظن السبب هو توقيت يوم عرفة الذي لم يكن في شهر ذي الحجة الاصلي بل قد زحف بسبب النسيء. و يؤيد رأيي ان احاديث التحري و البحث عن ليلة القدر في شهر رمضان (والذي صامه الناس معه خمس سنوات في غير توقيته الاصلي كذلك) لم يذكرها الا بعد الفتح حيث توافق رمضان في وقته الشرعي. { و اما حديث الذي ذكره النبي (صلى اللَّه عليه وسلم( أن رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ) لَبِسَ السِّلَاحَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَلْفَ شَهْرٍ، فَتَعَجَّبَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ ذَلِكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ. قَالَ: خَيْرٌ مِنَ الَّتِي لَبِسَ فِيهَا السِّلَاحَ ذَلِكَ الرَّجُلُ ، فهو حديث مرسل و خصوصا انه به يتم توقيت نزول السورة في مكة يوم الفتح في شهر رمضان} مما يجعل غالب الظن ان سبب نزولها هو توافق رمضان مع زمانه الشرعي و ان تحري ليلة القدر اصبح منطقيا وليس كما في السنوات السابقة التي كانت في غير زمانها و الله اعلم.
النسيء ، ليلة القدر ، يوم عرفة، التقويم القمري و التقويم الشمسي
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
معلومة تسمعونها لاول مرة ! من فضلكم ساهموا بنشرها
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة