مدونة عماد عبد الرحمن محمد صالح الهيتي
الصمت الزلزالي لفايروس كورونا
عماد عبد الرحمن محمد صالح الهيتي | Emad Andulrahman Mohammed Salih Al-Heety
08/09/2020 القراءات: 1182
الصمت الزلزالي لفايروس كورونا
العنوان هو لمقالة نشرت في نشرة أسبوعية EOS تصدر عن الأتحاد الجيوفيزيائي الأمريكي وكانت بعنوان: Duncombe , J. (2020) The seismic hush of the coronavirus, Eos, 101, https://doi.org/10.1029/2020EO147422. Published on 23 July 2020.. وهذه المقالة أعتمدت البحث الذي نشر في مجلة Science في تموز الماضي من قبل 68 باحثا وبالعنوان الآتي:
((Global quieting of high-frequency seismic noise due to COVID-19 pandemic lockdown measures)).
للحصول على تسجيل ذا جودة عالية للهزات الأرضية لا بد من التخلص مما يعرف بالضوضاء الزلزالية seismic noise. وتعرف الضوضاء الزلزالية بأنها الأشارات غير المرغوبة والتي قد تؤدي الى تغطية الأشارات الزلزالية المرغوبة والتي عندها لا يمكن تمييز تلك الاشارات كهزات أرضية. تكون الضوضاء الزلزالية على نوعين: الضوضاء الطبيعية وهي حركات أرضية بطيئة مستمرة يعتقد العلماء أنها ناجمة عن ارتطام الموجات البحرية باليابسة، والضوضاء الصناعية الناجمة عن الأنشطة البشرية المختلفة.
ندخل الآن في جوهر المقالة، تركز المقالة على الضوضاء الصناعية والتي تأثرت بالهدوء الذي نجم عن اغلاق أغلب الأنشطة البشرية بسبب جائحة كورونا. خلال فترة الأغلاق هذه تمكن علماء الزلازل من الانصات الى أو تمييز اشارات طبيعية خافتة لم يتم تميزها سابقا قبل وقوع الجائحة. فعلى سبيل المثال، بسبب هبوط مستوى الضوضاء الزلزالية تمكن العلماء من تتبع الرجفات tremors البركانية في مدينة أوكلاند في نيوزيلندا. أنخفضت الضوضاء الزلزالية بمقدار النصف خلال فترة اغلاق كورونا مما منح علماء الزلازل سكونا نادرا لبحث الأشارات المخفية والتي يتم أغراقها أو تغطيتها بالأنشطة البشرية.
يسجل ويقيس علماء الزلازل الموجات الزلزالية الناجمة عن مصادر طبيعية مثل الهزات الأرضية والبراكين، بالاضافة الى الاشارات الناجمة عن الأنشطة البشرية. يمكن للشاحنات والسيارات وحتى التسوق أن تخلق موجات زلزالية عالية التردد تشع من المراكز السكانية يتخلص منها علماء الزلازل من خلال ترشيحها للبحث عن الاشارات الطبيعية.
كانت الضوضاء الزلزالية مؤخرا هادئة بشكل لم يعتاد عليه علماء الزلازل، وأطلقوا عليه تعبير التوقف البشري anthropause . يقول أحد علماء الزلازل وهو Paula Koelemerijer والتي كانت أحد الباحثين الرئيسين في دراسة حول الموضوع نشرت في تموز 2020 في مجلة Science : ((أن فترة التوقف البشري هي الأهدء الآن والتي يمكن أن تمكننا من التقاط الأشارات الأصغر والتي تقود الى تحسين تحليل المخاطر الزلزالية)). يمكن أن يساعد تتبع الهزات الأرضية الأصغر علماء الزلازل في فهم الهزات الأرضية الأكبر والأكثر خطورة وكذلك مساعدتهم في مراقبة كيف تتحرك الصدوع faults. في فترة التوقف البشري ، عندما ضربت هزة أرضية بمقدار 5.0 مدينة Petatlan في المكسيك في 4 تموز 2020، تم اكتشافها من البيانات الخام دون اجراء عملية ترشيح في محطة تبعد عن موقع الزلزال بمسافة 380كم. في الظروف الاعتيادية، في حين في الظروف الطبيعية قد تفقد الهزات الصغيرة اذا لم يتم التخلص من الضوضاء.
عالميا، أنخفظت الضوضاء الزلزالية بمعدل وسيط بنسبة 50% خلال فترة علق فايروس كورونا من شهر أذار الى شهر أيار. تتضمن القياسات جميع الاشارات الزلزالية، لكن علماء الزلازل يعزون الانخفاض الى الأنشطة البشرية بمقارنة التغيرات في الضوضاء الزلزالية مع بيانات الانتقال mobility من كوكل وآبل. يتغير انخفاض الضوضاء الزلزالية مع الموقع: حيث أنخفضت بنسبة 33% في بروكسيل في بلجيكا؛ 50% في سريلانكا؛ و 10% في البارك المركزي في نيويورك. في المناطق الريفية وفي محطة زلزالية في مدينة روندو في ناميبيا أنخفضت الضوضاء بنسبة 25%. أعتمدت دراسة Paula Koelemerijer وزملائها على بيانات تم الحصول عليها من 185 محطة زلزالية في العالم موزعة في مناطق حضرية وريفية ومن أجهزة مهنية بالاضافة الى منصات عامة. يمتلك علماء الزلازل حول العالم الآن الفرصة للاستفادة من هذه البيانات المقدمة في هذه الدراسة والبحث عن الاشارات الزلزالية المخفية في التسجيلات الزلزالية.
تتوقع Paula Koelemerijer انجاز دراسات لاحقة على الضوضاء الزلزالية، والتي يمكن لبعض العلماء أن يستخدموها في تصوير جوف الأرض وفي التقييم الجيد للضوضاء الزلزالية الناجمة عن الأنشطة البشرية. وترى هي كذلك جهودا عالمية تبذل لايقاف انتشار فايروس كورونا.
والخلاصة التي أستنتجها هي أن الهدوء الناجم عن توقف الأنشطة البشرية بسبب جائحة كورونا، مكن علماء الزلازل من الكشف عن والتقاط الهزات الأرضية التي لا يمكن كشفها والتقاطها في الظروف الاعتيادية. وهذا وكما اشارت اليه دراسة Paula Koelemerijer و زملائها يؤدي الى فهم أفضل للهزات الأكبر والأكثر خطورة وكذلك كيف تتحرك الفوالق ، وهذا ينعكس بدوره على تحسين تحليل المخاطر الزلزالية.
والله خير حافظا
الضجيج الزلزالي، كوفيد -19
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف