واجه الشعب الفلسطيني في بداية عامه الجديد وضعاً سياسياً قاتماً في ظل تزايد حدة الصراع وفقدان الركيزة السياسية فقطار المصالحة عاد ليفقد توازنة من جديد ، هذا بالاضافة الى النزعة الفردية التي أخذت تطغى على مجتمعه المدني. فمشروع بناء الدولة الذي حمل في طياته وعوداً كثيرة في عقدي الثمانينيات والتسعينيات لم يعد يرقى الى اعتباره هدفاً سياسياً بديلاً يحظى بتأييد شعبي، بل بات يفقد مؤيديه باطراد بالرغم من اعتراف العدد من الدول بالدولة الفلسطينية.

الا أنه من الواضح أن الوهن السياسي الحالي الذي يعانيه الشعب الفلسطيني يرجع في معظمه إلى غياب التفكير الاستراتيجي، إن التفكير الاستراتيجي السليم يعتمد على إجراء تقييم دقيق للبيئة السياسية الحالية وما تحتويه من فرص وتحديات داخلية وخارجية والخروج من حالة الانقسام التي اصبحت شبة مستحيلة في ظل الوضع الراهن والتراشقات الأخيرة بين أطراف الانقسام المصالحة الفلسطينية في ظل الجهود المصرية لانجاز المصالحة الفلسطينية التي وصلت الي طريق مسدود بين اصرار طرفين النزاع الي عدم تقديم تنازلات حقيقية وواقعية تسير علي ارض الواقع وأنهاء حالة الأنقسام الفلسطيني الفلسطيني وتعذّر تطبيق العديد من اتفاق المصالحة الموقعة بين "فتح" و"حماس"، العديدة بالقاهرة بسبب نشوب خلافات حول قضايا؛ منها تمكين الحكومة، وملف موظفي غزة الذين عيَّنتهم "حماس" في أثناء فترة حكمها للقطاع. ومن الأهمية بالنسبة الى الفلسطينيين أن يُجروا تقييماً دقيقاً لاستراتيجيات إسرائيل كونها الطرف الأقوى الذي يقرر نطاق الصراع ومجرياته إلى حد بعيد. اذ إن من الأسباب الرئيسية لاعتبار «أوسلو» كارثةً سياسية أن القادة الفلسطينيين، وبسبب افتقارهم إلى الكفاءة أو يأسهم لإيجاد حل، وما تبعه من تنازلات انعكس بشكل كارثي على قدرة الفلسطينيين التفاوضية ووحدتهم وقدرتهم على صياغة استراتيجية وطنية متماسكة.

فالأنظار كلها تتجه صوب القاهرة مازالت وشبح التشاؤم بات يسيطر على الفلسطينيين خشية الأحداث الحالية التي احاططت القطاع وأخرها الأعتداء علي تلفزيون فلسطين من قبل مجهولون والذي بدورة يشعل الوتيرة ويشعل التخبطات بين طرفي النزاع التي لن تؤدي الا لطريق مسدود رغم جهود القاهرة المستمرة لانهاء حالة الانقسام  ، أو ارتدادات سلبية في منحى الاتفاق وشكله، وذلك بعد سحابة من التفاؤل أحاطت بتفاهمات القاهرة إبّان إعلان حركة حماس حل اللجنة الإدارية بغزة، وسعيها الحثيث نحو إنجاز المصالحة بتقديمها كافة التنازلات الممكنةووقوفعها علي بعضها.

للأسف هذه لم يعد بالإمكان تحقيق المصالحة في ظل أجواء مشحونة ومناكفات سياسية على مدار تلك السنوات العجاف التي صبت كلها في ضريبة دفع ثمنها المواطن لا صانع القرار!

ورغم كل ما يجري على الأرض وما يصرح به المسؤولون للإعلام، يبقى الغموض سيد الموقف، ويبقى السؤال الذي ينتظر الإجابة: إلى أين سيصل قطار المصالحة الفلسطينية هذه المرة؟ وهل سيقبل الشارع الفلسطيني العودة للمربع الأول.

في حال ما تم التوصل إلي اتفاق مع مصر" أو رفض المقترح المصري، وهو ما سيترتب عليه أزمة سياسية من الممكن أن تكون الأعمق بين أخواتها السابقة، فرفض أي طرف من الأطراف الآن للورقة المصرية وتدهور المصالحة فهذا يعني نهاية قصة المصالحة لهذا العام على أمل الخوض فيها مرة أخرى بعد أربع أو خمس سنوات وسيكون المجني علية الشعب الفلسطيني وبالاخص الغزي مما سيدفعه الي الذهاب للهاوية، وستؤدي الي مزيد من التدهورات الأقتصادية والأجتماعية والسياسية بالاخص.

بقلم : صلاح حمدان