رصاصة الرحمة

صلاح حمدان
صلاح حمدان

صلاح حمدان

بعدما تم اطلاق رصاصة الرحمة على مسيرة المصالحة الفلسطينية , فالوضع الفلسطيني الحالي بكافة مستوياتة فيغلب اتجاه الاتفاق حول إعتباره في أسوأ حالاته , منذ أحداث الانقسام الأسود في حياة الفلسطينيين راوح الحراك الفلسطيني الداخلي ضمن إطار مساحة العمل التقليدية التي تدور في فلك قواعد لعبة معروفة لجميع الاطراف ، وذلك ضمن صراع فصائلي بأدوات وعقول مختلفة ، دون أي تجاوز حقيقي وتجاوز نوعي يخلّ بعناصر المعادلة، في ظل عجز موجود عن نقل اتفاقات المصالحة الفلسطينية التي تم إبرامها من طور الشعار إلى حيز التطبيق الواقعي ، وترجمة نظريات الشراكة والوفاق إلى برامج عملية واقعة تصب بصالح المواطن الفلسطيني.

رصاصة الرحمة دقت أبوابها منذ زمن ولا مفر أمام طرفي الانقسام الفلسطيني من الاستجابة للتحديات الراهنة والنزول عن ابراجها العالية عند مقتضيات المصلحة والوفاق التي تتطلع لمصلحة الوطن والشعب في المسار الاول، ولو بحدها الأدنى، قبل أن يصبح سيناريو القطيعة والانفصال قدرا لا رادّ له مستقبلا وتبقي الايدي تصب في نطاق الطرفين بعيدا عن مصالح الشعب. نحن بعيدون كل البعد عن اتفاق وطني لترتيب أوضاع وملفات البيت الفلسطيني الداخلي.

وبالعورة الي التسلسل الزمني الفلسطيني منذ لحظة الانقسام الأسود:-

وفي مطلع 2006 تم تنظيم ثاني انتخابات تشريعية فلسطينية، وهي أول انتخابات تشارك فيها حماس التي حققت مفاجأة بحصد أغلبية المقاعد في المجلس التشريعي، ليسارع القيادي في حركة فتح آن ذاك محمد دحلان إلى التصريح بأنه من العار على فتح المشاركة في حكومة تقودها حماس، في حين دعا الرئيس محمود عباس الحكومة القادمة إلى الالتزام باتفاقات منظمة التحرير ونهج السلام.

وبعد رفض الفصائل المشاركة في حكومة حماس، شكلت الحركة حكومتها برئاسة إسماعيل هنية الذي سلم يوم 19 مارس/آذار 2006 قائمة بأعضاء حكومته إلى الرئيس محمود عباس، لكن الحكومة قوبلت بحصار إسرائيلي مشدد عرقل عملها، وبمحاولات داخلية للإطاحة بها من خلال سحب كثير من صلاحياتها وإحداث القلاقل الداخلية طوال 2006.

ونظرا لرفض الأجهزة الأمنية التعاطي مع الحكومة الجديدة، شكل وزير الداخلية آنذاك الشهيد سعيد صيام قوة مساندة تعرف بـ"القوة التنفيذية"، لكن حركة فتح شنت عليها حملة واسعة وصلت لحد الاصطدام مع الأجهزة الأمنية الأخرى، وذلك بالتزامن مع حملة اغتيالات في غزة واعتقالات إسرائيلية للنواب في الضفة.

تهدئة وتوتر

وفي هذا الظرف تحركت العديد من الجهات لوقف الاشتباكات بين مسلحي حماس وفتح والأجهزة التابعة لهما، ونجحت هذه التحركات في وقف الاشتباكات وإنشاء لجنة تنسيق وضبط العلاقات بين الطرفين، لكن الأمور عادت مجددا للتوتر والاصطدام.

وفي مايو/أيار 2006 أطلقت قيادات الأسرى الفلسطينيين وثيقة للمصالحة سميت لاحقا بوثيقة الأسرى التي لاقت ترحيبا من جميع الأطراف، وعلى أثرها عُقد مؤتمر الحوار الوطني يوم 25 مايو/أيار 2006، ومع ذلك ظل الانقسام قائما ولم تتوقف الاشتباكات المسلحة، وفشلت وساطات عديدة بينها الوساطة القطرية في أكتوبر/تشرين الأول 2006 في تهدئة الأوضاع.

وحسب إحصائية أعدتها الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن، فقد قتل نتيجة الانفلات الأمني خلال الفترة المتراوحة بين يناير/كانون الأول ونوفمبر/تشرين الثاني 2006 نحو 322 فلسطينيا منهم 236 في قطاع غزة و86 في الضفة الغربية.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2006 دعا الرئيس محمود عباس إلى عقد انتخابات لمجلس تشريعي فلسطيني جديد، لكن عددا من قيادات الفصائل الفلسطينية في دمشق رفض الدعوة وانفجرت الأوضاع مجددا، وتعرض وزير الداخلية سعيد صيام لمحاولة اغتيال فاشلة في العاشر من ديسمبر/كانون الثاني 2006.

واستمرت أجواء التوتر مع دخول عام 2007، إذ بادر الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز إلى دعوة حركتي فتح وحماس إلى التحاور في رحاب الأراضي المقدسة، ووقعت الحركتان على ما بات يعرف بـ"اتفاق مكة" في فبراير/شباط2007، وشكلت الفصائل حكومة وحدة وطنية.

اتفاق مكة لم ينجح في إنهاء الانقسام

لكن وبعد اتفاق مكة بأسابيع قليلة تجددت الاشتباكات بين مسلحي فتح وحماس، وهو ما انتهى بسيطرة حماس على قطاع غزة، ليتحول الانقسام السياسي إلى انقسام جغرافي يوم 14 يونيو/حزيران 2007.

وفي رام الله أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس إقالة حكومة إسماعيل هنية، وكلف سلام فياض بتشكيل حكومة جديدة، واستمرت الأمور إلى يومنا هذا بحكومتين واحدة في الضفة وأخرى في غزة.

الورقة المصرية

وبعد صمت لأكثر من عامين وتحديدا في أوائل 2009 وبعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، تجددت الوساطة بين الفصائل لتكون هذه المرة مصرية حيث أعدت القاهرة خلاصة أفكارها فيما باتت تعرف بـ"الورقة المصرية" وطرحتها في سبتمبر/أيلول 2009.

ولئن سارعت حركة فتح للتوقيع عليها فإن حركة حماس قالت إنها بحاجة إلى وقت لدراستها قبل أن تطلب إدخال تعديلات عليها، لكن السلطات المصرية رفضت الطلب، وهو ما أدى إلى تجميد الأمور من جديد لشهور طويلة.

وعاد الحراك مجددا إلى ملف المصالحة بعد لقاء جمع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل ورئيس المخابرات المصرية عمر سليمان أواسط 2010، عقد على أثره لقاء بين فتح وحماس بالعاصمة السورية دمشق في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني 2010.

ورغم الإعلان عن جلسة جديدة أواخر ديسمبر/كانون الأول 2010، فإن اللقاء لم يعقد إلى الأن، وتبادلت الحركتان الاتهامات بالمسؤولية عن تعطيله.

وبشكل عام لم يكن البرنامج السياسي وصراع الصلاحيات المصدر الوحيد للخلاف الداخلي في هذه المرحلة، فقد واكبهما أيضا خلاف قديم جديد بشأن حق مقاومة الاحتلال ومواجهة اعتداءات إسرائيل المتكررة.

ومع اندلاع الثورات العربية مطلع عام 2011 وفشل خيار المفاوضات مع إسرائيل، ارتفعت مجددا أصوات الشباب الفلسطيني ليطالبوا بإنهاء الانقسام والعودة للوحدة الوطنية وصولا الى الوضع الراهن وبتزايد حدة الوتيرة بين الجانبين ظهرت رصاصة الرحمة وظهر الوضع الأسود الحالي والتدهور الملحوظ والملموس للشارع الفلسطيني وصولا الي سوء الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية بشكل خاص بقطاع غزة وصولا الي معضلة أتفاق 2011 , 2017 والذي جاء فيه:

اتفاق 2011

هو اتفاق للمصالحة معروف باسم "اتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني"، وقعتها أغلب الفصائل الفلسطينية المهمة، بما فيها "فتح" و"حماس" في العاصمة المصرية القاهرة يوم 4 مايو / أيار عام 2011.

وتتمثل أول بنود الاتفاق في "الانتخابات"، حيث يتفق الطرفان مع بقية الفصائل الفلسطينية على تحديد أسماء لجنة الانتخابات المركزية، ورفعها للرئيس الفلسطيني ليصدر مرسوما بتشكيلها.

وجاء فيه أن الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني تُجرى مترافقة، بعد عام من تاريخ توقيع اتفاقية الوفاق الوطني من جانب الفصائل الفلسطينية.

وفي ما يتعلق بمنظمة التحرير الفلسطينية، اتفقت الحركتان على أن تكون مهام وقرارات الإطار القيادي المؤقت غير قابلة للتعطيل، وبما لا يتعارض مع صلاحية اللجنة التنفيذية للمنظمة.

وفي ملف الأمن، اتفق الطرفان على تشكيل لجنة أمنية عليا تتكون من ضباط مهنيين يتم اختيارهم بالتوافق، على أن يصدر الرئيس الفلسطيني مرسوما بشأن اللجنة.

وفي ما يتعلق بالحكومة، فإن الاتفاق نص على تشكيل حكومة فلسطينية من كفاءات وطنية وتعيين رئيس الوزراء والوزراء بالتوافق.

ويقع على عاتق تلك الحكومة، وفق الاتفاق، تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني، والإشراف على معالجة قضايا المصالحة الداخلية، ومتابعة عمليات إعادة إعمار قطاع غزة، وإنهاء الحصار الإسرائيلي.

إلى جانب ذلك، تتابع الحكومة الفلسطينية تنفيذ ما ورد في اتفاقية الوفاق الوطني وفقا لصلاحيتها، ومعالجة القضايا المدنية والمشاكل الإدارية الناجمة عن الانقسام، وتوحيد مؤسسات السلطة بالضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، كما أنها مطالبة بتسوية أوضاع الجمعيات والمؤسسات الأهلية والخيرية.

وفيما يتعلق بالهيئة الفلسطينية التشريعية، نص الاتفاق على تفعيل المجلس التشريعي الفلسطيني طبقا للقانون الأساسي.

اتفاق عام 2017

وقعت حركتا "فتح" و"حماس" في 12 أكتوبر / تشرين الأول عام 2017 اتفاقا للمصالحة في العاصمة المصرية القاهرة.

عن حركة "فتح" وقع الاتفاق عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية، وعن حركة "حماس" صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي للحركة.

وجاء توقيع الاتفاق بعد سلسلة من الاجتماعات بين الحركتين برعاية مصرية، على مدار يومي 10 ـ 11 أكتوبر / تشرين الأول عام 2017، لبحث ملف المصالحة الفلسطينية.

واتفقت الحركتان على "إجراءات تمكين حكومة الوفاق الوطني (شُكلت عام 2014) من ممارسة مهامها، والقيام بمسؤولياتها الكاملة في إدارة شؤون قطاع غزة، كما في الضفة الغربية بحد أقصى يوم 1/12/2017، مع العمل على إزالة كافة المشاكل الناجمة عن الانقسام".

كما نص الاتفاق على ضرورة سرعة إنجاز اللجنة القانونية الإدارية المشكّلة من قبل حكومة "الوفاق الوطني"، لإيجاد حلول لموظفي قطاع غزة الذين عينتهم حركة حماس، قبل الأول من شهر فبراير 2018 كحد أقصى، مع مشاركة خبراء ومتخصصين ومطلعين من قطاع غزة للجنة المذكورة.

كما جاء في الاتفاق أن حكومة الوفاق الوطني، مكلفة بالإشراف على استمرار تسلم هؤلاء الموظفين لرواتبهم التي كانت تدفع لهم من قبل حركة حماس، خلال عمل اللجنة اعتبارا من راتب شهر نوفمبر 2017، فور تمكين الحكومة من القيام بصلاحياتها الإدارية والمالية بما في ذلك تحصيل الجباية.

وفي الأول من شهر نوفمبر / تشرين الثاني عام 2017، تسلمت الحكومة الفلسطينية إدارة معابر قطاع غزة من حركة "حماس"، بحسب ما نص عليه اتفاق المصالحة.

غير أن الحركتين أعلنتا بداية ديسمبر / كانون الثاني، في بيان مشترك، تأجيل تسلم الحكومة الفلسطينية لمهامها في غزة إلى العاشر من ذات الشهر، لاستكمال الترتيبات اللازمة لتسلم الحكومة لمهامها، من أجل ضمان تنفيذ خطوات إنجاز المصالحة.

وجاء التأجيل بعد ساعات من دعوة الحكومة الفلسطينية موظفيها المعينين قبل سيطرة "حماس" على قطاع غزة عام 2007 للعودة إلى أعمالهم، ما تسبب بتوتر بين الجانبين.

وقالت حماس آنذاك إن القرار مخالف لاتفاق المصالحة الموقع في القاهرة عام 2011، الذي ينص على عودة الموظفين القدامى إلى العمل، بعد انتهاء "اللجنة القانونية الإدارية" التي تم التوافق عليها، من دراسة ملفات المعينين بعد عام 2007، فيما قالت فتح إن القرار قانوني.

وأعادت الحكومة الفلسطينية المئات من موظفيها الذين استنكفوا عن العمل بناء على طلب منها إبان أحداث الانقسام، إلا أن مشكلة الموظفين الذين عينتهم حركة "حماس" خلال فترة إدارتها للقطاع لم تُحل.

وخلال العام الماضي، تبادلت حركتا "فتح" و"حماس" الاتهامات حول المتسبب بتعثر ملف المصالحة.

المصالحة ورصاصة الرحمة

يري حمدان أن فرص نجاح المصالحة في هذه الأونة الأخيرة ضئيل جدآ وغير ممكنة ونحن

بعيدون جدا عن المصالحة الفلسطينية بحسب المعطيات والبراهين علي أرض الواقع وظهورهم في سيطرتهم وهيمنتهم وأثبات قوتهم كل طرف علي الاخر و الهيمنة على النظام السياسي الفلسطيني وعدم قبولهم الخضوع للمعطيات الحالية وتقديم تنازلات لأنهاء الأنقسام فرصاصة الرحمة أصبحت قاتلة للمصالحة

أن الاختلاف الأساسي بين حركتي "فتح" و"حماس" ليس اختلافا على قضايا سياسية، لافتا إلى أن الطرفين متفقان في مجمل القضايا السياسية كـ "القدس، والاستيطان، والأسرى، واليوم يتفقان أمام الأمم المتحدة برفض مشروع القرار الأمريكي الذي يدين حماس".

أن "فتح تريد شراكة سياسية مع حماس والفصائل الأخرى قائمة على شراكة الملحقين، فيما تريد حماس شراكة قائمة على كونها صاحبة الأغلبية في المجلس التشريعي، وتريد حصة في النظام السياسي كما فتح تمام هذا يدل علي مدي حزبية الطرفين في الهيمنة والسيطرة بعيدآ عن المصالح الأساسية وبعيدآ عن أحتواء الأزمات التي تم بها البلاد ناهيك عن الأزمات الأقتصادية وزيادة نسبة البطالة والفقر ولم تأخذ بالحسبان أرتفاع نسبة الجرائم وهجرة أصحاب العقول وهجرة الشباب وتدني دخل الفقر وغيرها ,, في حسبان هؤلاء فما يهم اصبح من بفرض نفسة ومن يريد حصة حزبية يتحكم في مفاتيحها بأثبات قوتة وسيطرته ونفوذة.

يبدو أن رصاصة الرحمة عاد ضبابها من جديد ولكن الآن أبعد من أي وقت مضى، وتبدو آخر فصول محاولات القضاء علي المصالحة التي بدأت باتفاق القاهرة في أكتوبر ٢٠١٧ وبرعاية مصرية حثيثة- تبدو وكأنها تلفظ أنفاسها الأخيرة، فمحاولة الاغتيال التي تعرض لها موكب الحمد الله بتفجير عبوة ناسفة أثناء مروره قادما من معبر بيت حانون شمال القطاع، في 13 مارس/آذار لم يكن قتل الحمد الله هو الهدف الحقيقي لها، بل كانت المصالحة الفلسطينية لذلك أصبحت الساحة الفلسطينية الآن مفتوحة على احتمالات جديدة، نحاول سردها وصولا الي اللحظة الحالية .

حينها سارع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في اليوم التالي لمحاولة الاغتيال بإلقاء خطاب ناري اتهم فيه حركة حماس بتدبير محاولة الاغتيال، وقال إنه لا يحتاج لانتظار أي تحقيق أمني في الحادث لأنه يعرف الفاعل، وأكد أنه حماس، ثم ذهبت لحدود بعيدة حين أكد أن أمريكا وإسرائيل كانتا أصلاً وراء انقلاب حماس عام ٢٠٠٧، وأن حماس تتعاون معهما لتمرير صفقة القرن.

وكان من اللافت قول عباس: “إنه لو نجحت عملية اغتيال الحمد الله وفرج لكانت نتائجها كارثية على شعبنا وأدت لقيام حرب أهلية فلسطينية”، وقد ختم خطابه بتهديد فقال: “بصفتي رئيسا للشعب الفلسطيني قررت اتخاذ الإجراءات الوطنية والقانونية والمالية كافة من أجل المحافظة على المشروع الوطني”.

في المقابل قالت حماس: “لا يحتاج الأمر إلى جهد كبير لتوجيه الاتهام إلى السلطة بتدبير مخطط اغتيال رامي الحمد الله ومحاولة إلصاقه بحماس، وذلك لتبرير موقف السلطة المعطِّل للمصالحة، ولمطالبة حماس بتسليم سلاح المقاومة كشرط لإتمامها، وهو شرط تعجيزي ويستدعي التسليم للعدو وتجريد الفلسطينيين من سلاحهم في مواجهة العدوان الإسرائيلي”.

وأعلنت حماس في ٢١ مارس ٢٠١٨ اسم وصورة المتهم بمحاولة الاغتيال، وفي اليوم التالي أعلنت مقتل المطلوب أنس أبو خوصة، أثناء الاشتباك معه في النصيرات وسط قطاع غزة، وأن الاشتباك أسفر كذلك عن مقتل اثنين من أفراد الأجهزة الأمنية.

وذكر بيان لداخلية غزة أنّه جرى اعتقال اثنين من مساعدي أبو خوصة أصيبا خلال الاشتباك وجرى نقلهما للعلاج، وتوفي أحدهما متأثراً بجراحه وهو عبد الهادي الأشهب. وقالت: إنها ستكشف أبعاد المحاولة والمدبرين لها.

بعد أسبوعين من محاولة الاغتيال لم تزدد تصريحات الطرفين إلا توترًا وتحديًا، فقد أكد محمود عباس أنه لن يقبل بأقل من تسليم قطاع غزة للسلطة بنسبة ١٠٠٪ وأن تسليم مهام أمن القطاع لابد وأن يتم فورًا”.

بينما قال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس : “إن توقيت محاولة الاغتيال تحمل أهدافًا سياسية ووطنية وميدانية خطيرة”. وقال: “إن الاستهداف تزامن سياسيًا مع تزايد الحديث عن صفقة القرن، التي تسعى من خلالها واشنطن إنهاء القضية الفلسطينية”.

إن جرائم الاغتيال السياسية يصعب غالبا تقييم بواعثها الحقيقية أو تحديد المدبرين لها، وكثيرًا ما تنتهي للقيد ضد مجهول، وهو ما ينطبق هنا أيضًا على محاولة اغتيال الحمد الله، خاصة مع التباين الشديد في مواقف فتح وحماس التي جاءت على طرفي نقيض.

تبدو احتمالات المصالحة الفلسطينية الآن بعيدة أكثر من أي وقت مضى، ويقترب الصراع الداخلي أن يكون صفريًا، بحيث يرى كل طرف ألا سبيل للقضية الفلسطينية إلا بالقضاء على الطرف الآخر، وبحيث أصبح كل طرف يرى أي خسارة تلحق بالطرف الآخر مكسبًا له، والعكس صحيح.

لقد تعلقت آمال الشعب الفلسطيني على آمال المصالحة بعد قرار ترامب نقل سفارته إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، وبعد تغول الاستيطان، وتكشف ملامح ما يعرف بـ “صفقة القرن” وأنها تهدف لإهدار القضية الفلسطينية بالكامل فلا حل دولتين، ولا إدانة للمستوطنات، ولا مكان لعودة اللاجئين، ولا مستقبل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ولا حديث عن القدس.

كان من الطبيعي أن تنتعش آمال الشعب الفلسطيني حيث عبر كثير من الفلسطينيين عن أن المصالحة الفلسطينية وحدها كفيلة بالوقوف أمام هذه المخططات التي تستبيح الحق الفلسطيني.

جاءت الأحداث والمواقف الأخيرة مخيبة للآمال، ومن المتوقع أن تسقط الثقة في القيادات السياسية للمشهد الحالي، وربما – في أحسن الأحوال.

ويري الكاتب حمدان أنة يجب أن تظهر قيادات بديلة لا تحمل على كاهلها إخفاقات الماضي ومراراته ولا شبهات علاقات الرموز القائمة بعيدآ عن جو المناكفات والاتهامات وان يكون تطلع لبناء مستقبل يحمل في طياتة المصالحة الفلسطينية والشراكة الوطنية يبدأ بالثوابت الوطنية وينتهي بمصالحة الشعب الفلسطيني الذي يعاني الكثير من ويلات الحروب والأنقسام الأسود .

لقد مل الشعب الفلسطيني من المزاعم والادعاءات والتنظيرات الرائجة حول الأحقية والشرعية والمرجعية وغيرها من القضايا الخلافية المعهودة، ولا يراها تستحق انعدام الثقة بين طرفي الانقسام، والتنازع على كل صغيرة وكبيرة.

لقد كان واضحًا أمام الشعب الفلسطيني حتى قبل محاولة الاغتيال أن عملية المصالحة تراوح مكانها وأن رصاصة الرحمة قد أطلقت فعليآ ، وأن التصريحات المتفائلة كانت روتينًا مكررًا، وأن الجهود المصرية مؤخرًا كانت فقط للإبقاء على سيرورة المصالحة الفلسطينية، وليس إنجازها.

إن الشعب الفلسطيني الآن أصبح يخشى أن يكتسب الواقع الانقسامي القائم من الآن فصاعداً قوة دفع جديدة لايمكن سيطرتها ، بحيث يتحول إلى حقيقة نهائية وواقعية، تؤسس لواقع انفصالي دائم بين الضفة والقطاع، وهذا ربما يكون أحد فصول صفقة القرن التي قد يعلن عنها في وقت قريب. هذه الصفقة من المنتظر أن تتنكر للحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية.

الطريق الثاني المتاح: هو الحراك الشعبي الشامل بقيادات جديدة شابة تناضل من أجل إبقاء القضية الفلسطينية حية، ثم من أجل إيجاد الوطن الفلسطيني المستقل يذدهر نحو بناء الدولة والعاصمة والتطلع للخروج من الآزمات التي تركتها الحروب وطرفي الأنقسام

لقد رأينا في ٢٠١١ عندما قامت هبة شعبية شابة في فلسطين، سارعت النخب السياسية التقليدية إلى طاولة المفاوضات لمصالحة وطنية، لم تلبث أن تم اختطافها وتهجينها إقليميًا لحين خمود الانتفاضة الشعبية.

الحراك الشعبي الثائر بقيادات شابة جديدة هو الكفيل بإعادة القضية الفلسطينية في بؤرة الاهتمام العربي والإسلامي والدولي وصولآ الي منفذ للخروج من الأوضاع الراهنة ولذلك حتى ينجح هذا الحراك الشعبي يحتاج الي وقفة حقيقية من الفصائل والشعب الفلسطيني بالداخل والخارج وتطبيق الأتفاقات التي تؤدي الي الخروج من الأزمة التي تركت عار كبير علي الشعب الفلسطيني لا يمكن مسحها بسهولة وأنما تحتاج الي تضحيات حقيقة تتبلور وتنفذ علي أرض الواقع بعيدآ عن أي مصالح حزبية .

في هذا السياق، تدرك مصر أن "حماس" تريد فتح علاقات سياسية إيجابية مع القاهرة، وهو خيار إستراتيجي لحماس وليس تكتيكيًا، لذلك تتفهم مصر احتياجات "حماس"، وتحاول أن توظّف ذلك للضغط عليها لقبول المصالحة.

كما تملك القاهرة أوراقًا ضاغطة على السلطة والرئيس عباس من خلال موقع مصر الاعتباري والنفوذي من بين الدول العربية، وأن مصر الوحيدة المحتكرة الملف الفلسطيني، ومن الصعب على أي دولة أن تقوم بدور في المصالحة الفلسطينية بمعزل عن مصر، هذا إلى جانب دور مصر المحوري في المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، إذ لا تستطيع السلطة الفلسطينية اتخاذ أي قرار مصيري في المفاوضات مع إسرائيل دون موافقة القاهرة.

تدرك مصر حجم الصعوبات التي تعترض جهودها لإنجاز المصالحة، ومع ذلك من المرجح أن يستمر عملها مع الطرفين من أجل التوصل إلى صيغة توافقية للمصالحة، لأن ذلك يعزز دورها ومكانتها الإقليمية، وكذلك من أجل منع تدهور الأوضاع في قطاع غزة أو انفجار مواجهة شاملة مع الاحتلال الإسرائيلي، خوفًا من الفوضى، أو تحول قطاع غزة إلى بيئة داعمة للإرهاب.

وبالنظر الي الانتخابات التي تمت الدعوة لها خلال ستة أشهر، فتكاد تكون فرص إقامتها معدومة؛ فليست قيادة فتح والسلطة جادة في إنفاذها، إذا ما توفر الحد الأدنى لإمكانية فوز حماس بها. كما أن الطرف الإسرائيلي نفسه يملك القدرة على تعطيل هذه الانتخابات في القدس وباقي الضفة الغربية؛ وهو أيضاً غير مستعد لقبول فوز جديد لحماس. ثمّ إن حماس وعدداً من الفصائل ستقاطعها، إذا لم تتوفر الضمانات الكاملة لبيئة صحية وحرة تسبق الانتخابات، مع ضمان نزاهة الانتخابات وشفافيتها، هذا مع المطالبة بتزامنها مع الانتخابات لرئاسة السلطة، وللمجلس الوطني الفلسطيني، وهو ما لم يدعُ إليه عباس.

وأخيرآ , هنا يدور الحديث حسب التسريبات، عن خطة مصرية تحمل «مقاربات» في المواقف بين فتح وحماس، حول تطبيق بنود اتفاق المصالحة، والخاصة بتسليم واستلام قطاع غزة، ليكون تحت إشراف الحكومة الفلسطينية، حيث كانت فتح تطلب في السابق أن تتسلم القطاع حكومة التوافق التي استقالت قبل أشهر، وشكل بدلا منها حكومة تشارك فيها فصائل منظمة التحرير ويرأسها الدكتور محمد اشتية.

المقاربات الحالية تدور حول تلبية مطالب الطرفين، بتسليم القطاع للحكومة الحالية، حسب طلب فتح، التي كانت تدعو لهذا للأمر، قبل الأزمة التي أدت إلى توقف العمل باتفاق المصالحة في مارس/ آذار من العام الماضي، عقب حادثة تفجير موكب رئيس الوزراء ومدير المخابرات لدى دخوله قطاع غزة، وحماس التي تطالب بأن يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية تحضر لعقد انتخابات عامة.

ويتردد أن المسئولين المصريين طرحوا فكرة تسلم الحكومة زمام الأمر في غزة في بداية الأمر، من خلال تسليم «الوزارات الخدماتية»، على أن يتبع ذلك شروع قيادة الفصائل الفلسطينية الموقعة على اتفاق المصالحة في القاهرة عام 2011، بعقد اجتماع لها، بمشاركة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، يعود من خلاله تفعيل «الإطار القيادي المؤقت» بشكل آخر، لتتفق على تشكيل حكومة جديدة، وتقر كيفية إجراء انتخابات عامة، تشمل البرلمان والرئاسة والمجلس الوطني.

وأخر المجريات علي أرض الواقع يفيد عضو في حركة فتح الي تطورات إيجابية هامة طرأت على موقف حركة حماس خلال هذه الفترة، سيتم الإعلان عنها من قبل مصر، عندما تُنهي تحركاتها بحضور حركتي فتح وحماس .

وفي وقت سابق، كشف مسؤول في منظمة التحرير الفلسطينية، عن نية مصر استئناف حوارات المصالحة بين الفصائل قريبا.

وفي تصريح صحفي، أوضح المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن القاهرة "تعتزم إرسال دعوات لقيادات فصائل فلسطينية لعقد جولة محادثات جديدة قريبا للتوصل إلى المصالحة بناءً على مخرجات الجولة الأخيرة"

ويري حمدان أن أثني عشرة من السنوات عجاف مرت على الانقسام الفلسطيني الداخلي، ومما يبدو فإن الوضع الفلسطيني بحاجة إلى مخاض عسير كي ينتظم في مساره المأمول الذي يعيد للفلسطينيين الأمل ولقضيتهم الحياة بعد أعوام من الألم والكارثة والهوان ومما يؤسف له أن تجربة السنوات الماضية، بما حوته من مآس وآلام ومصائب في ظل الانقسام، لم تكن كافية لإعادة صياغة التفكير الفصائلي الفلسطيني باتجاه موجبات الشراكة الحقة، والاستقامة على رؤية جامعة تعلي المشترك الوطني العام على الاعتبار الفصائلي الضيق، وتنزل عند حدود المصلحة الوطنية العليا أيا كانت الكلفة أو الأثمان المترتبة عليها. كم من الوقت نحتاج نحن الفلسطينيين- لتعبيد طريق الشراكة الوطنية التي تشكل القاعدة الصلبة في مواجهة الاحتلال وتحدياته الجسام؟! وهل نحتاج إلى أثني عشرة سنوات عجاف جديدة كي نتعلم من أخطائنا وخطايانا، ونأخذ العبرة من تجارب ومصائر الآخرين؟! إن فلسطين ليست حكرا على فصيل بعينه، فالوطن وطن الجميع، ولا مناص من الاعتراف بأن النهج والسياسة الفصائلية الحالية تضر فلسطين وقضيتها العادلة أشد الضرر، وتباعد بين الفلسطينيين وبين تلمس آفاق النصر والحرية، وتعيدهم سنوات طويلة إلى الخلف.

ويري الكاتب أن مَنْ يقرر في شأن فلسطين وقضاياها الكبرى، ومَنْ يبت في المصير الوطني، يجب أن يكون الشعب الفلسطيني بكافة شرائحه في الداخل والخارج أولا، ولا قيمة لأي ادعاء أو محاولة للتزلف إلى الشعب بشعار جميل أو ألفاظ براقة ليس لها من الواقع نصيب.

 

وعليه، ينبغي أن تنشغل الساحة الفلسطينية اليوم بمساع حقيقية ترسي أسس ومعالم مصالحة وطنية شاملة، وتبدد الآثار الغائرة التي حاقت بالعلاقات الداخلية، وتوفر ضمانات أصيلة وملموسة للخروج من نفق التكلس والجمود، وانعدام الثقة، والشعور بالضياع والانفتاح على المجهول، الذي يهيمن على الوضع الفلسطيني العام حاليا وتحدي ما يسمي يصفقة القرن وتهويد الأقصى ومحاربة الفساد والبطالة والفقر بأعتبارهم من وجهة نظره أهم مقتضيات المصلحة الفلسطينية الحالية , فالتدهور الحالي في جميع النواحي الأجتماعية و الأقتصادية والسياسية يجب أن يكون أمامة تحدي كبير للخروج من مثل هذه الأزمات فأعادة اللحمة الوطنية والشراكة مبني علي أمور يعلمها طرفي الانقسام ولكن ما يدور بعقولهم مصالح حزبية , لا نريد الخوض في ما يدور علي أحداث تعمق الأنقسام وحداث موجودة علي الساحة الفلسطينية أو التطرف الي مسيرات العودة أو التطرف أو التطرف الي المصالح الحزبية نحن نتطلع الي محاولة الصمود والخروج من الأزمات التي أدت الي حدوث تراكمات كبيرة يصعب حلها وتكمل في محاولة طرفي الأنقسام الخروج بمثابة المنتصر بعيدآ عن ما يدور في الساحة الفلسطينية وما يلمسه المواطن الفلسطيني كالحرمان من أبسط حقوقة المشروعة والعيش بكرامة والحصول علي لقمة عيشة التي أصبحت مجهولة وزيادة نسب الضياع والفقر والبطالة والهجرة وتدني نصيب الفرد من الأجور , لا نريد أن نغمض أعيننا عن واقع مرير يعيش علي أثرة ويجني ثماره فئة ليس لها باب غير باب المصلحة الخاصة , لذلك لا نريد الحديث والخضوع لجولات جديدة ما نريده خيارين :

1-أما الخروج من الأزمة الحالية والراهنة وأنهاء الأنقسام الأسود مهما كانت العواقب والثمن المدفوع والنهوض بالقضية الفلسطينية وبناء الدولة والتطلع للنهوض بأقتصاد فلسطيني وأن يكون هناك شراكة حقيقة مبنية علي أسس وطنية قادرة علي أنهاء الأنقسام والوقوف علي الثوابت والمصالح الوطنية وتحقيق متطلبات الشعب الفلسطيني الخاصة وأبسطها العيش بكرامة كباقي شعوب العالم.

2- أو ترك المجال لفئة شابة وقيادات شابة للقيام بما لم يستطيع فعلة طرفي الأنقسام الفلسطيني بعيدآ عن المصالح الحزبية والتطلع لرؤية شعبية واقعية تراعي مصالح هذا الشعب والتصدي لصفقة القرن والتهويد وأنقاذ المشروع الوطني الفلسطيني من حالات الأنهيار التي أصابتة منذ عام 2007 .

حيث عام 2007 يسود انقسام سياسي فلسطيني بين حركتي "فتح" و"حماس" ولم تفلح العديد من الوساطات والاتفاقيات في إنهائه مما يجعل رصاصة الرحمة قيد التنفيذ والتطبيق علي أرض الواقع ويبدو لا رجعة فيها دون تقديم تنازلات حقيقة بعيدآ عن المصالح الحزبية .

ووقّعت الحركتان أحدث اتفاق للمصالحة بالقاهرة في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2017، لكنه لم يطبق، بسبب نشوب خلافات حول عدة قضايا؛ منها تمكين الحكومة في غزة، وملف موظفي القطاع الذين عينتهم "حماس".