مدونة الدكتور محمد محمود كالو


لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ

الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو | Prof. Dr. Mohamed KALOU


17/03/2022 القراءات: 806  



لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ

يُحيي المسلمون ليلة النصف من شعبان المباركة بطرائق مختلفة، وللشهر أهمية كبرى لدى المسلمين كافة، إذ إنه يسبق شهر رمضان المبارك، وفيه ترفع الأعمال إلى الله تعالى، حيث يحيي المسلمون في أقطار كثيرة تلك الليلة وتتعدد مظاهر الاحتفال بها بالاجتماع في المساجد وأداء صلوات وأدعية مخصصة ومستحبة وصيام يومها.
وليلة النصف من شعبان هي الليلة التي حُوِّلت فيها القبلةُ من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة في السنة الثانية للهجرة النبوية.
ما ورد في فضل ليلة النصف من شعبان في السُنَّة النبويَّة الشريفة:
* حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” يَطَّلِعُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى خَلْقِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِعِبَادِهِ إِلَّا لِاثْنَيْنِ: مُشَاحِنٍ، وَقَاتِلِ نَفْسٍ".
[رواه الإمام أحمد في مسنده ٦٦٤٢ وابن ماجة ١٣٩٠ ورواه ابن حبان 1980].
* حديث عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
” إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا، فَإِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ لِي فَأَغْفِرَ لَهُ أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ أَلَا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ أَلَا كَذَا أَلَا كَذَا، حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ ”
[رواه ابن ماجه ١٣٨].
* حديث عَائِشَةَ، قَالَتْ: فَقَدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَخَرَجْتُ أَطْلُبُهُ، فَإِذَا هُوَ بِالْبَقِيعِ رَافِعٌ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ. فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ أَكُنْتِ تَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟» قَالَتْ: قَدْ قُلْتُ، وَمَا بِي ذَلِكَ، وَلَكِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَتَيْتَ بَعْضَ نِسَائِكَ، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ لِأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعَرِ غَنَمِ كَلْبٍ»
[رواه احمد ٢٦٠١٨ الترمذي ٧٤٩ ابن ماجه ١٣٨٩].
ما ورد من أقوال العلماء في ليلة النصف من شعبان وفي بعض الأعمال فيها:
* وقَالَ إمامنا الشَّافِعِيُّ في الأم (ج١ ص٢٦٤) ذاكراً قبول الدعاء فيها: وَبَلَغَنَا أَنَّهُ كَانَ يُقَالُ:
إنَّ الدُّعَاءَ يُسْتَجَابُ فِي خَمْسِ لَيَالٍ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ، وَلَيْلَةِ الْأَضْحَى، وَلَيْلَةِ الْفِطْرِ، وَأَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ، وَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ.
* وأما العلَّامة ابن رجب الحنبلي فإنه قد توسع في هذا الموضوع في كتابه الماتع لطائف المعارف (ج١ ص١٣٦) ومن جملة ما قال:
وأما صيام يوم النصف منه فغير منهي عنه فإنه من جملة أيام البيض الغر المندوب إلى صيامها من كل شهر وقد ورد الأمر بصيامه من شعبان.
* وقال ابن تيمية في كتاب اقتضاء الصراط المستقيم (ج٢ ص١٣٦):
ومن هذا الباب: ليلة النصف من شعبان، فقد روى في فضلها من الأحاديث المرفوعة والآثار ما يقتضي أنها ليلة مفضلة وأن من السلف من كان يخصها بالصلاة فيها، وصوم شهر شعبان قد جاءت فيه أحاديث صحيحة.
وأخيراً: تحذير من بدعية صلاة الرغائب:
* قال النووي رحمه الله في المجموع (ج٤ ص 56) مُبيِّناً بدعية صلاة الرغائب في النصف من شعبان:
"الصَّلَاةُ الْمَعْرُوفَةُ بصلاة الرغائب وهي ثنتي عَشْرَةَ رَكْعَةً تُصَلَّى بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ لَيْلَةَ أَوَّلِ جُمُعَةٍ فِي رَجَبٍ وَصَلَاةُ لَيْلَةِ نِصْفِ شَعْبَانَ مِائَةُ رَكْعَةٍ وَهَاتَانِ الصَّلَاتَانِ بِدْعَتَانِ وَمُنْكَرَانِ قَبِيحَتَانِ وَلَا يُغْتَرُّ بِذَكَرِهِمَا فِي كِتَابِ قُوتِ الْقُلُوبِ وَإِحْيَاءِ عُلُومِ الدِّينِ وَلَا بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِيهِمَا فَإِنَّ كُلَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ وَلَا يُغْتَرُّ بِبَعْضِ مَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ حُكْمُهُمَا مِنْ الْأَئِمَّةِ فَصَنَّفَ وَرَقَاتٍ فِي اسْتِحْبَابِهِمَا فَإِنَّهُ غَالِطٌ فِي ذَلِكَ وَقَدْ صَنَّفَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عبد الرحمن بن اسمعيل الْمَقْدِسِيُّ كِتَابًا نَفِيسًا فِي إبْطَالِهِمَا فَأَحْسَنَ فِيهِ وَأَجَادَ رَحِمَهُ اللَّهُ".
بارك الله فيكم لا تنسونا من دعائكم في هذه الليلة المباركة.


لَيْلَةَ النِّصْفِ، شَعْبَانَ، رمضان، مشاحن، مشرك، صوموا، قوموا


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع