مدونة رضوان نافع


قصة الطفل ريان .. بين إشكالية الشر ..و سؤال الحكمة

رضوان نافع | REDOUAN NAFIA


08/02/2022 القراءات: 2197  


تلخيص مقالي : *قصة الطفل ريان ..بين إشكالية الشر .. وسؤال الحكمة*
وفي نقض النموذج الإسلامي لإشكالية الشر نجده يقرر صحة الادعاءات الأربع التي حوتها إشكالية الشر و عدم تناقضها ، ويمكن اختزال تلك الادعاءات الأربع في ادعائين أولهما: الله كامل الصفات وثانيهما الشر موجود. فوجود الشر لا يناقض وجود الإله كامل الصفات الحكيم العليم القدير الرحيم . وبيان نفي التناقض يكمن في الإجابة على السؤال : ما المبرر أو ما الحكمة من وجود الشر ؟. وقد تعرض حجة الإسلام أبو حامد الغزالي لهذا السؤال، وأجاب عنه فقال -رحمه الله-: ((لعلك تقول: ما معنى كونه تعالى رحيمًا، وكونه أرحم الراحمين؛ والرحيم لا يَرى مبتلًى ومضرورًا ومعذَّبًا ومريضًا، وهو يقدر على إماطة ما بهم إلا ويبادر إلى إماطته، والرب سبحانه وتعالى قادر على كفاية كل بلية، ودفع كل فقر وغُمَّة، وإماطة كل مرض، وإزالة كل ضرر، والدنيا طافحة بالأمراض والمحن والبلايا، وهو قادر على إزالة جميعها، وتاركٌ عبادَه ممتَحنِين بالرزايا والمِحَن؟ (فجوابُك): أن الطفل الصغير قد ترِقُّ له أمه فتمنعه عن الحجامة، والأب العاقل يحمله عليها قهرًا، والجاهل يظن أن الرحيم هي الأم دون الأب، والعاقل يعلم أن إيلام الأب إياه بالحجامة من كمال رحمته وعطفه وتمام شفقته، وأن الأم له عدو في صورة صديق، فإن الألم القليل إذا كان سببًا للَّذة الكثيرة، لم يكن شرًّا؛ بل كان خيرًا. والرحيم يريد الخير للمرحوم لا محالة، وليس في الوجود شر إلا وفي ضمنه خير، لو رفع ذلك الشر لبطل الخير الذي في ضمنه، وحصل ببطلانه شر أعظم من الشر الذي يتضمنه، فاليد المتآكلة قطعُها شر في الظاهر، وفي ضمنه الخير الجزيل، وهو سلامة البدن، ولو تُرِكَ قطعُ اليد لحصل هلاك البدن، ولكان الشر أعظم. وقطع اليد لأجل سلامة البدن شر في ضمنه خير، ولكن المرادَ الأول السابق إلى نظر القاطع: السلامةُ التي هي خيرٌ محض، ثم لما كان السبيل إليه قطع اليد، قصد قطع اليد لأجله، فكانت السلامة مطلوبةً لذاتها أولًا، والقطع مطلوبًا لغيره ثانيًا، لا لذاته، فهما داخلان تحت الإرادة، ولكن أحدهما مراد لذاته، والآخر مراد لغيره. والمراد لذاته قبل المراد لغيره؛ ولأجله قال الله عز وجل: “سبقت رحمتي غضبي”. فغضبه إرادته للشر، والشر بإرادته، ورحمته إرادته للخير، والخير بإرادته. ولكن إذا أراد الخير للخير نفسه، وأراد الشر لا لذاته، ولكن لما في ضمنه من الخير؛ فالخير مقضيٌّ بالذات، والشرُّ مقضيُّ بالعَرَض، وكلٌّ بقدرٍ، وليس في ذلك ما ينافي الرحمة أصلًا. فالآن؛ إن خطر لك نوع من الشر لا ترى تحته خيرًا، أو خطر لك أنه كان تحصيل ذلك الخير ممكنًا لا في ضمن الشر، فاتَّهم عقلك القاصر في أحد الخاطرَيْن. أما في قولك: إن هذا الشر لا خير تحته، فإن هذا مما تقصُر العقول عن معرفته، ولعلك فيه مثل الصبي الذي يرى الحجامة شرًّا محضًا، أو مثل الغبي الذي يرى القتل قِصاصًا شرًّا محضًا؛ لأنه ينظر إلى خصوص شخص المقتول؛ لأنه في حقه شر محضٌ، ويذهَلُ عن الخير العام الحاصل للناس كافة، ولا يدري أن التوصل بالشر الخاص إلى الخير العام خير محض لا ينبغي للغير أن يهمله. أو اتهم عقلك في الخاطر الثاني، وهو قولك: إن تحصيل ذلك لا في ضمن ذلك الشر ممكن، فإن هذا أيضًا دقيق غامض، فليس كل محال وممكن مما يُدرك إمكانه واستحالته بالبديهة ولا بالنظر القريب؛ بل ربما عُرِف ذلك بنظر غامض دقيق يقصر عنه الأكثرون)) [المقصد الأسنى ص 64-65 ]. وبالرجوع إلى قصة الصغير ريان رحمه الله التي شغب على إثرها المتشككون ، وتساءلوا أين هي رحمة الله؟ وأين هي قدرة الله ؟ و أين هي إرادة الله الخير؟ وأين هي حكمة الله فيما جرى؟ فنجيبهم أن الله سبحانه وتعالى له الأولى والآخرة و حكمة الله اقتضت وصل الأولى بالآخرة في جعل الأولى دار عمل والآخرة دار جزاء ، ورتب بعض الجزاء على بعض القضاء والابتلاء ، لذلك فمن ركائز النموذج الإسلامي استصحاب هذا الوصل بين الدارين الذي يتجلى فيه كمال الصفات الإلهية من عدل و حكمة ورحمة و غيرها من الصفات التي تقتضي مجازاة الأخيار على خيرهم والأشرار على شرهم وتعويض المبتلين على ابتلائهم. وفهذا الصغير قد اختاره الله لجواره ويرجى له خير عظيم وأجر جزيل فهو مات دون البلوغ، وقد صح عن نبينا أن أطفال المسلمين في الجنة في كفالة سيدنا ابراهيم عليه السلام وسارة، وليس عليهم حساب ولا فتنة ولا عذاب في القبر. و يرجى له أيضا منزلة الشهداء فهو مترد في بئر ، وميتته فيها شدة فيرجى له أجر الشهداء، وهذا كرم واصطفاء . فنقول للمتشككين هل تريدون بهذه الشكوك والسموم نفع الولد الميت فهو إن شاء الله قد تعجل إلى الجنة، وهذا غاية ما يرجوه مخلوق، وإن كنتم تفعلون ذلك تأسفا على أبويه فهو أنفع لهما وهو بين يدي ربه يشفع لهما و ينالا أجرا عظيما على صبرهما عليه . وإذا لم يقض الله بالمصائب والبلاء فبماذا سينال الناس أجر الصبر الذي لا يضاهيه أجر (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ). بل حتى على مستوى النفع الدنيوي المادي فلعله قد حصل لهما بهذا الابتلاء ما لم يكن يخطر لهما ببال ، فقد تبرع لهما اللاعب حمد الله -جزاه الله خيرا وتقبل منه- بمنزل لائق ، وتبرع لهما غيره بمال وفير وحجة وعمرة وأغناهم الله بعد فقر مذقع، فكم من خير تحت هذا الشر، وكم من منحة كانت تحت هذه المحنة ، ومن هذا الخير ما ظهر في نفوس هؤلاء المتبرعين من خير فبادروا إلى مواساة هذا المبتلى بالسكن والمال و تحقيق الأمنيات الكبيرة، وكذلك ما ظهر في نفوس الحشود التي حجت إلى مكان الحادث تعاطفا مع أسرة الفقيد وما ظهر من تعاطف في العالم الإسلامي بأسره وما حصل من اجتماع القلوب و خفوت الفتن و الضغائن بين المسلمين طيلة الأيام التي قضاها ريان في البئر .اقرأ المقال بتمامه،👇https://shortest.link/2Rv8


قصة الطفل ريان، إشكالية الشر، سؤال الحكمة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع