مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سلسلة السيرة النبوية 🔻غزوة حنين

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


19/03/2023 القراءات: 265  


سلسلة السيرة النبوية

🔻غزوة حنين

أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة تسعة عشرة يوما ينظم شئونها ويفقه أهلها فى الدين وفى هذه الأثناء بعث السرايا للدعوة على الإسلام لا للقتال ولتحطيم الأصنام من غير سفك الدماء فوجه خالد بن الوليد لهدم صنم "العزى" أكبر أصنام قريش وأرسل عمرو بن العاص لهدم "سواع" وهو أكبر أصنام هذيل وبعث سعد بن زيد لهدم "مناة" ، ونادى مناديه بمكة : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع في بيته صنما إلا كسر


وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مكة خطيبا فأعلن حرمة مكة إلى يوم القيامة "لا يحل لامرء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دما أو يعضد (يقطع) بها شجرة" وقال : "لم تحلل لأحد كان قبلي ولا تحل لأحد يكون بعدي"


وكان لفتح مكة أثر عميق فى نفوس العرب فشرح الله صدر كثير منهم للإسلام ، وأقبلوا على الإسلام إقبالا لم يعرف قبل ذلك وصاروا يدخلون فى دين الله أفواجا

ولما سمعت هوزان برسول الله صلى الله عليه و سلم وما فتح الله عليه من مكة راعهم إنتصار المسلمين ، وكانت هوازن قوة كبيرة بعد قريش فلم تخضع لما خضعت له قريش واردات أن يكون لها الفضل فى التصدي لقتال المسلمين واستصال شأفتهم فيقال إن هوازن إستطاعت ما لم تستطعه قريش وكان قبائل هوازن تقع على بعد بضعة عشر ميلا من مكة من جهة عرفات

وقام مالك بن عوف النضري –سيد هوازن– فنادى بحرب الرسول صلى الله عليه و سلم واجتمع اليه مع هوازان ثقيف ومجموعة من القبائل ، واجمعوا السير الى الرسول صلى الله عليه و سلم وبلغ من عنادهم وتحديهم انهم جمعوا اموالهم ونساءهم وأبناءهم وانعامهم فى مؤخرة الجيش عند (اوطاس) ليكون ذلك حافزا لهم على الثبات والاستماتة في القتال

وذهب مالك بن عوف إلى دريد بن الصمة وكان شيخا كبيرا مجربا مشهوراً بأصالة الرأي والحكمة فيهم يسألونه الرأي والمشورة ، فلما سمع دريد رغاء البعير وثغاء الشاه وبكاء الصغير سأل عن سبب خروج المقاتلين ومعهم أموالهم وأبناءهم ونساءهم فقال له مالك بن عوف قائدهم : أردت أن أجعل خلف كل رجل منهم أهله وماله ليقاتل عنهم فزجره دريد وأخبره أنه لا يرد المنهزم شئ ، وقال له : إن كانت الحرب لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه وإن كانت عليك فضحت فى أهلك ومالك ولم يأبه مالك بن عوف لقول دريد ومشورته و قال مالك للناس : إذا رأيتم المسلمين فاكسروا جفون سيوفكم ثم شدوا شدة رجل واحد

وبلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم خبر هذه الاستعدادات فقرر على الفور أن يبدأ بمهاجمتهم وخرج إليهم من مكة يوم السبت 6 شوال سنة ثمان من الهجرة على رأس جيش يبلغ عدده اثني عشر الفا من بينهم الفان من أهل مكة ومنهم من هو حديث العهد بالإسلام ومنهم من لم يسلم – واستعار رسول الله من صفوان ابن أمية أدرعا وسلاحا وهو يومئذ مشرك . لما اقترب الجيش الإسلامى من حنين ساروا ببطء وحذر ، وكان عدد جيش المسلمين كبيرا إذا قورن بسائر الغزوات السابقة ، ولذلك تعتبر غزوة حنين أكبر المعارك التي خاضها المسلمون ،
وقد اهتم الرسول صلى الله عليه وسلم بحراسة جيشه حتى إذا حضرتهم صلاة العشاء وهم قريبون من العدو أمر أحد الصحابة بمراقبة عدوهم من أحد الجبال المطلة على وادي حنين وقد عبر عن ثقته الكبيرة بربه وبنصره عندما أخبره الصحابي بما رأى من جموع هوازن وأموالها فقال عليه الصلاة والسلام : "تلك غنيمة المسلمين غداً إن شاء الله"

ثم تطوع انس بن أبي مرثد الغنوي بحراسة المسلمين حيث ناموا في المكان وأوصاه ألا يغفل عن الحراسة حتى الفجر، وقد أدى أنس مهمته خير أداء فوعده النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة

وفي طريقهم إلى حنين رأوا سدرة (شجرة ) عظيمة خضراء يقال لها ذات أنواط، كانت العرب تعلق عليها أسلحتهم، ويذبحون عندها ويعكفون، فقال بعض أهل الجيش لرسول صلّى الله عليه وسلم: يارسول الله اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم أنواط فقال: (سبحان الله ، قلتم والذي نفس محمد بيده كما قال قوم موسى:
" اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال: إنكم قوم تجهلون" إنها السنن، والذي نفسي بيده لتركبن سنن من كان قبلكم )

ولقد أصاب المسلمين إعجاب بكثرتهم حتى قال بعضهم : "لن نغلب اليوم من قلة". فردوا النصر إلى كثرة عددهم ، فاستحقوا معاتبة الله تعالى لهم وتذكيرهم بعدم الاتكال إلا على الله وحده، وإلا وكلهم إلى أنفسهم {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ}

وقد انتبه الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا الأمر، فأكد لهم بدعائه افتقاره لربه ولجوءه إليه وحده فقال : "اللهم بك أحول وبك أصول وبك أقاتل "

وصل الجيش الإسلامي إلى حنين ، وكان مالك بن عوف قد سبقهم، فأدخل جيشه بالليل في وداى حنين ، وفرق رجاله في الطرق والمداخل، والشعاب والمضايق، وأصدر إليهم أمره بأن يرشقوا المسلمين بالسهام أول ما يتقدموا للوادى ، ثم يشدوا شدة رجل واحد.

وبالسحر عبأ رسول الله صلّى الله عليه وسلم جيشه، وعقد الألوية والرايات وفرقها على الناس، وقبل طلوع الفجر تقدم المسلمون نحو وادي حنين، وبدأوا ينحدرون فيه، وهم لا يدرون بوجود كمناء العدو في مضايق هذا الوادي

وفي بداية القتال تراجعت طلائع هوازن أمام تقدم المسلمين تاركين بعض الغنائم التي أقبل على جمعها الجند ، وكأنهم حسبوا أن هوازن قد هزمت هزيمة نهائية، ولكن هوازن فاجأتهم بالسهام الكثيفة تنهال عليهم من جنبات الوادي

وكان بعض المسلمين قد تعجلوا بالخروج دون استكمال عدة القتال، فكان بعضهم حاسري الرءوس، والبعض الآخر من الشبان لم يحملوا معهم السلاح الكافي ولم يحسبوا للأمر حسابه، وأمام هول المفاجأة ودقة الرماة من هوازن حتى: "ما يكاد يسقط لهم سهم، فرشقوه رشقاً ما يكادون يخطئون" كما وصفهم البراء بن عازب أحد شهود المعركة من الصحابة


سلسلة السيرة النبوية 🔻غزوة حنين


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع