مدونة أ.د بلقيس أحمد الكبسي


ج1/ قراءة نقدية لرواية ( نزوة قابيل ) الناقد " إبراهيم أوحسين / المغرب

أ.د بلقيس أحمد الكبسي | Prof.Dr. Belqes Ahmed ALkebsi


01/03/2022 القراءات: 1243  


الروايةُ الصرخةُ ما بعد النزوة قراءة في رواية "نزوة قابيل" للأديبة اليمنية أ. د بلقيس الكبسي.
إننا حقا في مرحلة تاريخية وحضارية حاسمة، ونقصد بلا شك، نحن المنتمين إلى هذا الجزء العربي الثابت على هذه الأرض المتحركة والمتحولة على الدوام. وإذ نعبر هنا بعبارة "الحسم"، فإننا حقا إزاء قرار نهائي لا رجعة بعده، مفاده: نكون أو لا نكون! بهذا أومأت الأديبة بلقيس الكبسي في باكورتها الروائية" نزوة قابيل" وإن لم تكن الإيماءة باللفظ الصريح، وبهذا صرخت، رافعة عقيرتها أمام العالم بكتابة الذات، ممتطية صهوة السرد حينا، وصهوة الشعر حينا آخر؛ والتمازج الشعري والنثري – على كل حال - يضفيان على العمل الأدبي بشكل عام جمالية لغوية تنضاف لجودة سبك المبنى وتشييد المعنى، ومن ههنا ننطلق، مشيرين إلى أن القراءة هاته تتوخى التعريف بالعمل مع إلقاء طيوف ضوئية على بعض جوانبها، دون السعي إلى تقمص دور الناقد وما زلنا في صفوف القراء لا أقل ولا أكثر. إذا جاز لنا اللعب بالألفاظ نوعا ما، قلنا بلا مواربة إن العمل الروائي الماثل بين يدينا له" رصاصة مسدس" بالتعريف التقليدي للشيء الجامعِ الحجمَ الصغير والمفعولَ الكبير في آن. ولعل مئة وثمانين صفحة تثبت بجلاء ما زعمناه في هذا التشبيه في شقه الأول، أما المفعول الكبير فقصدنا رأسا حجم ما بسطته الكاتبة على امتداد هذه الصفحات من معاناة دموية ألمّت باليمن حضارةً وتاريخا وشعبا على حين غرة، بعدما داهمتها قوى التحالف العربية_ فيما سمي بعاصفة الحزم_، مجبرة إياها الدخول في متاهات حرب اشتعلت منذ 2015 ولم ينطفئ _ للأسف_ فتيلها إلى اليوم، وكأن نبوءة البردُّوني قد تحققت حين أنشد قبل سبع وأربعين عاما:
وُلدتْ صنعاءُ بسِبْتَمْبَرْ // كي تَلقى الموت بنُوفَمْبَرْ
وتموتُ بيومٍ مشهورٍ // كي تولدَ في يومٍ أشْهَرْ
وتظلّ تموت لكي تحيا // وتموت لكي تحيا أكثرْ
هي صرخة يكاد دويّها يبلُغُ العالم العربي من أقصاه إلى أدناه، ومن شماله إلى جنوبه، تماما كصرخة المرأة _ في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم _ المنتهك عرضها من يهودي من بني قينقاع، فكان أن تحرك جيش كامل لنصرتها واستجابة لندائها؛ أو كالعربية المسجونة بعمورية أيام الخليفة المعتصم، هذا الأخير الذي أعد جيشا بحياله أمام استغاثتها واستنجادها بصيحتها المشهورة: وامعتصماه !؛ أو كاللواتي صرخن في الهند والسند" واحجَّاجاه!" مستنجدات بالحجاج بن يوسف. وإن شئنا التخفف من استدعاء المواضي مخافة إخجالنا، استدعينا علوم الفيزياء إلى حاق الأدب فشبَّهنا صرخة الكاتبة بمفعول أثر الفراشة (نظرية الفوضى)، حيث تستحيل رفرفة جناح في الصين فيضانات وإعصارات ورياحا هادرة في أقاصي أمريكا أو أفريقيا أو أوروبا. فمن يسمع عويل نساء اليمن وقد ولّى زمن المعتصم؟ ومن لمملكة سبأ ولم تعد بها فراشات ترفرف؟ ومن لذاك الماضي الهادئ الجميل إذا كان الحاضر قد نصب كمائنه وألغامه في كل مكان؟ من يحرر رسالة لسيف بن ذي يَزَن يستدعيه من عالمه الروحاني لعله يطهر البلاد ويحرر العباد؟ هي أسئلة محرجة وأخرى طرحتها الرواية استنكارا، تاركة المستقبل القريب أو لعله البعيد يقدم أجوبة شافية لها، لأنه سيكون آنئذ الشاهد الوحيد على تداعيات الماضي المُعاش اليوم.الغلاف/ العنوان: لمحة سريعة. إن مجرد إلقاء النظرة الأولى على غلاف الرواية وعناصره المتداخلة كاف للتخمين و لإصدار حكم مبدئي على ما قد يحتويه هذا العمل الأدبي، خصوصا عند التمعن في العنوان (نزوة قابيل) المحيل رأسا على قصة قابيل وهابيل في الموروث الديني، سواء اليهودي أو المسيحي أو الإسلامي الذي تكاد تُجمع أدبياته على ثبوت الجريمة الأولى في التاريخ البشري (قتل قابيل أخاه هابيل)، مع اضطراب واضح في ثبات الأسباب المقترنة بالقرابين.لكن على كل حال، شخصية قابيل مرتبطة في الوعي الجمعي بالقتل وباستنان الإجرام في السلوك البشري، بالرغم من تحفُّظنا على مصطلح "نزوة"، المرتبط في أدبيات علم النفس بالحالة الشعورية المتواصلة التي تولّد سلوكيات متكررة إشباعا لحاجة ما، عكس السلوك القابيلي الذي _ على ما يبدو _ لم يتكرر مرة أخرى؛ إنما يسوغ توظيف المصطلح على سبيل الإشارة إلى الحرب اليمنية المتشجرة غير المنتهية.


( نزوة قابيل ) للأديبة اليمنية أ. د بلقيس الكبسي/ قراءة / نقدية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع