مدونة محمد كريم الساعدي


المرتكزات الفكرية في تأصيل ظاهرة التشويه لشخصية الرسول محمد (ص)/ الجزء الثالث

أ.د محمد كريم الساعدي | Mohamad kareem Alsaadi


14/06/2022 القراءات: 758  


أما مصادر (دانتي) الاخرى التي ساهمت في بناء تصوراته الفكرية عن الاسلام والرسول (محمد ص)، فهي ترجع الى عدد من المفكرين و رجال دين مسيحيين عمل (دانتي) على الأخذ منهم في تكوين افكاره عن الاسلام ودعمها بأراهم وهؤلاء هم :-
اولاً- بيتر المبجل ، أو بطرس المبجل في بعض الترجمات، والذي درس الاسلام والنصوص المعنية بنشوء الاسلام ونبيه وأستنتج بأن الإسلام هو هرطقة مسيحية ، قامت بالتوسع بقوة السيف واحتلت مناطق واسعة في أسيا وافريقيا وأوربا (اسبانيا تحديداً).
ثانياً- فينسان بوفيه: الذي تأثر ايضاً ببيتر المبجل وجاءت اراه متوافقة مع آراء (بيتر) حول أنّ الرسول محمد(ص) ليس نبياً ولا موحى اليه ، فهو يرى بأن الرسول (ص) قد وقع تحت تأثير (الراهب النسطوري سرجيس بحيري) ، الذي علم الرسول في الليل ،وأمره أنّ يذهب الى قومه في النهار و يقول إنه نبي وعلمه (جبريل الوحي) ، ويرى (فينسان) بأن محمداً(ص) ليس نبياً ، وهو يمتلك قساوة وشراهة، مما جعلت هذه الصفات الدين الاسلامي ديانة غير مستقرة.
ثالثاً – برونيتو لاتيني : أخذ من التاريخ المسيحي المبكر عن الاسلام وعن رسول الاسلام ، وكان يرى بأن الرسول(ص) كان ناسكاً وقع في خطأ ، ورأي (لاتيني) متطابق مع الرؤية التي تقول : أنّ الرسول أخذ عن الراهب (سرجيس بحيري) .
هذه الآراء الثلاثة أوجدت عن (دانتي) صورة مختلفة عن الحقيقة تذهب الى أنّ الرسول (ص) هو باذر الشقاق ، كونه أخذ تعاليم مسيحية مشوهه من الراهب النسطوري ، وبذلك ساعد في زرع بذرة الشقاق وغيرها من الأوصاف التي سنذكرها عند مناقشتنا للكوميديا الالهية.
إنّ هذه النظرة التي تبناها (دانتي) في تصوراته حول الاسلام ورسوله محمد(ص) هي لم تأتي عن محض الصدفة ، بل كان هذا الاسلوب هو الرائج عن المسلمين في تلك الفترة ، فالشهوانية والأبعاد الجنسية التي اتهم بها المسلمون ورسولهم قد تبنته عدد من القيادات المسيحية في هذا الاتجاه مما ولد نظرة سلبية قلدها عدد من المفكرين والادباء و الفنانين ،وغيرهم ، وانعكست ايضاً في السياسة ضد الاسلام ورسوله (ص) ،فمثلا في كتاب (مفترق طرق الثقافات) لـ (توماس هيلاند اريكسن) يرى بأن الكثير من المصادر والمراجع اللاتينية من العصور الوسطى الاوربية المكتوبة عن الاسلام تحاول أنّ تؤكد وتثبت بأسلوب شديد التأثير أنّ الاسلام تجد فيه رغبة عارمة للجنس، وهكذا اتهم المسيحيون الرجال المسلمين – على نحو تقليدي – بأنهم زناة لدرجة شنيعة ورديئة. وهذه الصورة التي عمهما الغربيون على الإسلام ، انعكست بصورة خاصة على الرسول محمد (ص) باعتباره المؤسس لهذه الافكار ، وحتى أنّ بعضهم الصق هذه الصفات بشخصيته، أي أنه هو من أوجدها في الاسلام وجعل المسلمين يمارسونها من خلال عم تحريمها لهم في العقيدة الاسلامية ، وهذا ما أكده (توماس هيلاند اريكسن) إذ يقول : الى جانب ذلك فأن محمد (عليه الصلاة والسلام) قد ابدى شيئاً جنسياً غير مقبول بالمرة ، إذ ما اعتبرنا العقيدة المسيحية هي المعيار، لذلك فأن تأثير (دانتي) بالكتابات المسيحية و التي جعل منها ركناً اساساً في رؤيته الفكرية و السياسة وفي كتاباته الادبية ، كانت معيارها ، او جزء مهم من المعيار هي العقيدة المسيحية ، بشكلها المباشر من خلال (بيتر المبجل) ،أو بطريقة غير مباشرة من خلال (فينسان بوفيه ، وبرونو لاتيني).


الفكر ، التشويه ، الاسلام


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع