مدونة البيتي العلمية


تأثير العولمة الاقتصادية على اليمن (قبل وبعد عام 1990)

حسن محمد عبدالله البيتي | Hassan Mohammed Abdullah Albaiti


18/04/2022 القراءات: 2510  


أن اليمن لم تكن في معزل عن العولمة الاقتصادية التي اجتاحت العالم، وخصوصاً بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وأذرعه في اليمن الجنوبي في ثمانينات القرن الماضي، ليزحف النظام الرأسمالي ويغير أنماط الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بل والقانونية لليمن.
يشير الباحث د. طه الغسيل (2018) إلى أن اليمن بعد حرب 1994 التي أنهت وجود الحزب الاشتراكي، توجهت في مارس 1995 لتنفيذ برنامج للتصحيح الاقتصادي بالاتفاق مع كل صندوق النقد والبنك الدوليين، حيث يمر هذا التصحيح بخطتين خمسيتين تنتهي في 2005، وأرجع الغسيل توجه الحكومة اليمنية لذلك بأنه عائد إلى عدة أسباب منها: تنامى ظاهرة العولمة الاقتصادية والمالية والسياسية، وحاجتها لمعالجة ديونها المتراكمة في إطار نادي باريس، عاصمة الدولة التي لعبت دوراً في عولمة اليمن.
كانت الدولة الفرنسية هي الحاضرة السياسي والعسكري والمالي في اليمن بعد خروج الاتحاد السوفيتي، وبعد تحقق الوحدة اليمنية، فشركة توتال الفرنسية أحد مظاهر الاستحواذ على قطاع النفط في اليمن، وتزامن مع هذا التواجد الاقتصادي تواجد عسكري، خصوصاً خلال عمليات شنتها القوات الفرنسية بالاشتراك مع القوات اليمنية لتطهير اليمن من الإرهاب سنة 2008، وهذان الجانبان أثرا على القرارات السياسية لليمن، خصوصاً في عهد الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك، إلى أن بدأت أحداث اليمن من احتجاجات 2010، مروراً باندلاع حرب 2015، والتي جعلت الصين تحل محل فرنسا التي انسحبت عسكرياً واقتصادياً من اليمن، وقد أشار لتلك الظاهرة ضمنياً الباحث عبده الجمال (2019) في حديثه عن الآثار السياسية للعولمة في اليمن، حيث أشار الجمال بأن العولمة تجعل الدول النامية رهينة للدول المتقدمة في أنظمتها الحاكمة، وتعطل عجلة البناء والتنمية، كونها تستهدف السيادة الوطنية والديمقراطية والتنمية التي ترغب الدول المتقدمة في تشكيلها على ما يوافق أجندتها، التي تجعل العالم عبارة عن دول مقسمة لعدة طبقات، نامية ومتقدمة.
كما أشار الجمال بأن العولمة الاقتصادية تعد طريقاً للعولمة السياسية بهدف الهيمنة على السيادة الوطنية، كما هو حال اليمن. (2019، ص326 – ص329).
ومن جانب آخر، أشار الكاتب اللبناني سعد محيو في مقالة بعنوان العولمة واليمن "الانفجار العظيم" (2014) وصف فيه مجموعة "أصدقاء اليمن" بممارسة اسؤ صور العولمة في اليمن من خلال التركيز على الملف الأمني فقط على حساب تنمية الاقتصاد.
اليمن وبحكم موقعها الجغرافي، فهي معرضة للعولمة الاقتصادية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وسنذكر في هذا المقام العديد من الأمثلة لذلك، فمن الناحية التجارية أشار السفر الصيني لدى اليمن "تيان تشي" في مقابلة أجريت معه في 25 مارس 2017 بأن اليمن محطة مهمة في طريق الحرير القديم، وسيكون شريك التعاون للتشارك في مبادرة الحزام والطريق، والصين هو أكبر شريك تجاري على مدى السنوات الماضية قبل اندلاع الحرب، ومستقبل التعاون بين البلدين واسع، كما أكد السفير الصيني بإن الصين على استعداد لتشارك في بناء اقتصاد اليمن بعد تحقق السلام والاستقرار، وذلك لمساعدة اليمن على تنمية اقتصادها وتحقيق المنفعة المتبادلة، وتحسين معيشة الشعب، والكسب المشترك.
فتصريح السفير الصيني يدل على اعتزام الصين لضم اليمن ضمن محور العولمة الجديدة في رسم طريق التجارة، ولتكون اليمن لاعباً مهماً في سلاسل الإمداد مستقبلاً.
وهذا ما يشير إليه الخبير الاقتصادي اليمني د. أحمد البواب (2014) عند ما دعا الحكومة إلى اكتساب العضوية الكاملة في منظمة التجارة العالمية، وذلك بهدف عولمة الصادرات في اليمن.
ولو عدنا مجدداً للموقع الجغرافي لليمن، فنسجد مثال آخر وهي الشركات لعبت دور في دمج اليمن في هذه العولمة الاقتصادية، وخصوصاً في جزيرة سقطرى الأثرية، ذات الطابع السياحي، وسنركز بالتحديد على مطار سقطري، فقد لعب هذا المطار دوراً هاماً مع أصحاب المصالح داخله وخارجه، من المسافرين والشركات الناقلة والمجتمع والعاملين والمنافسين على قطاع السياحة بسقطرى.
سنتكلم عن ثلاثة من أصحاب المصالح الذين برزوا بالتأثير في عمل المطار، وهم: الشركات الناقلة الأجنبية، والمنافسين على قطاع السياحة بسقطرى، والمسافرين.
في سنة 2020، تحدثت تقارير حكومية عن إنعاش شهد قطاع السياحة في سقطرى عبر تشغيل مطاره بشكل مزدوج (رسمي/غير رسمي) وتمثل ذلك بالنسبة للشركات الناقلة بالسماح للخطوط الجوية اليمنية بتنظيم رحلات محدودة بين سقطرى وبعض المطارات في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، وهذا يعتبر شيئاً رسمياً، بينما سمح للخطوط الجوية الإماراتية "رويال جيت" بجلب سياح من الخارج بتأشيرات إماراتية، مقابل تخفيف حظر الطيران في أجواء سقطرى، وهذا ما نسميه بالمنافسة على جلب سياح عبر خطوط أجنبية، حيث تلتقي مصلحتين (السياح، الخطوط الناقلة)، ولو تم الرفض من إدارة المطار على عدم السماح بنزول الطائرات الأجنبية عموماً فإن ذلك يعرض المطار لحالة إقفال شبه تام، وهذا يشير بكل وضوح إلى ظاهرة من مظاهر الرأسمالية التي تقوم عليها العولمة الاقتصادية في اليمن، حيث لا حكم للقانون في بعض الأحيان.
وبالإمكان بعد هذا العرض أن نجمل الأسباب التي أدت إلى العولمة الاقتصادية في اليمن، وهي على النحو التالي:
1- الموقع الجغرافي المتميز لليمن، فهو يطل على بحرين (العربي، والأحمر)، ويتحكم بأهم مضايق العالم البحرية (مضيق باب المندب).
2- وفقاً لآراء الباحثين، اتخذت الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية العولمة الاقتصادية ذريعة للعولمة السياسية بهدف الأمركة.
3- سقوط المعسكر الاشتراكي وذلك في حرب 1994، إذ أن النظرية الاشتراكية في الاقتصاد تحارب الرأسمالية.


العولمة اليمن فرنسا الصين الإمارات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


المصادر الجمال، عبده. (2019). الآثار السياسية للعولمة على اليمن. (م10، ع3، ج1، ص322 – ص326 – ص329). السويس، مصر: المجلة العلمية للدراسات التجارية والبيئية الصادرة عن جامعة السويس الغسيل، طه. (2018). الإصلاح الاقتصادي في اليمن: الخيار الأسهل. الصندوق والبنك الدوليين. (العدد 20، ص57). واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة الأمريكية: مجلة الإصلاح الاقتصادي السفير الصيني لدى اليمن تيان تشي يقدم الأحوال عن (الدورتين السنويتين) الصين لوسائل الإعلام اليمنية. (2017). المنصة الإلكترونية للسفارة الصينية لدى اليمن. تم الاسترداد من الرابط: https://www.mfa.gov.cn/ce/ceyem//ara/xwdt/t1448657.htm منصة "مرحبا إلى سقطرى" الإماراتية. (2020). تم الاسترجاع من الرابط: https://www.welcometosocotra.com/ كيلو، دوروتيه. (2015 أغسطس 18). شركة "توتال" تسرح عمالها في اليمن.. برسالة نصية عبر الهاتف. قناة فرانس 24. تم الاسترداد من الرابط: https://observers.france24.com/ar/20150818-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86-%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D8%A7-%D8%AA%D9%88%D8%AA%D8%A7%D9%84-%D9%81%D8%B5%D9%84-%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B2-%D9%85%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9 البواب، أحمد. (2014 يناير 19). عولمة الصادرات في اليمن. صحيفة الاقتصادي اليمني. تم الاسترداد من الرابط: https://www.yemeneconomist.com/88511/%D8%B9%D9%88%D9%84%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86 محيو، سعد. (2010 فبراير 5). اليمن والعولمة: الانفجار العظيم. إذاعة سويسرا الدولية. تم الاسترداد من الرابط: https://www.swissinfo.ch/ara/%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%88%D9%84%D9%85%D8%A9-%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D9%81-%D9%80%D9%80%D8%AC%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B8%D9%8A%D9%85-/8232000