مدونة خالد حمادي


لماذا نريد معرفة يوميات الأخرين؟...بين سيميولوجيا الجذب لدى نجوم الميديا وترندينغ الجمهور الشبكي

خالد حمادي | Khaled Hammadi


31/07/2022 القراءات: 1619  


... يقال: " من يعتقد أن المال كل شيء يفعل من أجله كل شيء".
السوشيال ميديا كسرت حاجز إحترام الخصوصية وجعلت الفضول القاتل سيد الموقف.. والتقليد سعيا للشهرة ولو كان المحتوى تافها أو عديم المنفعة أصبح من الضرورات خاصة لدى المراهقين ، يكفيك نظرة على الإنستجرام والتيك توك لتتأكد كيف تغولت الميديا في حياة الناس.
هذا النوع من المحتوى لا يحتاج أي مجهود في الأفكار، يحتاج كاميرا فقط، و نحن الجماهير نتكفل بالمشاهدات لنصنع هذا المستقبل للميديا.
ربما الأمر متعلق بفكرة التطلع لمقارنة الذات بالآخر، وربما هذا هو حالنا عندما نشاهد الحضارات القديمة، هل الفرعون كان يصدق أن أوعيته ستكون قطعا أثرية يتهافت العالم لرؤيتها؟! الآن ما يجري على الميديا هو نوع من التسجيل الحضاري، كان يُجرى على جدران المعابد، وحاليا على السوشيال ميديا!
الأن بعض الناس يريدون معرفة يوميات نجوم الميديا لكي يرون هل النجوم يعيشون مثل الأشخاص العاديين وهل يأكلون ويشربون مثلنا وماذا لديهم من ممتلكات لكي يقلدونهم أو لكي يحسدونهم.
‏أرسطو قال "الإنسان كائن اجتماعي" وتترجم هذه المقولة فى عصرنا هذا على أن الإنسان كائن فيسبوكي أو انترنتي" الناس باتت تتواصل إلكترونيا أكثر منها اجتماعياً وهذه تعد مفارقة عجيبة لأن مواقع التواصل الاجتماعي من المفروض أن تكون إجتماعية إلا أنها أثرت بشكل سلبى على بعض البشر.
جلسات الشهرة.. هي ميراث الشر الذي إنتقل عبر الأجيال .. وهي الحافز الأول للتلصص ومتابعة أسرار الناس ومن ثمة بدأ رخيصو الثمن يبيعون خصوصياتهم ويفضحون أنفسهم ليصنعوا مادة يتغذى عليها مدمنو الشهرة الزائفة.
‏‎إنهم يدهشوننا بعرض يومياتهم وصورهم ويعرضون الحياة التي لا نستطيع أن نعيشها، فهم يبدون مختلفون عنا وهذا ما يغرينا لمعرفة أخبارهم.
‏‎ليس الجميع يعرضون يومياتهم هناك إختلاف في المحتوى ولكن بسبب إختلاف ثقافات المتلقين ومنهم نسبة جدا عاليه تتابع الأمور الغير مفيده إرتفع متابعي المحتويات البسيطة.
‏‎كثيرمن الناس لديهم حب إطلاع و البحث عن الغير مألوف و هذا ما توفره السوشيال ميديا لكن تظل أكثرها أخبار تافهة ،أما بالنسبة للإعلام الأكاديمي فهو المصحح دائما للأخبار و للعقول إما بوضع إعلام باني للمجتمعات أو إعلام "شباك"وبحث عن عائدات مادية و نسب مشاهدة فقط شبيه بالسوشيال ميديا.
من لديه محتوى حقيقي يقدم فائدة للمتابعين فهو يستحق الشهرة .. أما من اشتهر لأنه يعرض جسده عبر يوميات فارغة ، او لمجرد إطلاق مفردة بائسة فشهرته السطحية بسبب دعم شركات الإعلان التي ابقته في دائرة الضوء وللأسف هذا هو السائد حالياً.
‏‎برأيي الشخصي لا يوجد مشكلة في عرض المشاهير ليومياتهم لكن أعتقد أن المبالغة في عرض حياتهم الشخصية هو بسبب أن الجمهور يتفاعل أكثر مع الأمور الشخصية التي هي من غير العادة أن يتم نشرها لذلك يلجئ المشاهير البعض منهم إلى نشر حياتهم الشخصية فقط من أجل الشهرة.
‏‎إلى حد عرض حياتهم أمامنا بكافة تفاصيلها وكأننا جزء من تلك اليوميات
المشكلة ليست في العرض ولا المحتوى لأننا بتنا أمام ظاهرة "الجميع ينشر والجميع يشاهد" المشكلة في تصنع النشر وإظهار المحتوى بصورة مثالية وردية وكأنه شريط تمثيلي.
‏‎بينت بعض الاستطلاعات أن عدد كبير من متابعي هذه الشخصيات يعتبرون الأنفلوينسرز المفضلين لديهم كأصدقاء يثقون بمعلوماتهم ونصائحهم ربما هذا هو سبب الاهتمام بكافة تفاصيل حياتهم اليومية.
أغلب مشاهير العالم يوظفونها لمساعدة الناس والأرباح كذلك،الفضول له دور كبير في هذا الموضوع
المشكلة الأكبر في اليوميات أنه قد تسبب بعض الأذية النفسية للأشخاص ذوي الدخل المحدود لأن معظم نجوم السوشيال ميديا يعرضون أنفسهم على أنهم يعيشون في بذخ ولا نعلم ما وراء الكاميرا بالحقيقة.
‏‎سواء أردنا متابعة أخبارهم أم أبينا سيصلون لنا متى كان لهم ذلك، يعني إما عن طريق مساردات الأصدقاء للمحتوى او بالإعلانات الممولة.
‏‎الفكرة موجودة منذ زمن برامج تلفزيون الواقع التي كانت كلها تمثيل وأبعد ما تكون عن الواقع، ونجوم الميديا ليس إلا امتداد لها في مبالغة بخصوصية المحتوى الذي وصل حتى لحظات ما قبل الشهرة.
‏‎المشكلة أنهم هم من يشهرون هؤلاء ثم يقولون ( مشاهيرنا تافهين ) ، السؤال هو : من الذي أشهرهم ؟!
‏‎السوشيال ميديا بصفة عامة سلاح ذو حدين وهذا يتوقف على المستخدم وتوجهاته وسميت مواقع التواصل الاجتماعي لأنها تعزز الاختلاط بين الأفراد مهما كانت المسافات أو الظروف.
الفضول من طبيعة أغلب البشر .. في الماضي كان من يستطيع يمتلك منظارا ويتلصص على الاخرين.. الآن صار الآخرون يعرضون خصوصياتهم لمن أراد ذلك من خلال صفحاتهم الشخصية والعامة وعبر الدردشة والتعليقات والتغريدات.
‏‎نعم صانع المحتوى يقدم نفسة بالمنافسة مع الآخرين بالشكل الذي يكسب فيه السوق حتى ولو على حساب الأخلاق والقيم.
التطور في الجانب التكنولوجي في هذا العصر صاحبه تدهور معرفي و التسارع في الميديا صاحبه انحدار القيمة و المحتوى و زيادة المواليد لم يصاحبها زيادة مواكبة في الرعاية الصحية او الموارد التعليمية
فأصبحنا مجتمعا جاهلا مريضا مهووسا بنشر خصوصياتنا لأفراد حتى لانعرفهم أصلاً.
نحن نستهلك التكنولوجيا فلا بقينا على فطرتنا ولا نحن تقدمنا مع المتقدمين.
‏لماذا صُممت مواقع التواصل الإجتماعي !!؟
- ليعرفون بماذا نُفكر
- قياس الرأي
- التأثير على عقولنا عبرها و عبر مختلف الميديا
- معرفة الطرق المُثلى للتعامل مع الشعوب .
إنها معلومات ثمينة كانت بالماضي تُجمع عبر الجواسيس و العملاء و الآن نحن من نقدمها بأنفسنا و بالمجان !!؟
وفي الأخير وكرسالة قوية:
‏‏"لاتسرف في تتبع الأخرين علي صفحات الميديا ولاتكثرمن قراءة وفهم المشاكل ، فكلما اتسعت عيناك ضاق صدرك ،وكلما توسعت شهرتك تفردت خصوصياتك وتجزأت أولوياتك لدى جمهورك ،ليصبح هذا الفضاء الرقمي منزلك الذي يتمنى الجميع العيش فيه ولو افتراضيا".


الشهرة - السوشيال ميديا - التراند - نجوم الميديا - جمهور الميديا - سيميولوجيا


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


#تم تشخيص هذا المقال بناء من تحليلي واقعي لتفاعلات الجمهور عبر منصات وقنوات التواصل الاجتماعي ( فيسبوك ،تويتر،انستغرام، تيك توك،تلغرام،مدونات ...