مدونة محمد سلامة الغنيمي


بين الرضى والقبول في قضايا العمران والمعاش

محمد سلامة الغنيمي | Mohamed Salama Al-Ghonaimi


14/07/2022 القراءات: 488  


تتسع الهوة بين الرضى بالشيء والقبول به اتساعا ساحقا، فالرضى يصاحبه قبول باقتناع وسرور، أما القبول فيخلو عادة من القناعة والسرور، وإنما يقبل الإنسان ما لم يرضى عنه لتحقيق مصلحة أكبر من رفضة، أو لأن رفضه سيترتب عليه مفسدة أكبر من رفضه.
والقبول قرين الصحة النفسية، ويحقق الاستقرار الاجتماعي، ويضمن استمرار الأنظمة سواء السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية...
ولذلك أمر الإسلام بالقبول لاسيما في المعاملات، ولم يشترط الرضى إلا في بعض أمور العقائد والعبادات؛ لأن الرضى غاية لا تدرك، وذلك حفاظا على الأمن والاستقرار، وإن لم يتحقق القبول.
و‏‎القبول في أمور المعاش والعمران يدفع الجميع للتحسين والإصلاح والتطوير بشكل دائم ومستمر، أما الرضى فيوقف التقدم ويراكم العيوب ويكرر الأخطاء.
والمجتمعات الصغيرة أو الكبيرة التي تتقن ثقافة القبول هي مجتمعات هادئة تنظيميا ومتقدمة حضاريا، وهذا ما دعى إليه الإسلام عندما أمر بالطاعة في المنشط والمكره، وحرم الخروج والعصيان مع النصحية في السر.
أما من يطلب الرضى في أي مجتمع أو مؤسسة فقد طلب المستحيل وهو ما لم يحدث في تاريخ البشرية حتى على عهد الأنبياء والرسل.
قال تعالى: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾، لحكمة حتى يتحقق التكامل والتنوع، أما التضاد والتنازع فهو ممقوت.
أما قوله تعالى: {وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ.} فقد أسست لقبول الاختلاف حتى لو كان في العقيدة وفي أدق قضاياها، وإن لم يتحقق الرضى.

وقد حث النبي على هذه المباديء حتى في العلاقات الزوجية لتستقيم الحياة وتستمر، فقال صلى الله عليه وسلم (لا يَفْرَكْ مؤمنٌ مؤمنةً؛ إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا، رَضِيَ منها آخَرَ).


نهضة، عمران، سياسة، اجتماع


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع