مدونة الأستاذ الدكتور أحمد السيد عمر


لا قيمة للابتكار بدون ريادة الأعمال والابتكار ثروة الأمم

الأستاذ الدكتور/ أحمد عبدالرزاق سيدعمر | Prof. Dr. Ahmad Alsayed Omar


29/06/2022 القراءات: 1962  


كل تقدم اقتصادي واجتماعي يعتمد في الأساس على أفكار جديدة تعارض الرؤية الضبابية وسكون الوضع الراهن، بإمكانيات التغير والتحسين. ويحدث الابتكار عند طرح تفكير جديد بنجاح وتقدير المنظمات له. فهو المجال الذي ينظم فيه ويُدار رسميٍّا إبداع الأفكار الجديدة وتطبيقها. ويتطلب الابتكار ترتيبات وأهداف وفوائد مدروسة للأفكار الجديدة التي يجب تحقيقها وتنفيذها عمليًا. فهو المسرح الذي تلتقي فيه عمليات التجريب والتعلم بالحقائق التنظيمية للميزانيات المحدودة، والإجراءات الروتينية الراسخة، والخيال المقيد. توجد العديد من الطرق لفهم الابتكار، وهي تقدم لنا نطاقًا واسعا من الرؤى ووجهات النظر الثرية. يحلل البعض مدى الابتكار وطبيعته، وإن كان أي تغيير إضافيًا أم جذريًا، وكيف يحافظ على استمرارية الأساليب الموجودة للقيام بالأشياء أم يعوقها، وإذا كان يحدث في الأنظمة الكاملة أم في مكوناتها. وتهتم تحليلات أخرى بكيفية تغير اهتمام الابتكار عبر الزمن، بمعنى تغيره من تطوير منتجات جديدة إلى تصنيعها، وأنماط نشرها، وكيف تسيطر أشكال تصميم معين.
ساهمت الابتكارات في تطور مجالات عديدة في مختلف القطاعات العمليّة، والعلميّة، والحياتية فكلما ظهر ابتكارٌ جديدٌ ساهم في تطور المجال الذي استخدم فيه، ومن الأمثلة على الابتكارات المهمة: "الكمبيوتر" والذي اعتمد على مجموعة من الأفكار، والتجارب العلميّة، والرقمية من أجل الوصول إلى اختراعه.
وتعد كافة الابتكارات البشريّة منذ قديم الزمن حتى هذا الوقت، أشياء جديدة ظهرت بالاعتماد على فكرة ما، تم التخطيط لها بشكل صحيح غير مألوف، أي أنّ كافة الابتكارات غير معروفة مسبقاً، وتحتاج إلى فترة زمنيّة معيّنة حتى تصبح مألوفةً عند الناس، وحتى يصبحوا قادرين على استخدامهها ، ويعتبر كل ابتكار من الابتكارات أداةً من الأدوات التي تساهم في التطور التكنولوجيّ في المجتمعات البشرية.
وارتبط الابتكار كثيراً بالاقتصاد والصناعات بل وأصبح المحرك الأساسي، والأكثر أهميّةً في النمو الاقتصادي، حيث أصبحت المنتجات والخدمات المبتكرة تلعب دوراً كبيراً في حياة المواطنين، وأصبح الاقتصاد يفضّل إنتاج كمياتٍ أكثر من المنتجات الجديدة ذات القيمة المضافة، بدلاً من إنتاج كمياتٍ أكبر من المنتجات القديمة والتقليديّة، ومن ثمّ طرحها في الأسواق.

إنّ ارتباط الابتكار بالاقتصاد قائمٌ على المنافسة التي تحصل بين الشركات المختلفة، وأكبر دليلٍ على ذلك ما يحصل اليوم في عالم الأجهزة الخلوية، فالمنافسة بين الشركات المصنّعة تجعل المبتكرين يحاولون إيجاد أجهزةٍ حديثةٍ كل يوم ذات تحديثاتٍ كثيرة وميّزاتٍ تجعل المستهلك يفضّلها على سواها، ولهذا السبب نرى كل يومٍ جهازاً جديداً يغزو الأسواق والأجهزة لا تدوم لفترةٍ طويلةٍ حتى تأتي أجهزةٌ أخرى وتحلُّ مكانها، ولولا هذا الابتكار وهذه المنافسة لأصبح الاحتمال كبيراً بأنْ تبقى الأجهزة الخلوية غالية الثّمن، وثقيلة، ولا يستخدمها إلا الأغنياء.
إن العصر الذى نعيشه الآن هو عصر التحدي العلمي والتكنولوجي، وهو عصر يعتمد على المشاركة العالمية، ولا نفاذ فيه إلى الأسواق الخارجية إلا من خلال الإبداع والابتكار والتعليم عالي الجودة والتدريب الراقي، مشيرا إلى أن السباق الحضاري هو أحد سمات العالم المعاصر الذي يعتمد على ما تنتجه الشعوب من ثقافة وعلوم وتكنولوجيا، وما يرتبط بها وما يقوم عليها من نمو اقتصادي عملاق.
تواجه المنظمات اليوم تحديات غير مسبوقة في ظل التقدم التكنولوجي والصناعي وزيادة التحديات التي تواجهها حيث ان تلك المنظمات على اختلاف انواعها هي عماد بناء المجتمع، مما يجعلها في حاجة ماسة الى الابتكار وإيجاد حلول غير تقليدية للمشاكل التي توجهها. ويعتبر الابتكار ضرورة ملحة خاصة في ظل هذه التحديات الداخلية والخارجية نتيجة التغيرات التقنية المتسارعة والتطور الحاصل في ثورة المعلومات والثورة الصناعية الكبرى، كما أن توسع الأسواق و اندماجها في إطار العولمة زاد الصراع بين المنظمات و دفعها إلى البحث عن عوامل جديدة للمنافسة و ذلك بتركيز ديناميكيتها للتطور والنمو على الابتكار. كذلك المنافسة المفروضة من طرف أسواق جديدة فيما يخص المنتجات المصنعة العادية أرغمت الدول المصنعة على التوجه نحو منتجات تحتوي دائما على مستوى عالي من التقنية و التكنولوجيا و بالتالي أصبح عنصر الابتكار عنصرا أساسيا في المنافسة الدولية.
لقد ظل الابتكار حتى الخمسينات والستينات من القرن العشرين يعتبر مجرد تقدم خطي بدءا من التصور الأولي لفكرة ما عند مستوى البحث الأساسي إلى التعبير عنه بتطبيق فعلي واقعي ، وكل ما يحتاج إليه الفرد للنهوض بعمليات الابتكار هو تقليل "المخاطرة والأزمات والنقص والعوز" ، والاحتفاظ بمخزون وافر من المدخلات، و لا سيما الموارد من أموال وموارد بشرية لازمة للبحث والتطوير، فعملية الابتكار تعتمد على عوامل كثيرة، تتجاوز مجرد البحث والتطوير والتقنية والتكنولوجيا، ولا يمكن الإحاطة بها إلا عبر مجموعة واسعة من الأنشطة في جميع القطاعات، منها التفاعل المعرفي والتقاسم والمشاركة اللذان يرتكزان أساسًا على قدرة الاتصالات من اتصال وتواصل ووصال والمهارات ذات الصلة. وهذه العوامل تزيد من صعوبة تقييم وقياس الابتكار. والخبراء اليوم يقرون بالحاجة إلى دراسة وفحص وتحليل الابتكار بصفته ناتجًا من أنشطة متعددة تعمل عبر لوحة و شبكة متشعبة من التوصيلات، وهذا ما يتضح من تطور مفهوم الابتكار نظريًا وعمليًا .
الابتكار يعتمد على مصادر المعرفة من خلال نشاط البحث والتحليل والتطوير، سواء قاده القطاع العام (القطاع الحكومي) ، كالجامعات أو الشركات، وحيازة التقنية والتكنولوجيا بوسائل مختلفة. وفي حالة الشركات، يمكن أن يعتمد الابتكار على مساهمات يقدمها العملاء والزبائن والشركات الاستشارية والمراكز العلمية البحثية والتعليمية وغيرها من المعلومات العامة المتوفرة.
ويمكن أن يحدث الابتكار على مستويات مختلفة، وتحديدًا على مستوى المنتج أو عملية الإنتاج أو الإدارة، فابتكار المنتج يعني توليد منتجات أو خدمات جديدة.


ابتكار - ريادة الأعمال


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع