مدونة بكاري مختار


الدولة الزيانـــــــــــــــــــــــــــــــية - الجزء الثاني -

د/ بكاري مختار | Dr. BEKKARI mokhtar


24/06/2022 القراءات: 1853  


أهـم مرحلـة فـي تاريـخ الدولـة الـزيانية ( 1359 ــ 1389 ) :
لما شرع يغمراسن في تأسيس دولة " بن زيان " ، و تنقل " بن عبد الواد " من " زناتة " إلى التلال و الأرياف، استولت قبيلة " المعقل " على موطن " زناتة" القديم بالصحراء . و كثر فسادهم : فاستدعى يغمراسن " بن عامر" من موطنهم بالصحراء إلى جواره بصحراء "تلمسان" ، للوقوف معه ضد عرب " المعقل" ، و لقد تبعتهم فبائل "حميان " من " بني يزيد" و أصبحوا أتباع " بن عامر" ، و هكذا أصبح لابني عامر و حميان دورا أساسيا على الصعيدين السياسي و العسكري في الحفاظ على الدولة الزيانية . خاصة في عهد السلطان " ابن حمو موسى الثاني " 1359 – 1389 الذي يجمع المؤرخون أن أهم مرحلة في تاريخ الدولة الزيانية هي المرحلة التي تولى فيها هو الحكم ، إثر مبايعته من قبل ابن عامر و حميان ، اللذان ساعداه للقضاء على المارنيين عند احتلالهم لتلمسان على يد السلطان المريني " أبو عنان" 1352-1359م عام : 760 هـ أين أعاد " أبو حمو موسى الثاني" إعادة تأسيس دولة بن عبد الواد التي سماها الدولة الزيانية . و لقد كان له دور كبير في النهضة التي عرفتها الدولة الزيانية على جميع الأصعدة ، بالرغم من تعرض الدولة خلال فتـرة حكـمه إلى العـديد من المشـاكل سـواء الخارجيـة المتمثلـة في تهـديد المرينيين و الحفصيين أو داخليا و المتمثل في الصراع ى العرش من قبل أراء بن زيان . و المعروف عن أبو حمـو مـوسى الثـاني أنه كـان شاعـرا إذ يقـول في إحـدى قصـائده عنـد توليـه الإمـارة :
أحيـاها بـي و بأعـرابيو أنـا الزيـانـي و الدولـة لـي .
و يقول في إحدى القصائد التي يصف علاقتهم بابن عامر و يصف دورهم في تـأسيـس دولـة بـن زيـان :
يـا نجـل عـامر سـر بنـا و اطـوي السري ليـلا لعـل الدهـر يدنـي مـنزلي (1)
يـا نجـل عـامر طـال قـولـي أنـني أحمـي الحمـى يوم الوغـى بالمنصل
يـا نجـل عـامر دارنـا مـع داركـم قـد عمـرت مـن بعـدنا بالحنظـل
وقد دامت فترة حكم بن حمو موسى الثاني حوالي 30 سنة (1359 - 1389 )
السياسة الداخلية والخارجية للدولة الزيانية:
1-داخليا:
لقد اتبع الزيانيون سياسة داخلية عرفت بالحكمة ، إذ عمدوا إلى جمع كلمة الرعية و القضاء على المتمردين بشتى الطرق السلمية و العسكرية . كما قاموا بعدها بإصلاحات تكفل لهم النجاح المطلوب ، كالمشاريع العمرانية و العلمية و طرق المواصلات و مشاريع الري و الزراعة و ما إلى ذلك كبناء مدينة "أقبو" و قصـر "أبـو حمـو موسـى الثانـي" جنـوب شـرق عـين كرمـان اللـذين شيـدهمـا "أبـو حمـو موسـى الثـاني" نفسـه .
2 - خـارجيـا :
كان اهتمامهم بالسياسة الخارجية أكثر أهمية مما جعلهم دولة عسكرية ، بسبب الظـروف الـتي كـانت تحيـط بهـم غـربا و شـرقا و شمـالا .
فمن الغرب كانت الدولة المارينية ، من الشرق الحفصية و من الشمال الأوروبيين الذين كانوا يستغلون الانقسامات و التوترات الحاصلة بين الدول الثلاث ليقوموا بالقرصنة في الحوض الغربي للبحر المتوسط ، فتعرضوا للسفن التجارية الإسلامية . كمـا تعرضـوا كـذلك للمـوانئ و حـاولوا احتـلالها أكـثر مـن مـرة .
عـلاقات الدولـة الزيانيـة بجـيرانهـا .
علاقـة الدولـة الزيانيـة بالحفصيـين شـرقا
حاول الزيانيون توطيد العلاقات الدبلوماسية مع الدولة الحفصية ، بعقد مصاهرة بين العائلتين الحاكمتين ،توثيقا لروابط الصلة بينهما و مع ذلك فإن الحفصيين ، كثيرا ما قاموا بتحرشات على الحدود و سيطروا على بعض المدن ، و خاصة عندما يكون الجيش الزياني مشغولا بمحاربة بني مرين ، أو تكون الحكومة مشغولة بالقضاء على الاضطرابات الداخلية . لذلك قرر الزيانيون القضاء على سلطة الحفصيين و التخلص نهائيا من خطرها . فجهزت الدولة الزيانية جيشا قويا ، و أخذت تتوسع شرقا على حساب الحفصيين و بسطوا سيطرتهم على تونس سنة : 1328 . الأمر الذي أدى إلى تحالف الحفصيين و المارنيين ضد الزيانيين ، فزحف الجيشان من الشرق و من الغرب إلى دولة بنو زيان إلى أن سقطت تلمسان العاصمة بيد المارنيين سنة: 1337. بينما استعاد الحفصيون سلطتهم من جديد على تونس ، لكن الزيانيين سرعان ما استرجعوا مملكتهم و حسنوا العلاقات مع بني مرين و انصرفوا إلى إعادة بناء و ترميم مادمرته الحرب . و بينما هم منهمكون في هذه الأعمال ، قام الحفصيون بهجومات مفاجئة و احتلوا تلمسان ، و جاءتهم مبايعة من بني مرين في مراكش و بذلك تمت لهم السيطرة على المغرب العربي . لكن سرعان ما استعاد المرينيون سلطتهم على مراكش و الزيانيون سلطتهم على الجزائر ، و أكثر من هذا فإن الزيانيون قاموا بحملة ضد الحفصيين ، فألحقوا بهم أضرارا جسيمة . لم يحولوا بعـدها التحـرش علـى الحـدود الجـزائريـة .


الدولـة الـزيانيـة، تلمسان


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع