مدونة الدكتور محمد محمود كالو


كيف نكتسب مكارم الأخلاق؟ (1)

الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو | Prof. Dr. Mohamed KALOU


30/03/2022 القراءات: 776  


كيف نكتسب مكارم الأخلاق؟
وردت العديد من الأدلة الشَّرعيَّة التي تؤكِّد على ضرورة التَّحلِّي بمكارم الأخلاق، وتحذِّر من منكرات الأخلاق، ويستطيع الإنسان اكتساب مكارم الأخلاق بعدة أمور أهمها:

1- من وسائل اكتساب الأخلاق تصحيح العقيدة: لأن الانحراف في السلوك ناتج عن خلل في العقيدة، فهذا لقمان الحكيم يغرس العقيدة الصحيحة في نفس ابنه قبل الأخلاق الحسنة، قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان:1]، ثم قال سبحانه حكاية عن لقمان: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ‎﴿١٧﴾‏ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ‎﴿١٨﴾‏ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ [لقمان: 17-19].
ونحن نعلِّمُ أبناءنا ما قاله خال سهل التستري لابن أخته: (الله شاهدي، الله ناظري، الله معي)، لأن مراقبة الله أساس في تقويم الأخلاق لذا قال عليه الصلاة والسلام: (أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا) [أخرجه أبو داود، والترمذي].

2- من وسائل اكتساب الأخلاق العبادات وخاصة الصلاة: فإقامة الصلاة الواجبة عندما أمر الله بها أبان الحكمة من إقامتها، فقال: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ﴾ [العنكبوت: 45]. لأن حقيقة الصلاة هي الابتعاد عن الرذائل، والتطهير من سوء القول العمل.
والزكاة ليست ضريبة، بل هي غرس لمشاعر الحنان والرأفة والمحبة، وقد نص القرآن على أن الغاية من إخراج الزكاة هي التزكية، فقال:﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا﴾ [التوبة: 103].
والصوم، ليس حرماناً من الطعام والشراب، بل هو حرمان للنفس من شهواتها، قال عليه والسلام: (من لم يدع قول الزور، والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) [رواه البخاري].
والحج كذلك ليست رحلة مجردة عن المعاني الخلقية، قال تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ [البقرة: 197].

3- من وسائل اكتساب الأخلاق التدريب العملي والرياضة النفسية: ولولا وجود الاستعداد الفطري لاكتساب الخلق لما وردت الأوامر بفضائل الأخلاق، لذلك قال عليه الصلاة والسلام: (مَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ) [رواه البخاري].

4- من وسائل اكتساب مكارم الأخلاق، التفكر في الآثار المترتبة على حسن الخلق، والآثار هي (الثواب والعقاب)، فالثواب يشجع على اكتساب الأخلاق الحسنة، والعقاب ينفر من الأخلاق السيئة، قال عليه الصلاة والسلام: (إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ وَالمُتَفَيْهِقُونَ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْنَا [أي قد علمنا مَن هُم] الثَّرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ فَمَا المُتَفَيْهِقُونَ؟ قَالَ: «المُتَكَبِّرُونَ») [رواه الترمذي].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَثْقَلُ شَيْءٍ فِي الْمِيزَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُلُقٌ حَسَنٌ) [رواه أحمد].
وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البِرِّ والإثم؟ فقال (البِرُّ حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس) [رواه مسلم].
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ) [رواه أبو داود].
وعن عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لها (صِلَةُ الرَّحِمِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ وَحُسْنُ الْجِوَارِ يَعْمُرَانِ الدِّيَارَ، وَيَزِيدَانِ فِي الْأَعْمَارِ) [رواه أحمد].

5- من وسائل اكتساب مكارم الأخلاق؛ علو الهمة، لأن علو الهمة يستلزم الجد، والبعد عن الدنايا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ، وَيُحِبُّ مَعَالِيَ الْأَخْلَاقِ، وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا) [رواه الطبراني في الكبير]. وسفسافها: أي حقيرها ورديئها.
يتبع =


نكتسب، مكارم الأخلاق، منطرات الأخلاق، وسائل، سفسافها


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع