مدونة د سالم أحمد باوادي الحسني


الثقافة ذاتية وليست عالمية

د سالم أحمد باوادي الحسني | salem ahmed bawadi


25/06/2022 القراءات: 3001  


يسعى الغرب اليوم من خلال تفوقه التقني والمعلوماتي والتكنولوجيا إلى فرض ثقافاته تحت مسمى "عالمية الثقافة" والمقصود منه الغزو الثقافي, والهدف من الغزو الثقافي هذا هو التمهيد لكرة أخرى من الاستعمار الفكري والاقتصادي, وفرض التبعية في كل شيء، من ضمنها الثقافة.
الثقافة هي المقومات المميزة للأمم التي تتميز بها عن غيرها من الأمم الأخرى, فهي بطبيعتها ذاتية , وليس عالمية, إنما يقصد بعالمية الثقافة هو فرض نمط ثقافي واحد ليسود العالم كله, وهو ما يريده الغرب ويسعى إليه.
الثقافة هي كما يعرفها البعض هي: "ما يبقى بعد زوال كل شيء" فقد تزول القوة , والدولة والثروة, وتبقى الثقافة الملجأ الوحيد الذي يتشبث به الجميع.
الثقافة هي ايدلوجية نرى بها العالم الآخر, وهي انتماء وهوية, فكيف تكون عالمية؟ هل سننظر للأخر بعينه هو, أم بعيوننا نحن, وهل سنتقمص حميته القومية لنشعر بهويتنا نحن, أم بهويته هو.
الثقافة ذاتية, ولا يمكن أن تكون عالمية, كل أمة لها ثقافتها, وكل مجتمع له ثقافته الخاصة, فهي مجموعة المقومات والعادات الموروثة التي يتكون منه مبدأ الضمير الخلقي للأمة. ما يريده الغرب طمس جميع الهويات والثقافة وبلورتها في انموذج واحد يخدم أهدافه ومصالحة, ليُعبد الأمم لنزواته وإباحيته , تحت مسمى " عالمية الثقافة," وهناك مسميات أخرى تظهر في العالم الإسلامية تخدم نفس القضية مثل " الحداثة والمعاصر" .
نحن نقر بعالمية "المعرفة" ولا نقر بعالمية الثقافة. المعاصر والحداثة في العالم الاسلامي يجب أن تتجه إلى " المعرفة" وطرق كسبها والانفتاح عليها وتطوير حقولها وتنظيمها وتهذيبها بما تخدم تطوير مجتمعاتنا.
نقرُ بـ"عالمية التكنولوجيا" التي يمكن تخدمنا في حل كثير من مشاكلنا التنموية, ولكن للأسف يتم التركيز على "عالمية الثقافة" فقط, وتنجر عقول الكثير من مثقفينا وناشطينا إليها، وهي مغمضة البصر والبصيرة, وتستهويهم هذه المصطلحات الرنانة, التي لا يمكن ان تنتج لنا رغيف خبز واحد, غير مزيد من التبعية وهيمنة.


ثقافة