مدونة ياسر طرشاني


فوائد أصولية ومقاصدية من الآيات القرآنية (7)

الأستاذ الدكتور ياسر طرشاني | Prof. Dr. Yasser Tarshany


25/02/2023 القراءات: 683  


قال تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42) } [النحل: 41، 42]

• الهجر أي الترك، فهم قد هجروا ديارهم وأوطانهم وأهاليهم وأصدقائهم وأموالهم لله وفي سبيل الله.
• من معاني الحروف: في الله أي لله سبحانه تعالى وهي لتعليل الهجرة وتحديد المقصد منها، والأمور بمقاصدها، فهناك من يهاجر لله وهناك من يهاجر لمنصب أو لجاه أو لزواج أو لعمل أو لغير ذلك.
• الحكم يدور مع علته وجودا وعدما فإذا تغيرت العلة فقد يتغير الحكم.
• المقاصد قد تكون مشروعة إذا وافقت مقصد الشارع، قد تكون مقاصد غير مشروعة، وهجرتهم كانت لله سبحانه وتعالى، وصلاح العمل وفساده بحسب النية منه.
• حكم الهجرة تدور عليه الأحكام التكليفية الخمسة بحسب المقصد منها، فقد تكون الهجرة واجبة أو مندوبة أو مباحة أو مكروهة أو حراما.
• ظلموا فيها عموم أنواع الظلم كافة.
• رفع الظلم واجب قدر الإمكان ولمن يقدر عليه ، فالإسلام دين العدل والرحمة.
• الظلم لا يجوز تقريره، ولا بد من الأخذ بكل وسائل تقليله أو زواله لدرء المفاسد.
• العرف معتبر إذا لم يخالف النص، فانتشار الظلم ليس معناه الرضا به كعرف.
• من مقاصد الشارع تكريم الإنسان بصفة عامة فلا يقبل الإنسان أن يكون مظلوما.
• الأصل في الإنسان الحرية فقد هاجروا بسبب الأذى الواقع عليهم ظلما.
• الجزاء من جنس العمل هاجروا وتركوا أوطانهم فكان الجزاء لنبوئنهم وهي من السكن فعوضهم الله سكنا وبلدان أخرى أفضل وهجرة في سبيله.
• الفتاوى قد تتغير بتغير الأحوال، فأحكام الشرع الخاصة بالمقيم تختلف عن أحكام المسافر، فقد جعل الله له رخصة الجمع بين الصلوات وقصر الصلاة الرباعية وزيادة مدة المسح على الخفين ثلاثة أيام ، ويجوز الفطر للمسافر وهذا مراعاة لظروفه وأحواله.
• الجزاء في الإسلام دنيوي واخروي ولذا قال سبحانه:" لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ".
• الأجر على قدر المشقة وبحسب المصلحة فالهجرة كانت فيها مشقة، السفر مشقة فأخبرهم الله بالأجر وخاصة أجر الآخرة أكبر.
• لا حكم للباطل ، والظلم باطل، والمبني على الباطل باطل.
• حسنة فيها عموم فتشمل الخير في الأمن والأمان والراحة وزيادة المال والبركة في الرزق والسعادة وغيرها من أنواع الخير وهذا جزاء" مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا".
• التركيز على تحقيق المقاصد الأخروية مع الدنيوية فأخبر سبحانه :" وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ".
• الشريعة تراعي الفطرة البشرية فلم يعدهم الله بالآخرة فقط بل أخبرهم بوجود خير وحسنة لهم في الدنيا أيضا.
• العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فليست الآية جزاء للمهاجرين في عهد رسول الله فحسب من مكة إلى المدينة وإنما تشمل كل مهاجر في سبيل الله في واقعنا المعاصر.
• الضمير يرجع لأقرب مذكور فقد يرجع الضمير في قوله :" لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ" على المؤمنين المهاجرين، فلو رأوا ثواب الآخرة لعلموا أنه أكبر حسنة من الدنيا.
• اليقين لا يزول بالشك، مهما اشتدت الأزمات وزادت الشكوك والشبهات فاليقين في قوله سبحانه:" لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ".
• الآية من مقاصدها بث التفاؤل لكل من هاجر مظلوما فما عند الله خير وأبقى.
• اليقين أن الله إذا أغلق بابا فتح أبوابا أخرى كثيرة، فقد هاجروا فأعطاهم الله جزاء حسنا في الدنيا والآخرة أفضل.
• أي وسيلة تخدم مقاصد الشارع فهي محمودة، فقد هاجروا ففتح الله عليهم.
• من لم يتمكن من الهجرة بعد ظلمه فهو معذور ، فلا تكليف بما لا يطاق، ولا واجب مع العجز.
• الحاجة تنزل منزلة الضرورة فقد تكون الحاجة للهجرة كالضرورة في بعض الأحيان.
• لكل عمل أسباب وشروط وموانع، فمن أسباب هجرتهم أنهم من المظلومين ، ومن شروط الجزاء الحسن الصبر والتوكل ومن الموانع الجزع.
• إذا زال المانع عاد الممنوع، فلو تم رفع الظلم فلا حاجة للهجرة إلا لأسباب أخرى.
• لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وقد يكون هذا من أسباب الهجرة المشروعة.
• يجب أن تكون الهجرة مشروعة محققة لمقاصد الشارع ولا تؤدي لهلاك الدين أو النفس أو المال أو العقل أو النسل.
• التعبير بصيغة الماضي في الصبر والمضارع في التوكل " الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ" فقد صبروا على الظلم وتوكلوا على الله في هجرتهم لله.
• الأمر بالاستعانة بالصبر في كل الأمور ولذا أمرنا سبحانه بذلك فقال:{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ } [البقرة: 45]
• التقديم للأهمية والحصر والقصر فلم يقل سبحانه يتوكلون على ربهم بل قال:" وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ" فهم لا يتوكلون إلا على الله، ولا يتوكلون على بشر لا يملكون لهم نفعا ولا ضرا.

اسأل نفسك:
• هل تحرص على أن تكون صابرا متوكلا على الله؟
التوصية:
• الحرص على تجديد النية لله سبحانه وتعالى.
• نسأل الله أن يفتح لنا جميعا أبواب الخير والبركات... اللهم آمين آمين آمين.


القرآن الكريم، مقاصد الشريعة، أصول الفقه، التفسير الأصولي والمقاصدي.


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع