هل يمكن أن تكون المِحن سببا في جمال النتاج الفكري وغزارته
د. نكتل يوسف محسن | Dr. Naktal yousif mohsen
29/08/2024 القراءات: 791
تمثل البواعث احدى الأمور الدافعة لتطوير منتج ما في العالم، لأنها تعمل على رفع همم العاملين فيها على تحسين نتاجهم ، وينطبق هذا الامر بصورة كبيرة على النتاج الفكري فالبواعث في عالم الكتابة وإن اتفقت من حيث الأسم إلا أنها تختلف من حيث المفهوم، إذ تقسم البواعث المشجعة على الأداء الفكري إلى قسمين: الأول يتمثل في البواعث التشجيعية التي تقوم بها الدور والمؤسسات العلمية العامة والخاصة لدفع مفكريها وكتابها على تحسين الانتاج، عبر تشجيعهم بهدايا ذات بُعد مادي أو معنوي ، ومن ذلك ما كان يقوم به الخلفاء والأمراء من تحفيز وتشجيع وصل لحد أن يعطى المؤلف وزن الكتاب ذهباً فازدهرت العلوم وأصبحت بغداد حينها عروس الشرق بفضل هذا التشجيع والتحفيز". أما القسم الثاني من هذه البواعث فيتمثل في الألم الذي يتركه فقدان حبيب أو حبيبة أو شخصٍ مقربٍ من الكاتب، أو مرض ما أو كارثه عامة أو حالة اجتماعية سيئة يمر بها الكاتب في وقتٍ ما، فتدفع به إلى كتابة أحاسيس ومشاعر لا يمكن كتابتها بهذا الشكل إلا في هذه الظروف. ولعل ما وصلنا من شعر الخنساء التي رثت أخاها صخراً حتى فقدت البصر ما يعبر عن هذا بصورة جلية، وهو نفس الباعث الذي قدم لنا اشعار الرثاء في الأدب العربي الذي يعتمد على الهيام والفقد والوجد كمحفز لينتج لنا أبيات شعرية غاية في الروعة ، وكما هو الحال الذي أوصل أسامة بن منقذ إلى كتابة كتاب " المعاهد والديار " حيث جمع الأشعار التي كتبت بعدما ضرب زلازل الشام وفقد كثير من أهلها ، وهو نفس الحال الذي قد يوصلنا الى ترك الحياة والهرب منها إلى الكتابة في عزلة تامة عن العالم فتنتج خير ما خطته الأقلام، وهو أمرُ حَدَا بالكاتب عبد الرحيم هريوي للقول: " تولد الكتابة من رحم الوجع". إن البواعث السلبية من الأمور التي تدفع الإنسان للنتاج الفكري، وتجعله يبدع في إخراج العمل، لأنه يعطي العمل كل وقته واهتمامه، بسبب عزلته التامة عن العالم لظرف ما، وتركيزه في أمر واحد، فيكسب العمل جودة ورصانة لم يكن ليكسبها لولا الظرف السلبي الذي مر به.
الباعث، المحن، المصائب، زيدة النتاج الفكري
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف