مدونة د. طه أحمد الزيدي


عنوان الكتاب (كيف تضع عنوانا معبرا لكتابك )

د. طه أحمد الزيدي | Dr. TAHA AHMED AL ZAIDI


07/03/2022 القراءات: 691  



انه (المصباح الذي يجذب بنوره العيون ويستقطب بضيائه الأفئدة)
عنوان الكتاب يمثل طُعما للقارئ أو مصباحا منيرا أو اعلانا مضيئا أو علامة ارشادية، يجذب نظر القارئ ويغريه، ويشد قلبه أو عقله إليه، ولطالما اعتنى المؤلفون والكتاب بعناوين مؤلفاتهم وتصانيفهم، وقد تصبح العناوين كالمثل الذي يتداوله الناس لجودته وقوة تعبيره وأصالته، بل بعض المؤلفين عرفوا وتميزوا بأحد عناوين مؤلفاتهم، كالإمام احمد صاحب المسند ومالك صاحب الموطأ، والرسالة للشافعي، والمستدرك للحاكم، وإحياء علوم الدين للغزالي، ورياض الصالحين للنووي، والبداية والنهاية لابن كثير، وفتح الباري لابن حجر العسقلاني ، والمغني لابن قدامة والمحلى لابن حزم، والفهرست لابن النديم، ولسان العرب لابن منظور والقاموس المحيط للفيروزآبادي، وسير اعلام النبلاء للذهبي، وهكذا في بقية العلوم والفنون، كما تتجلى أهمية اختيار العنوان المناسب تجاريا لأنه سيكون سببا في رواجه وتسويقه وارتفاع مبيعاته.
ومما يؤكد هذا المعنى أن بعض العلماء يعرف وينسب بأحد كتبه أو أشهرها، مثل: محمد بن حبيب بن أمية بن عمرو الهاشمي: ويعرف بالمحبِّري نسبةً إلى كتاب ألَّفه باسم (المحبَّر) قال الزِّرِكْلي رحمه الله عند تعداده لكتبه: و(المحبَّر) بفتح الباء وتشديدِها، وإليه يُنسَب.
كما إن النعي أو الاعلان عن وفاة بعض العلماء يكون بأشهر مؤلفاته، مثل هذه العناوين:
- وفاة الشيخ سعيد بن علي القحطاني مؤلف كتاب "حصن المسلم" صباح اليوم الاثنين، 01 أكتوبر 2018م.
- وفاة العلامة السوري محمد علي الصابوني صاحب كتاب "صفوة التفاسير" صباح يوم الجمعة 19/3/2021.
وبالمقابل هنالك كتب نُسبت إلى كتَّابها، أو نسبت إليهم اختصارا، ولاسيما كتب التفسير والحديث والعقيدة والفقه والتاريخ واللغة، مثل:
- تفسير الطبري وتفسير الرازي وتفسير ابن كثير وتفسير الآلوسي.
- وفي الحديث: موطأ الإمام مالك ومسند الإمام أحمد، وصحيح البخاري وصحيح مسلم وسنن أبي داود وسنن النسائي وسنن الدارمي ومعجم الطبراني، والأربعون النووية.
- وفي العقيدة: العقيدة الطحاوية، والعقيدة النسفية، والعقيدة السفارينية.
- وفي التاريخ: تاريخ الطبري ومقدمة ابن خلدون والسيرة لابن هشام.
- وفي الفقه: متن القدوري، ومتن الخرقي، ومختصر خليل، وشرح الرحبية وشرح السراجية في المواريث.
- وفي النحو: الآجرومية وألفية ابن مالك، وشرح ابن عقيل عليها.
- وفي الأدب والشعر: المفضليات، والأصمعيات ومقامات الحريري ومقامات الزمخشري، وديوان المتنبي، وهكذا.

من سمات العنوان الجيد
1- أن يكون معبرا عن الموضوع أو يستوفي فكرة الكتاب وله دلالة على محتواه، وإلا فإنه سيفقد قيمته مثلما سيهمل مؤلفه ولا يتابع لأنه مخادع، صَنَّفَ رَجُلٌ كِتَابًا سَمَّاهُ " كِتَابُ الِاخْتِلَافِ"، فَقَالَ الإمام أَحْمَد: لا تسمه كِتَاب الِاخْتِلَافِ ؛ ولكن سَمِّهِ " كِتَابَ السِّعَةِ".
يقول الاديب المصري مصطفى لطفي المنفلوطي: "لقد جهل الذين قالوا إن الكتاب يعرف بعنوانه فإني لم أر بين كتب التاريخ أكذب من كتاب بدائع الزهور ولا أعذب من عنوانه، ولا بين كتب الأدب اسخف من كتاب جواهر الادب ولم أرَ من اسمه أعذب اسما".
2- أن يتَّسم بالتجديد والأصالة، والانفراد وعدم سبق استعماله، أو على الأقل غير مستهلكة ومتداولة في العناوين، أو فيه مفردة مثيرة جذابة تستقطب القارئ، ولها نصيب في فكرة الكتاب، وهذا ما أميل اليه في بعض مؤلفاتي مثل: كتاب المرجعية في ضوء السياسة الشرعية أو الاعجاز الإعلامي أو فقه المصطلحات أو نظريات السلطة.
يقول الشيخ علي الطنطاوي: "لو سئلت ما هو أشهر كتاب عربي؟ لقلت: إنه القاموس للفيروزأبادي، فقد بلغ من شهرته أن سمي كل معجم قاموسا، مع أن القاموس اسم لهذا الكتاب وحده".
3- واصفا الموضوع ولا يتضمن حكما مسبقا عليه؛ لأن ذلك يفقد الكتاب مبرر بحثه ما دام الحكم ثابتا ومقررا فلا حاجة لدراسته والكتابة فيه، وإنما اظهاره كما في الفتاوى أو تأكيد النتيجة، مثل: (عملة البيتكوين وحكمها في الفقه الإسلامي) أنسب من (حرمة عملة البيتكوين).
4- العنوان الموجز، مع وضوح مفرداته وقلة عددها، والمختصر من غير إخلال مع سلاسة السبك وتجنب السجع المثقل وغير المناسب والألفاظ الغامضة، مثل: لسان العرب لابن منظور، والقاموس المحيط للفيروزآبدي، والمغني لابن قدامة، والمحلى بالآثار لابن حزم، والحماسة لأبي تمام، ورسالة الغفران للمعري، والبداية والنهاية لابن كثير، والأعلام للزركلي، وحي القلم للرافعي، ولا تحزن لعائض القرني، والتوطئة في أحكام الأوبئة، والاعجاز الإعلامي للمؤلف.
يقول جوزيف بتلر: "في الكتب رأس الكمالات جميعها أن تكون واضحا وموجزا".
5- وقد يستلزم العنوان تفصيلا ولاسيما الكتابات العلمية السابقة والمعاصرة، وهنا يمكن الاحتفاظ بالعنوان العلمي كعنوان ثانوي أو فرعي وصياغة عنوان رئيسي مختصر، والأولى أن يفعله المؤلف وإلا قام به غيره من النساخ أو الناشرين أو العرف المكتبي.
6- العنوان التجاري أكثر رواجا وأسهل ترويجا من العنوان العلمي، ولذا ينبغي تعديل عناوين الرسائل الجامعية عند نشرها؛ لأن عناوينها علمية وليست تجارية تستهوي القارئ، كان عنوان رسالتي الأولى في الماجستير (أثر استخدام الطريقتين الاستقرائية والقياسية في تحصيل طلاب الرابع أعدادي إسلامي في مادة مصطلح الحديث النبوي) وحينما طبعتها مع إضافة مباحث لها أصبح عنوانها: تدريس الحديث النبوي وعلومه الأصالة والمعاصرة، فتم إعادة طباعته واعتمد كمنهج في بعض جامعات دول المغرب العربي.


التأليف- لماذا نؤلف- تجربتي في التأليف- عنوان الكتاب- صفات العنوان المؤثر


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


شكرا جزيلا لكم على هذا الموضوع القيم.


أشكرك على هذا المقال المثمر و النافع


اشكر صدق مشاعركم وحسن اهتمامكم نسأل الله النفع والقبول