مدونة .. أ. د. خالد عبد القادر منصور التومي


طوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه (العلم)

أ.د. خالد عبد القادر منصور التومي | Prof. Dr. Khaled A. Mansur Tumi


02/05/2019 القراءات: 6170  


السلام عليكم و رحمة الله ،،،

.. طوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه ..

أخوتي الأعزاء ،،

أسعد الله يومكم بكل خير ،

عن أنس بن مالك .. رضي الله عنه .. قال .. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم .. إنَّ من الناس ناساً مفاتيح للخير مغاليق للشر، و إنَّ من الناس ناساً مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، و ويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه .. حيث أن العمل الصالح من آثار العقيدة السليمة .. فالمؤمن يخاف الله و يطيعه .. و يخالف نفسه و يعصى هواه .. و يقًدم الآخرة الباقية على الدنيا الفانية؛ هذا في تعامله مع الله تعالى .. أما مع الناس فهو مفتاح خير، و دلال معروف، و سفير هداية، و رسول صلاح .. مِغلاق شرِّ و دافع بلاء و مانع نقمة و صمام أمان من غضب الرحمن.

كما أن الإسلام عندما أمرنا و كلفنا بالعمل الصالح؛ لم يجعله بالمال فقط فيختص به الأغنياء، و لا بالعلم فيختص به المثقفون، و لا بدنياً ينفرد بها الأقوياء، و لكنه جعله عملاً إنسانياً عاماً يتقرب به كل إنسان إلى الله تعالى على قدر طاقته؛ فيشترك فيه الفقير و الغني، و الأمي و المتعلم، و الضعيف و القوي؛ إلا أن صفة المؤمن أنه دائماً مفتاحاً للخير و مغلاقاً للشر و راغباً في رحمة الله و جنته.

قال رسول الله .. صلى الله عليه و سلم .. عند الله خزائن الخير و الشر .. مفاتيحها الرجال .. فطوبى لمن جعله الله مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر، و ويل لمن جعله الله مفتاحاً للشر مغلاقاً للخير.

حيث قال الراغب الأصفهاني .. الخير ما يرغب فيه الكل .. كالعقل مثلاً و العدل و الفضل، و الشر ضده، و الخير قد يكون خيراً لشخص و شراً لآخر و الشر بالمثل كذلك، كالمال الذي ربما يكون خيراً لشخص و شراً لآخر، و لذلك وصفه اللّه بالأمرين.

و قال الطيبي .. المعنى الذي يحتوي على خيرية المال و على كونه شراً هو المُشبه بالخزائن، فمن توسل بفتح ذلك المعنى و أخرج المال منها و أنفق في سبيل اللّه و لا ينفقه في سبيل الشيطان، فهو مفتاح للخير مغلاق للشر، و من توسل بإغلاق ذلك الباب بإنفاقه في سبيل اللّه و فتحه في سبيل الشيطان فهو مغلاق للخير، مفتاح للشر.

و قال المناوي .. في التعليق على هذا الحديث الجليل .. إن من الناس ناساً مفاتيح للخير مغاليق للشر، و إن من الناس ناساً مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى .. أي حُسنى أو خيراً .. و هو من الطيب أي عيشاً طيب .. لمن جعل اللّه مفاتيح الخير على يديه، و ويل شدةً حسرةً و دمار و هلاك .. لمن جعل اللّه مفاتيح الشر على يديه.

و بهذا تعيش في مجتمعك ينبوعاً يفيض بالخير و الرحمة، و يتدفق بالنفع و البركة، تفعل الخير و تدعو إليه، و تبذل المعروف و تدل عليه .. فإنك مفتاحاً للخير و مِغلاقاً للشر.

كما أن معرفة مفاتيح الخير و الشر بابٌ عظيم و من أنفع أبواب العلم، لا يوفق لمعرفته و مراعاته إلا من عَظِمَ حظه و توفيقه، فإن الله سبحانه و تعالى جعل لكل خير و شر مفتاحاً و باباً يدخل منه إليه، فجعل الطاعة مفتاحاً لسكينة النفس، و الاستغفار مفتاحاً لاستجلاب الخيرات، و التذلل بين يديه مفتاحاً لرحمته و مغفرته، و الصدقة مفتاحاً لإطفاء الخطيئة، و الصدق مفتاحاً للبر .. كما جعل بالمثل الشرك و الكبر و الإعراض عما بعث الله به رسوله .. صلى الله عليه و سلم .. و الغفلة عن ذكره و القيام بحقه مفتاحاً للنار، و جعل الخمر مفتاح كل إثم، و جعل الغي مفتاح الزنا، و جعل الكسل مفتاح الخيبة و الحرمان، و جعل المعاصي مفتاح الكفر، و جعل الكذب مفتاح النفاق، و جعل الشُح مفتاح البخل، و قطيعة الرحم و أخذ المال من غير حلّه .. عذراً .. فهذه الأمور لا يصدق بها إلا كل من له بصيرة صحيحة، و عقل يعرف به ما في نفسه و ما في الوجود من الخير و الشر .. لذلك ينبغي علينا أن نعتني كل الاعتناء بمعرفة المفاتيح و ما جُعلت المفاتيح له، و الله من وراء توفيقه و عدله، له الملك و له الحمد و له النعمة و الفضل، سبحانه لا يُسأل عما يفعل و هُم يُسألون.

نسأل الله العلي القدير أن يجعلنا و اياكم و ذريتنا مفاتيح للخير مغاليق للشر .. و أن يهدينا و يصلح بالنا و حالنا و سائر ما همنا .. و أن يأذن لنا بالفرج القريب الذي يُبدل به سبحانه حالنا إلى أحسن و أفضل حال .. بإذنه القريب المجيب المتعال ذو الجلال و الاكرام .. و صلِ اللهم على سيدنا محمد النبي الأمي و على آله و صحبه و على جميع الأنبياء و المرسلين في كل وقت و حين عدد ما وسعه علم الله العليم علام الغيوب الفعال لِما يُريد.

جزيل الشكر مع عظيم الامتنان.


مفاتيح الخير، الدال على الخير، العامل في نقل العلم و المعرفة.


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع