مدونة الدكتور/ أحمد عرفة أحمد يوسف


هل يجوز سداد ديون الميت من أموال الزكاة؟

د/ أحمد عرفة أحمد يوسف | dr: ahmed arafa ahmed yousef


07/04/2022 القراءات: 1569  


وصلني سؤال يقول:
هل يجوز سداد ديون الميت من أموال الزكاة؟
الجواب:
اتفق الفقهاء على أن مصارف الزكاة هي المصارف الثمانية التي حددها الله سبحانه وتعالى بقوله: "إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ}(التوبة:60)، وعليه فإن من مصارف الزكاة الغارمين، وهذا الغرم في الزكاة قد يكون لمصلحة نفسه، أو لمصلحة غيره كأن يتحمل الدين من إصلاح ذات البين، لذا شرع الله عز وجل قضاء ديون الغرماء من أموال الزكاة.
ومع اتفاق الفقهاء على أن من مصارف الزكاة الغارمين، إلا أنهم اختلفوا في حكم قضاء ديون الميت من أموال الزكاة على قولين:
القول الأول: ما ذهب إليه الحنفية والحنابلة، والأصح عند الشافعية أنه لا يجوز صرف الزكاة لسداد ديون الميت، قال الإمام النووي-رحمه الله-: "لو مات رجل وعليه دين ولا تركة له هل يُقْضَى من سهم الغارمين؟ فيه وجهان حكاهما صاحب البيان: (أحدهما) لا يجوز، وهو قول الصيمري ومذهب النخعي وأبي حنيفة وأحمد، (والثاني) يجوز؛ لعموم الآية، ولأنه يصح التبرع بقضاء دينه كالحي، ولم يرجِّح واحدًا من الوجهين، وقال الدارمي: إذا مات الغارم لم يُعْطَ ورثتُه عنه. وقال ابن كج: إذا مات وعليه دين فعندنا لا يدفع في دينه من الزكاة، ولا يصرف منها في كفنه، وإنما يدفع إلى وارثه إن كان فقيرًا، وبنحو هذا قال أهل الرأي ومالك. قال: وقال أبو ثور: يقضى دين الميت وكفنه من الزكاة". (المجموع 6/ 211). لكن صحَّح النووي-رحمه الله- في الروضة عدم الجواز، فقال: "الأصح الأشهر أنه لا يقضى دين الميت من سهم الغارمين"(روضة الطالبين 2/320).
القول الثاني: ما ذهب إليه المالكية، وقول للشافعية، ورواية عند الحنابلة أنه يجوز سداد ديون الميت من أموال الزكاة الذي لم يترك وفاءً إن تحققت فيه شروط الغارم، جاء في (الشرح الكبير 1 /496): "مدين يُعطى منها ما يوفي به دينه إن كان حراً مسلماً غير هاشمي، ولو مات المدين فيوفي دينه منها، ووصف الدين بقوله: يحبس -أي شأنه أن يحبس فيه- فيدخل دين الولد على والده والدين على المعسر وخرج دين الكفارات والزكاة"، قال الإمام الدسوقي -رحمه الله-: "قوله (ولو مات) رد بلو على من قال لا يقضى دين الميت من الزكاة؛ لوجوب وفائه من بيت المال... بل قال بعضهم: دين الميت أحق من دين الحي في أخذه من الزكاة؛ لأنه لا يرجى قضاؤه بخلاف دين الحي"(حاشية الدسوقي 1/ 496).
ومن خلال ما تقدم: يتبين لنا أن الراجح هو ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني من جواز سداد ديون الميت من أموال الزكاة إذا لم يترك وفاءً لدينه وتحققت فيه شروط الغارم، ويسقط عنه الدين، وتبرأ ذمة الدافع من الزكاة، وهذا ما نص عليه قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي بالقرار رقم 165(3/ 18)، وفيه:"...د: الغارمون: يشمل سهم الغارمين مَن ترتبت في ذمتهم ديون لمصلحة أنفسهم، ومن استدان لإصلاح ذات البين بالضوابط الشرعية، ويلحق بذلك تسديد الديات المترتبة على القاتلين خطأ، ممن ليس لهم عاقلة، وديون الميت إن لم يكن له تركة يوفى منها دينه. وهذا إذا لم يتم دفعها من بيت المال (الخزانة العامة(. والله أعلم.


فتاوى- الزكاة- سداد- ديون- الميت- من الزكاة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع