مدونة ياسر جابر الجمال


الفاعلية بين النصوص.... بين النص المقروء والنص المنتج

ياسر جابر الجمال | Yasser gaber elgammal


03/02/2024 القراءات: 598  


لست معنيًا بتقسيمات الأدباء للتناص سواء أكان دينيًا أو تاريخيًا أو غير ذلك أكثر من اعتباره ظاهرة فنية تدل على التأثير والتأثر، إذ إنها كاشفة بوضوح عن ذلك المتأثر، ملقية بظلال التجارب السابقة على كينونته، وبخاصة إذ نظرنا إلى التناص أنه ناتج عن إرادة حقيقة، أكثر من كونه احتذاء أو سرقة أدبية، أو غير ذلك من القضايا الأدبية .
والشعر السكندري شعر فريد إذ إن الإسكندرية مدينة فريدة بين حواضر العالم القديم والحديث، وقد استلهم الشعراء السكندريون تجارب شعراء سابقين لهم، من حيث الشكل أو المضمون، كما يرصد الباحث هذه المظاهر في هذا الفصل .
• التناص لغة :
يؤسس ابن منظور للمعنى اللغوي للتناص، فيرى أن يعادل الاتصال بين الأشياء، فيقول: يقال: هذه الفلاة تناصي أرض كذا وتناصيها أي تتصل بها"( ‏).
كما أن " (انتص) الشيء ارتفع واستوى واستقام، يقال انتص السنام والعروس ونحوها قعدت على المنصة (تناص) القوم ازدحموا"( ‏).
ولعل كلام "ابن منظور" أقرب إلى المعنى المراد، إذ إنه يؤكد على الاتصال بين الأشياء، والتناص هو اتصال بين الأعمال سواء كانت أدبية أو فكرية أو غير ذلك، إلا أنه عرف في الأدب أكثر من غيره، ويتبين ذلك في المعنى الاصطلاحي للتناص.
التناص اصطلاحًا :
ترى جوليا كريستيفا : أن النص عبارة عن لوحة فسيفسائية من الاقتباسات، وكل نص هو تشرب وتحويل لنصوص أخرى"( ‏).
وهي بذلك تؤكد على مشروعية التناص، وأن النصوص تأخذ من بعضها البعض، كما أن " ظهور مفهوم التناص في الدراسات النقدية الحديثة بمثابة الرد على المفاهيم البنيوية التي أكدت انغلاق النص على نفسه بحجة اكتفائه بذاته وأنه قائم بنفسه، فجاءت الدراسات التي تنتمي إلى ما بعد البنيوية، ومنها التفكيكية التي عدت النص بنية من الفجوات والشروخ التي مهدت بدورها إلى نقاد نظرية التلقي في الأدب والفن، ثم جاء نقاد التناص وعدوا النص كتلة من النصوص المستحضرة من هنا وهناك، إذ إن هذه الدراسات والمناهج انصبت على دحض أسطورة انغلاق النص واستقلاله المزعوم، وفي هذا الإطار ظهر مفهوم التناص على يد الباحثة(جوليا كريستيفا) التي طورت هذا المفهوم عن مفهوم الحوارية أو الصوت المتعدد الذي اقترحه الناقد والمفكر الروسي(ميخائيل باختين) "( ‏).
هذا إذا نظرنا إلى التناص باعتباره ظاهرة يؤرخ لها؛ لكن إذا نظرنا إلى التناص باعتباره ظاهرة محل دراسة وتحليل، فإن ذلك يقودنا إلى قضية النص الغائب، و" - النص الغائب- مصطلح نقدي جديد، ظهر في ظل الاتجاهات النقدية الجديدة، وعنى أن العمل الأدبي يُدرك في علاقته بالأعمال الأخرى. فالأدب ينمو في عالم مليء بكلمات الآخرين. و(النص) تشكيل لنصوص سابقة ومعاصرة، أُعيدت صياغتها بشكل جديد. وليست هنالك حدود بين نص وآخر، وإنما يأخذ النص من نصوص أخرى، ويعطيها في آن واحد"( ‏)، و"ظاهرة تداخل النصوص هي سمة جوهرية في الثقافة العربية حيث تتشكل العوالم الثقافية في ذاكرة الإنسان العربي ممتزجة ومتداخلة في تشابك عجيب ومذهل"( ‏) .
ومع "تداول مصطلح التناص في مجالس النقد العربي وكتاباته تنامت امتدادات التناص الدلالية ... واستنزفه خلطًا والتباسًا وتشويشًا ولاسيما بعد اقتران مفهومه بمدونات النقد العربي القديم كالسرقة، والمعارضة، والمناقصة، التشاكل، والاشتراك، المحاكاة، الإعارة، والسطو .. وغيرها من المصطلحات المأثورة في التراث النقدي العربي "( ‏).


النصوص الفاعلية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع