مدونة د. غازي الحيدري


انتقل لمرحلة العطاء. د. غازي الحيدري

د.غازي الحيدري | Dr.Ghazi haidri


23/06/2022 القراءات: 1515  


سنواتٌ وسنوات قضيتَها وأنت تتنقل بين مدرسة وأخرى، ومن مرحلة لأخرى ؛ طالباً للعلم في مرحلة التعليم الأساسية والثانوية ثم في المرحلة الجامعية، متسلقاً سُلم الأكاديمية المعرفية، وقد تكون ممن توقف هنالك أو ممن واصل مسيرته الدراسية بعد الجامعية، ولكل همته وظرفه بالطبع.

وبغض النظر عن المرحلة التعليمية أو الأكاديمية التي رسيت عليها، فإن سؤالاً يبرز بعد كل تلك المراحل التي كنت فيها في حالة تحصيل وتجميع للعلوم والمعارف يقول : هل فكرت يوماً أن تنفق من ذلك التحصيل أياً كان؟ قليلٌ منه أو كثير وبأي طريقة كانت وبأي اسلوب؟
أم أنت من المحتكرين لذلك العلم، وستظل محتفظاً به لنفسك، ومنتفعاً به لشخصك فحسب ؟!🤔

قد يكون أحدنا واحداً من أحد هذين الصنفين، فإن كنت من الصنف الأخير فراجع حساباتك، فأنت في حالة من الخطر.. نعم!
وأما إن كنت من الصنف الأول، الذي قدم الشئ اليسير أو غيره فاحرص على أن تُلحِق ذلك العطاء بالإخلاص قدر الإمكان ، واستحضر أثناء أدائك بأن ذلك أداءٌ لواجب، وأن ذلك الأداء مفروضٍ عليك ، وزكاة تؤديها لما تفضّلَ اللهُ به عليك.

وقد يبرز هنا تساؤل آخر لدى البعض يقول : صحيحٌ بأني تحصّلتُ على الكثير من العلوم أوالفنون أو المهارات، لكن لا أجد الوسيلة أو الأسلوب المناسب لإنفاقه وتأدية زكاته، وما أملكه من الأفكار أو العلوم معلوم أصلاً، وقد لا يجدي نفعاً ؟

وللجواب أقول :
قد يستسهل الواحد منا مايملكه، لكنه ليس بسهل لدى الكثير من البشر، فهناك من يحتاج لليسير منه، فكل منا نسيج وحده، ومالديه من أفكار قد تختلف تماماً عما لدى غيره من البشر، وبالعطاء قد يفيد الغير وهو لايشعر ، بل قد يفتح لهم آفاقاً، وإذا لم يدرك قيمة مايملك قد تصعب عليه طريقة تأديته أو الأسلوب المناسب للعطاء، ويعدم الحيلة في ذلك فيكسل ويخمل ويتوقف عن تأدية زكاة علمه.

ومن هنا يمكننا القول: إن صعُب عليك العطاء في الميدان ومع من حولك، فأنت الآن في عصر الأجهزة الرقمية وتقنية المعلومات، عصر الصورة والجوال ، عصر التواصل العابر للقارات بلمح البصر، فالأمر أسهل مما تتخيل .

إذ يكفيك ـ على سبيل المثال ـ بأن تقرأ فقط ما تملكه من أفكار بصوتك ، أو تدونه على شاشة جوالك وسيطيرُ في ظرف ثوان لآلاف الناس إن لم يكن لملايين البشر في شتى بقاع الأرض.
فقط ـ أضف جهداً بسيطاً لتعلُّم بعض المهارات التقنية على جوالك، واستعن بأقرب الناس إليك ولو من الفتية وما أكثرهم للتعرف على كيفية استخدام تلك البرامج إن لم تكن تعلمها، ولن تكلفك كثيراً بالطبع ، وبذلك تستطيع وأنت على فراشك مشاركة العالم بأسره ببعض خبراتك ومعارفك وأفكارك، إذ أن تلك البرامج السهلة كفيلة بإيصال كل ذلك في ثوان .

فقط ما يلزمك هو استحضار النية واستنهاض العزيمة، واجعل العطاء والإنفاق هماً، وتذكر بأنك على ثغرة من ثغرات دينك وكيانك فلا تجعل هذه الثغرة مدخلاً للجمود والركود، والغفلة عن تأدية دورك في الحياة، ولاتنسَ بأنك يوماً ما مسؤولٌ عن كل ما تعلمت (إنّ السمعَ والبصرَ والفؤادَ، كلُّ أولئكَ كانَ عنهُ مسؤولا)

✍🏻 د. غازي الحيدري


أنفق زكاة علمك


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع