مدونة ياسر الدالي


حِصًَةُ التعبير .. أداءٌ مفقود، ونواتجُ شبهُ مُنعدمة.

ياسر الدالي | Yasser Addali


02/08/2022 القراءات: 2265  


حِصَّةُ التعبير .. أداءٌ مفقود، ونواتجُ شبهُ منعدِمة.
✍️ ياسر الدالي.

ما شجعني على كتابة هذا المقال مقالٌ جميلٌ لأخي الحبيب، الدكتور غازي الحيدري، حيث أعطى لفتاتٍ مهمةً على طريق إعادة الاعتبار لهذه الحصة الأساسية.
أقول: لا يختلف اثنان حول أهمية حصة التعبير، ودورها في خلق جيلٍ يمارس الكتابة، ويجيدُ التحدّث في كل أمرٍ من أمور الحياة العصرية، بل وإيصال أفكاره للآخرين بكل مرونةٍ ويسر.
فالتشخيص لواقع هذه الحصة ومخرجاتها يقول إن المشكلة تكمُن في كره المعلم والطالب لهذه الحصة، ولعل لهذا الكره أسبابه المنطقية، فضعف أداء المعلم، وعدم قدرته على إدارة هذه الحصة بنجاح، وكذلك عدم إلمامه بطرق وإستراتيجيات وأساليب تدريسها، ورتابة موضوعات التعبير، التي صيغت بطريقةٍ غير مشوقة، ولا جاذبةٍ ولا مثيرةٍ للطلاب، كذلك ضعف ممارسة المعلم نفسه للكتابة، وربما عدم إلمامه بأبجدياتها، وقواعدها، فلكل هذه الأسباب لا يتحمّس المعلم ولا الطالب لهذه الحصة، فوقتها رتيبٌ مملٌّ، يمرُّ بين نظرات الطلاب لبعضهم، واستجداء المعلم في الفتح لهم بكلماتٍ معينة، أو جملةٍ مفتاحية تمكنهم من الولوج في عملية الكتابة.
وإذا كان هذه الواقع، فالسؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يمكن أن نجعل حصة التعبير ناجحةً وتؤتي ثمارها؟
هنا جملة من المقترحات التي تصبُّ في إنجاح حصة التعبير، منها على سبيل المثال لا الحصر:
١- تأهيل المعلم وتدريبه على طرائق وإستراتيجيات وأساليب تدريس التعبير، لنجعل منه معلمًا قادرًا على العطاء، بل والإبداع فيه، ومن أروع الإستراتيجيات في تدريس التعبير إستراتيجية التعلم القائمة على المشروع، فهي من الإستراتيجيات المفيدة في تعليم مهارات اللغة بصفةٍ عامة، ومهارات التحدث والكتابة بصفةٍ خاصة، فالطالب يقرأ كي يكتب كتابةً جيدة، ويستمع كي يتحدث بطلاقةٍ عالية، ويكون للمتعلم الدور الإيجابي في جمع المادة التعليمية، كما يؤدي استخدام هذه الإستراتيجية إلى تنمية مهارات التعلم الذاتي.
فهي تجعل المتعلم محور عملية التعلّم، والمعلم هو الوسيط والميسر، وتضع المتعلم في مواجهة المشكلة في سياقها الطبيعي، فالطلاب في هذه الإستراتيجية يمارسون مهارات اللغة بصورة طبيعية، فهم يكتبون ويعرضون شفويًا، ويحاورون، ويتأملون .. فتكليف الطلاب بمشروعاتٍ وظيفيةٍ يجعلهم يمارسون اللغة ممارسةً وظيفية؛ سعيًا منهم لتحقيق نواتج التعلم المحددة سلفًا، فهم يقرؤون، ويتحدثون، ويجمعون المعلومات، ويستمعون إلى أكثر من مصدر، لتتضح كل هذه الممارسات في صورةٍ إنتاجية، مستخدمين في ذلك مهارات التحدّث في العرض الشفوي، ومهارات الكتابة في العرض التحريري، وغيرها من الطرائق والإستراتيجيات ما لا يتسعُ هذا المقال لذكرها، إنما هي إشارةٌ أحببتُ أن تُعطى للمعلم.
٢- تعليم الطلاب أسس وقواعد التحدث والكتابة، فنرسي لديهم مدماكًا قويًا وصلبًا في فنون الكتابة، وأساليب وأنواع التقديم للموضوعات المختلفة، وتقسيم أي موضوع إلى عناوين فرعية، أو أفكار رئيسة تشكل بمجموعها صُلب الموضوع، ثم أساليب العرض، مع كيفية استخدام أدوات الربط، وأنواع الخاتمة.
٣- طرْق موضوعات محبّبة لدى الطلاب، بحيث يكون فيها من الإثارة والتحفيز ما يدفعهم إلى الكتابة وإن بشكل مبسط في بادئ الأمر، وفي مقدمة هذه الموضوعات، موضوعات ذات علاقة بالطالب ومحيطه البيئي، فعلى سبيل المثال: برنامجك اليومي من الصباح حتى المساء، موقف إيجابي رأيته وأثار إعجابك، وموقف آخر خاطئ رأيته وأثار حفيظتك، نصيحة تقدمها لزميلك الذي قرر ترك مقاعد الدراسة، قصة قصيرة مبعثرة يعيد تكوينها، صورة يتأملها ويؤلف حولها قصة من أسطر، كلمات محددة يستخدمها في تكوين قصة أو فقرة، موضوعات ذات طبيعةٍ تخيّليّةٍ، وغيرها من الموضوعات التي تثير اهتمامهم،
وأقترح لإعداد تلك الموضوعات ورشة عمل على مستوى كل مرحلة دراسية لمناقشة موضوعات التعبير المختارة، بحيث تصاغ صياغةً جاذبةً ومشوقةً ومحفزة، ومزودةً بكل الطرق والوسائل التي من شأنها تحقيق الأهداف، ثم توضع في ملزمة باسم (مقرر التعبير) الخاص بالمرحلة.
٤- تفعيل مكتبة المدرسة وتوفير الكتيبات، والقصص، والحكايات، والروايات التي من شأنها دفعهم نحو القراءة، وعمل مسابقات في الأكثر قراءةً، والأفضل تلخيصًا، والأجمل إلقاءً ارتجاليًا، والأبدع كتابةً، لِمَ كل ذلك؟ لأن القراءة، والتلخيص، والإلقاء هي السبيل الأمثل لإكسابهم المفردات، والثروة اللغوية المساعدة على التحدث والكتابة.
٥- تشجيع الطلاب على الكتابة الحرة، ككتابة القصص القصيرة والخواطر، والأشعار، والسيناريو المسرحي، وتقديمها في الطابور، ووضع نتاجاتهم الفكرية في المجلات الحائطية.
٦- تخصيص يوم للتحدث والكتابة بالعربية الفصحى، ووضع جوائز رمزية لمن يتمكن من اجتياز ذلك اليوم بنجاح كبير، وهذا النشاط من شأنه أن يغرس فيهم حب اللغة العربية، ويساعدهم في استخدام تراكيب لغوية صحيحة قدر الإمكان.
٧- حصر أبرز القواعد والأخطاء الإملائية في كل مرحلة دراسية، وعمل تطبيقات مكثفة وفق طرائق تدريس الإملاء المتنوعة، لتجاوز الأخطاء، واستيعاب القواعد؛ كون الإملاء الصحيح من أساسيات الكتابة السليمة.
إن تنمية مهارة التحدث والكتابة ليست محصورة في معلم اللغة العربية، وإن كانت تعد أولى أولوياته، ولكن يشترك معه بقية المعلمين في تقديم كل أشكال المساعدة، والدعم الذي يحتاجه المتعلم، كالعمل على تحقيق المستويات العليا من مجالات الأهداف السلوكية الموجهة نحو المتعلم والتي تدفعه لممارسة التحدث والكتابة، كالوصف، والتحليل، والتعليل، والاستنتاج، والاستنباط، والتركيب، وإبداء الرأي ووجهة النظر، وغير ذلك، حينها يكون الجميع قد ساهم في تحقيق ما نصبو إليه من هدف.

والله من وراء القصد.


حصة التعبير


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


بورك قلمك أستاذ ياسر ودام مداد يراعك نابضاً وداً للهوية.. فلغتنا أمنا وبعزها تتحقق لنا العزة، وكم ذل أقوام بذل لغات.. نأمل من معلمينا في مدارسنا ان يولوا هذه المادة جل اهتمامهم فهي أساس لفهم بقية المواد.. شكرا لك مجددا


تشكراتي دكتور غازي،


وهذا هو رابط مقالنا المشار إليه https://portal.arid.my/ar-LY/Posts/Details/ac5e7714-748f-4bcc-99bb-fc94f69a97f8?t=%D8%AD%D8%B5%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A8%D9%8A%D8%B1----%D9%87%D9%84-%D8%AA%D9%88%D9%81%D9%89-%D8%AD%D9%82%D9%87%D8%A7-%D8%9F